طبيعي أن الله يسمع يسمع كل ما في الكون، فما المقصود بكلمة "استمع صوتي". ومثلها عبارة "اسمعنا" في لحن (افنوتي ناي نان)؟
المقصود ليس مجرد سماع الأذن، إنما الاهتمام والاستجابة.
مثلما نقول إن فلانًا من الناس له "كلمة مسموعة" أي أنها تصل إلى المسئولين وإلى كل المهتمين بالأمر، وتحدث تأثيرها، ويكون لها وزنها وتقديرها. وهكذا عندما يقول المُصَلِّي لله "اسمع صوتي".
أي اسمع بالاهتمام، بالقلب بالإرادة بالاستجابة.
ومن أشهر الصلوات في هذا المجال، صلاة سليمان يوم تدشين الهيكل.
إذ قال للرب في ذلك اليوم "لتكن عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلًا ونهارًا، لتسمع الصلاة التي يصليها عبدك في هذا الموضع. واسمع تضرع عبدك" (1مل 8: 29، 30).
وظل يستعرض حالات الشعب المحتاجة إلى معونة من الرب واستجابة. ويكرر في كل مرة عبارة "واسمع أنت في موضع سكناك في السماء" وفي إحدى المرات يقول "وإذا سمعت فاغفر". وفي مرة أخرى يقول "اسمع... واعمل وأعط كل إنسان حسب طرقه كما تعرف قلبه". وفي مرة أخرى يقول "اسمع صلاتهم وتضرعهم واقض قضاءهم" (1مل 8: 39، 49).
"اسمع صوتي" تُذَكِّرنَا بقول المُصَلِّي في المزمور الكبير "فلتدن وسيلتي قدامك... ولتدخل طلبتي إلى حضرتك" (مز 119: 169).
وهكذا يقول في مزمور آخر "أيها الرب إله الجنود اسمع صلاتي. أصغ يا إله يعقوب... التفت إلى وجه مسيحك" (مز 84: 8).
إنه يطلب السمع والإصغاء والاهتمام، بل والاستجابة، كما يقول:
"أصغِ يا رب إلى صلاتي، أنصت إلى صوت تضرعي... أستجب لي" (مز 86: 6، 7)
يقول "اسمع صوتي" ذلك لأن هناك صلوات لا تسمع، أي لا يلتفت الرب إليها، ولا يقبلها. إنها صلوات مرفوضة.
مثال ذلك قول الرب لليهود أيام إشعياء النبي، حينما كانوا يحفظون الفرائض ويصلون من شفاههم لا من قلوبهم، وهم بعيدون عن الله بخطاياهم. فقال لهم الرب "حين تبسطون أيديكم، استر وجهي عنكم. وإن أكثرتم الصلاة، لا اسمع. أيديكم ملآنة دمًا.." (أش 1: 15).
فهل يمكن أن يسد الله أذنيه، ويصد مثل هذا المُصَلِّي؟
نعم، هناك صلوات غير مقبولة، مثل صلاة الفريسي في مثل الفريسي والعشار (لو 18: 11، 12). أو صلوات "المرائين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس" (مت 6: 5). أو كالكتبة والفريسيين المرائين الذين "لعلة يطيلون صلواتهم، بينما هم يأكلون بيوت الأرامل" (مت 23: 14).
كلها صلوات لا يسمعها الله، أي لا تستحق أن يسمعها الله.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
فانا أصرخ إليك يا رب، لكي تسمع صلاتي، لكي تدخل صلاتي إلى حضرتك، لكي تقبلها إليك، على الرغم من خطاياي وعدم استحقاقي، وعلى الرغم من شعوري بعدم وجود دالة حاليًا بيني وبينك؟!
كل ما أريده أن تَصِل صلاتي إليك. وأترك الباقي إلى محبتك، أنت الذي لا تعاملني بحسب خطاياي، وإنما بحسب رحمتك.
إننا نعرف أن احتياجاتنا تصل إليك، حتى لو لم نُصَل!
كما قلت من قبل "قد رأيت مذلة شعبي. سمعت صراخهم بسبب مُسَخِّريهم... علمت أوجاعهم... فنزلت لأنقذهم" (خر 3: 7).
فعلت ذلك على الرغم من أنهم لم يصلوا وقتذاك.
كذلك قد يستمع الرب إلى دموعنا دون أن نصلي.
كما يقول المرتل في المزمور "أنصت إلى دموعي".
الدموع لها صوت يسمعه الله، حتى ولو بدون صلاة. ولكن لها استجابة من قلب الله الحنون. أو حتى لو كان الإنسان يصلي في قلبه، وصوته لا يسمع، كما كانت تفعل حنة طالبة من الله نسلًا، دون أن ترفع صوتها" (1صم 1: 13).
"استمع يا رب صوتي". أشعرني أنك استلمت صلاتي، وعرفتها. ودخل صراخي إلى أذنيك، ويكفيني هذا.
أصلي أن صلواتي تسمع. وسأستمر في الصلاة حتى أتأكد من هذا. واثقًا أنك ما دمت قد سمعت الصلاة، فسوف تتصرف.
يقول المرتل بعد ذلك: إن كنت للآثام راصدًا يا رب، يا رب من يثبت، لأن من عندك المغفرة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/contemplations-compline/hear-my-voice.html
تقصير الرابط:
tak.la/grh7vzk