بماذا ينفعك هذا اللسان الغاش؟ وبماذا يفيدك؟! عندما يتملقك الناس أو يمدحونك، ماذا تعطى حينئذ وماذا تزاد؟! لماذا يضطرب قلبك أمام كلمة المديح، ولا تحتملها؟ وأنت تعرف أنها كلمة غش، قد أملتها السياسة أو المجاملة. أو ربما الذي يكلمك يعرف أنك تحب هذا الكلام الحلو، فقدمه إليك لكي يضحك عليك...
وأخطر ما في الأمر أن يغير الإنسان أسلوبه في الحياة. من أجل اللسان الغاش ومديحه، أو خوفا من الإنتقاد!
قد تلبس الفتاة ملابس لا تقبلها الحشمة مطلقا، لكن يقول لها اللسان الغاش إنها [عصرية] أو لكي لا توصف بأنها متأخرة لا تساير الموضة!! وقد يضحك إنسان على كلام لا يليق، حتى يوصف بأنه لطيف يفهم النكتة ويستذوق المرح!! وقد يدخل في بيته بعض آلات الترفيه المعثرة، حتى لا يقال إن بيته ناقص في أثاثه، وحتى لا يقال عنه إنه متأخر! بماذا تضرك يا آخى كلمة [متأخر]؟ وماذا تعطى وماذا تزاد عندما توصف بأنك رجل [عصرى] ومعروف أننا في عصر مادى فاسد؟!
تذكر أن الكتاب يقول: (لا تشاكلوا هذا الدهر) (رو 12: 2) أي لا تصيروا شكله، بل إحتفظوا بشكلكم الروحي وطابعكم السامى... ان اللسان الغاش يريد أن يزحف داخل الكنيسة أيضًا وينادى بتطوير الدين!! طبعا توجد في الدين عقائد وروحيات ومثل وأخلاقيات لا يمكن أن تتغير... وهنا يسأل اللسان الغاش في خبث:
[وهل يبقى الدين جامدًا؟] سؤال مثير... ولكننا نجيب بأن الدين ليس جامدًا. انه واسع يملأ الدنيا كلها، ويعلو على كل شيء.
ونحن نقبل كل تطور، على أن يكون هذا التطور خاضعا لمبادئ الدين، ولا يكون الدين خاضعا للتطور. فللدين القيادة.
إننا لا نتأثر باللسان الغاش -مهما كان مثيرًا- ولا نغير روحياتنا أو عقائدنا بسببه. ماذا نعطى وماذا نزاد بإزاء اللسان الغاش.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
على أن اللسان الغاش قد يأتي بأسلوب آخر، ويقول:
لماذا أنت خائف من الخطية؟ لماذا لا تواجهها وتكون شجاعا؟ إذن فأنت جبان وضعيف وخائف! كن رجلا، وتقدم وجرب...
لا يا أخي، إحترس من هذا اللسان الغاش. فلس كل شيء يمكن أن تجربه. بل الحكمة أن تنتفع بخبرات غيرك وتجارب السابقين. هل يعقل أن تجرب السم، لتعرف أهو يقتل ويميت أم لا لقد قال الرسول: (أما الشهوات الشبابية، فاهرب منها) (2تى 2:22) لا تغتر باللسان الغاش إذا قال لك [أنت بطل، لأنك ترمى نفسك في النار ولا تحترق]! كلا، فٍان الكتاب المقدس يقول عكس هذا، فيسأل في إستغراب: (أيأخذ إنسان نارًا في حضنه ولا تحترق ثيابه؟! أو يمشى إنسان على الجمر ولا تكتوى رجلاه؟!) (أم 6: 27، 28) ولا تظن الهروب جبنا. فان يوسف لم يكن جبانا حينما هرب من إمرأة فوطيفار. بل كان مثالا للطهر. احترس إذن من اللسان الغاش، ومن أقواله الخاطئة عن الرجولة والشجاعة.
فاللسان الغاش قد يصور لك القوة في غير موضعها...
قد يقول لك: كن رجلا، ولا تقبل أي خدش لكرامتك: الكلمة تردها بعشرة، والإهانة تردها بقلمين أو قد يقول: (لماذا تتسامح مع فلان؟! إنه بهذا لا يقيم لك وزنا ولا كرامة. فكن شديدا معه، ولا تتراخ. موقفك سليم)!! إنه لسان غاش فاحترس منه لأن عمق الكرامة أن تكون في صورة الله المحب المتسامح الذي يغفر للكل. وعندما تتحمس لكرامتك، إنما تكون ضعيفا مغلوبا من كبريائك!
وإن كرهت اللسان الغاش في الآخرين، فاكره أيضًا في نفسك
قل لنفسك ماذا تعطى وماذا تزاد بإزاء اللسان الغاش؟ أية فائدة تعود على نفسي إذا تملقت إنسانا، أو غششته سعيا وراء رضاه؟ إنما يهمنى أن أرضى الله. أما الناس فلا يمكن أن أرضيهم بالغش على حساب المبادئ. (لو كنت بعد أرضى الناس فلست عبدا للمسيح) (غل 1: 10) يا ليتنا كلما نقول هذا المزمور، تبعد نفوسنا عن الغش وعن الرياء.
إن الكتاب المقدس يصف اللسان الغاش بالسهم القتال...
فيقول النبي: (لسانهم سهم قتال يتكلم بالغش. بفمه يكلم صاحبه بسلام، وفي قلبه يضع له كمينًا) (إر9: 8). ويقول داود: (أسنان أبناء البشر سلاح وسهام، ولسانهم سيف مرهف) (مز 57: 4). ولذلك فإن المرتل عندما تذكر هذه السهام المرهفة، صرخ إلى الله قائلًا:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/contemplations-vespers/false-tongue.html
تقصير الرابط:
tak.la/h592acq