St-Takla.org  >   books  >   pauline-todary  >   markos
 
St-Takla.org  >   books  >   pauline-todary  >   markos

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الأنبا مرقس الأنطوني ومغارته بدير الأنبا بولا بالبحر الأحمر - أ. بولين تودري

4- القديس مرقس الأنطوني

 

St-Takla.org Image: Coptic icon of Saint Markos El-Anthony (from St. Antonios Monastery, Red Sea, Egypt) صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية تصور القديس الأنبا مرقس الأنطونى - من دير الأنبا أنطونيوس، البحر الأحمر، مصر

St-Takla.org Image: Coptic icon of Saint Markos El-Anthony (from St. Antonios Monastery, Red Sea, Egypt).

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية تصور القديس الأنبا مرقس الأنطوني - من دير الأنبا أنطونيوس، البحر الأحمر، مصر.

مرقس كلمة لاتينية معناها مطرقة، وقد لُقب قديسنا عدة ألقاب منها: الشيخ أو الأب الروحاني أو المتوحد أو الراهب الساكت.

* وُلد هذا القديس في أواخر القرن الثالث عشر في بلدة منشاة النصارى بمحافظة أسيوط. اسم أبيه مخلوف واسم أمه أودوكسية. تنيح والده وهو صغير، وارتوى مرقس مِن فضائل أمه البارة القديسة، وأحب حياة البتولية مِن صغره، وعندما كبر قصد الصحراء الشرقية حيث دير الأنبا أنطونيوس، وتتلمذ على يد القمص روفائيل النعناعي الأنطوني، الذي أرسله إلى دير الأنبا بولا لحداثة سنه، ليُتيح له الفرصة للوحدة وعدم مخالطة الناس.

* عاش في دير الأنبا بولا ولم يُخالط أحدًا، وحفر لنفسه مغارة في بستان الدير (شكل رقم5) وعاش فيها ستة سنوات حياة التقشف والزهد والنسك، ويوجد بالدير عين ماء على اسمه، كان قد حفرها بنفسه ليسقى بها الأشجار ولخدمة الآباء الشيوخ، وقد أُطلق عليها بعد نياحته عين الشفاء، وذلك لشفاء الكثيرين مِن المرضى الذين يزورونها، وكان يشتغل حمالًا للحطب في برية الأنبا بولا. ولم يكن يحتذي بحذاء في قدميه وذلك إمعانًا في الزهد والتقشف. وكان يتغذى بالعشب والماء ولا يأكل سوى نوع واحد من الطعام، ويحرص على أن لا يشبع منه.

* في أحد المرات أُصيب القديس أثناء عمله مِن ضربة فأس على يده، وكان سيموت مِن شدة الضربة، فما كان مِن القديس إلا أن وضع يده على صورة العذراء مريم، فسمع صوتًا مِن الصورة قائلًا: [قم يا ابني مرقس لن يُصيبك موت في هذا الزمان بل تعيش لقيام آخرين].

* صار جسد القديس هزيلًا بسبب كثرة الصوم والعمل الشاق، حتى خاف عليه الرهبان فحملوه وذهبوا به إلى دير الأنبا أنطونيوس وطلبوا مِن رهبانه أن يعتنوا به.

* كان راهبًا مُطيعًا لكُل إخوته الرهبان الكبير منهم والصغير، حتى وهو في التسعين مِن عمره -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- وكان مثال للرحمة، ومِن أقواله: [ليس في الفضائل كُلها ما يصعد أمام الله أعظم مِن الرحمة]. لقد قضى زمانه كُله باكيًا، ومع ذلك كان بكاؤه ممزوجًا بالابتسامة. كما عاش مُفضلًا الصمت، لذلك أطلق عليه البدو "الراهب الساكت". وكان مواظبًا على حضور القداس والتناول مِن الأسرار المُقدسة كُل يوم طيلة حياته، وإذا لم يستطع لشدة مرضه، كان يأتيه ملاك الرب ويناوله. فقد كان له علاقة قوية بالسمائيين، وفى ذات مرة سمع القديس رعدًا عظيمًا في السماء لم يسمعه أحد مِن الإخوة، وقال لهم: [أقول لكم يا أولادي أن خطايا الناس وآثامهم قد علت إلى السماء، وهوذا لي ثلاثة أيام وأنا أسمع الشهداء والقديسين يطلبون أن تُباد الأرض وما عليها.... ولكن لم يدعهم المسيح قائلًا لهم: "أما تعلمون أن الفاخوري إذا كُسرت منه صحفة واحدة يحزن ويتألم عليها. أما تنظرون يا شهدائي آثار المسامير والحربة التي طُعن بها جنبي بسببهم. أما تنظرون آثار الضرب بالسياط الذي على جسدي مِن أجلهم. انتظروا قليلًا حتى يتوبوا عن خطاياهم ولا أمنع عنهم رحمتي"].

* وفى زمن السلطان برقوق والوزراء منطاش ويلبغا وسودون، تعرض القديس مرقس الأنطوني مع القس متاؤس لاضطهادات كثيرة، فقد حدث هجوم مِن الأجانب على الإسكندرية ونهبوا أموالها وسبوا نساءها ثم تركوها ومضوا. وقد كان لهذا الحدث أثر سيء على الأقباط في مصر. فإن الأمير يلبغا قام بالانتقام مِن الأقباط لأنهم مسيحيين مثل الأجانب المُهاجمين. وأرسل رُسلًا إلى جميع الديار الواقعة تحت سلطانه يطلب أموالهم ويستولى على أوانيهم، وعندما وصل إلى دير الأنبا أنطونيوس قبض على القس متى، الذي كان رئيسًا للدير في تلك الأيام، وعاقبه كثيرًا للحصول على أموال الدير وذخائره، ومِن أجل ذلك كان يوسعه ضربًا، فصاح الشيخ مرقس الأنطوني على الأمير ليرحم القس متى مِن الضرب المُبرح، فترك الأمير القس متى وضرب الشيخ عوضًا عنه. وبعد ما فرغ الأمير مِن الضرب أوثق القس متى والشيخ مرقس الأنطوني وبعض الرهبان وساقهم أمامه إلى مصر. وضيًق عليهم بالجوع والعطش والمشي حفاة في البرية. وظلوا هكذا إلى أن وصلوا إلى أطفيح، وهناك صدر أمرًا للأمير أن يُطلق الرهبان، فرجعوا إلى دير الأنبا أنطونيوس.

* ثم اُختير القس متى بعد ذلك ليصير البطريرك 87 سنة 1378م. في وقت سلطنة الملك المنصور، وبعد رسامته في الإسكندرية جاء إلى مصر حيث كان يُقيم في كنيسة العذراء بحارة زويلة.

* وقد بلغت ثقة السلطان برقوق في قداسة هذا البابا لدرجة أنه لمْ يقبل السلطنة إلا بعد استشارته. فقرر الأنبا متاؤس أن يذهب إلى دير الأنبا أنطونيوس ليسأل شيوخه في هذا الموضوع. قضى أسبوع الآلام هناك، وقبل أن يُغادر الدير رجا مِن القمص مرقس الأنطوني، الأب الروحي للدير، أن يذكره في صلاته وعرض عليه الموضوع، فقال له رجل الله: [اذهب بسلام يا أبانا ولا تخف لأن الرب في رحمته بك جعل أمامك السماء أرضًا والأرض سماء. وانصح برقوق بقبول السلطنة]. فعاد الأنبا متاؤس إلى القاهرة وذاق هو وشعبه أيامًا مِن الرخاء. ولقد حفظ السلطان برقوق له الود وأكرمه ورفض أن يقبل أي سعاية أو وشاية فيه. وكان السلطان يُرسل للبابا ما يصعب عليه مِن مشاكل فيحلها بإرشاد الروح القدس.

St-Takla.org Image: St. Marcos El-Antony Cave, at Saint Paul Monastery, Red Sea, Egypt - The cave got turned into a church now - photo: Joseph Yousry Ibrahim صورة في موقع الأنبا تكلا: مغارة الانبا مرقس الانطوني بدير الأنبا بولا، البحر الأحمر، مصر - المغارة من الداخل وقد تحولت إلى كنيسة الآن - تصوير: جوزيف يسري إبراهيم

St-Takla.org Image: St. Marcos El-Antony Cave, at Saint Paul Monastery, Red Sea, Egypt - The cave got turned into a church now - photo: Joseph Yousry Ibrahim

صورة في موقع الأنبا تكلا: مغارة الانبا مرقس الانطوني بدير الأنبا بولا، البحر الأحمر، مصر - المغارة من الداخل وقد تحولت إلى كنيسة الآن - تصوير: جوزيف يسري إبراهيم

* وحينما استبد الأمير سودون بالأنبا متاؤس وبشعبه، استحضر الأنبا رويس وبدأ يسأله عن حياته وأعماله فلم يُجبه بكلمة. فأمر بضربه 400 عصا. فانهال عليه الجند ضربًا وجرحوه وأسالوا دماءه. ولكنه ظل صامتًا. واحتدم سودون غيظًا وأمر بتشهيره، فألبسوه زيًا مسخًا وأخذوا يطوفون به في الشوارع وهم يستهزئون به ويضربونه ويبصقون عليه ويركلونه ويشدون شعر رأسه ولحيته، ورغم هذا كله بقى على صمته. وكان معه واحد مِن تلاميذه ناله أيضًا التعذيب والهزء. ولما وجد العتاة أن القديس في حال الموت رموه في السجن هو وتلميذه، وبقوا في السجن مع ثمانين آخرين مِن القبط لعدة شهور. إلى أن جاءهم بأمر الإفراج عنهم مِن السلطان برقوق.

* وأيضًا الأمير سودون هجم على بعض البيع ليهدمها، ومنها كنيسة العذراء المعلقة ودير شهران (حاليًا دير الأنبا برسوم العريان)، بدعوى أن بهم تجديدات. ودخل البابا في خصومة معه أمام السلطان برقوق، فأرسل السلطان قضاة الإسلام الأربعة ليُحققوا في الأمر، وأثبتوا كذب هذه الإدعاءات، وحُفظت الكنيسة والدير في سلام.

* أما الأنبا مرقس الأنطوني في أيامه الأخيرة صنع لنفسه تابوتًا مِن الخشب وكان لا يكف عن الجلوس أمامه باكيًا، حتى تحقق قُرب انتقاله وأوصى أن يُدفن في المكان الذي فيه الآن، في كنيسة الدير التي على اسمه .

* وفى يوم (8 أبيب - 15 يوليو) دق ناقوس لصلاة الساعة السادسة، فطلب القديس مِن إخوته أن يذهبوا للصلاة ويتركوه وحده. أما هو فأسند رأسه على أحد تلاميذه ورشم ذاته بعلامة الصليب وأسلم الروح بكُل هدوء وراحة.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pauline-todary/markos/morcos.html

تقصير الرابط:
tak.la/yc2mk8j