يقول المرتل بالروح: "إن لم يبن الرب البيت فباطلا يتعب البناؤون. وإن لم يحرس الرب المدينة فباطلا يسهر الحراس" (مز 126: 2،1). لأن "للرب الأرض وملؤها، المسكونة وجميع الساكنين فيها" (مز 23: 1). حقائق يجب أن لا تنسى عند التفكير في أي عمل فردى أو جماعي، وعند تنفيذ أي عمل إداري إنتاجي أو تسويقي.. إلخ.
من هذا المنطلق أيضا نجد أن الإرادة أو المشيئة البشرية التي يجب أن تحكم أي عمل أرضى أو منظومة إدارية مطلوب لها النجاح، لا بُد أن تتفق مع الإرادة أو المشيئة الإلهية.
"من أجل ذلك لا تكونوا أغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الرب" (أف 5: 17). إن إرادة الإدارة في المنظمات – ذات الملكية العامة أو الخاصة وفي الاقتصاد الرأسمالي أو الاشتراكي أو الشيوعي – لا بُد أن تكون جزءًا لا يتجزأ من الإرادة الكلية للرب الإله. "لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة" (في2: 13).
نحن نعنى بذلك أن الإدارة السليمة تعتمد على تسليم الأجيال لبعضها الخبرات الإدارية المكتسبة والمتراكمة نتيجة الأيام، كما تعتمد الإدارة أيضا على العلم والمعرفة، أو الحكمة والمعرفة كما كانت تسمى قديمًا.
إن السيد المسيح له المجد قد اختار تلاميذه والسبعين رسولًا، وظل يعلمهم ويدربهم لمدة ثلاثة سنوات تقريبًا حتى كانوا ينادونه "يا معلم"، ثم بعد أن اطمأن عليهم، فوضهم وأرسلهم ليكرزوا ويبشرون بين الأمم، وأوصاهم أن يختاروا هم أيضا تلاميذهم ويعلموهم: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم بإسم الآب والأبن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكُم به. وها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر" (مت 28: 20،19).
وقد إتبع التلاميذ والرسل نفس السياسة التعليمية في التسليم والتسلم، وذلك عند تبشيرهم في الأمم. حيث اختاروا هم أيضا تلاميذًا لهم في كل مكان بشروا فيه، وفي هذا الصدد يعلمنا بولس الرسول: "فمن ثم أيها الأخوة نسألكم ونطلب منكم في الرب يسوع، أنكم كما تسلّمتم منا كيف يجب أن تسلكوا وتُرضُوا الله، تزدادون أكثر" (1تس 4: 1).
وفيما يتعلق بالعلم والمعرفة أيضا.. نجد أن سليمان الحكيم في بداية حكمه قد طلب من الرب القدير لإدارة شئون الشعب قائلا: "أعط عبدك قلبًا فهيمًا لأحكم على شعبك وأميز بين الخير والشر لأن من يقدر أن يحكم على شعبك العظيم هذا" (1مل 3: 9). واهتمام سليمان الحكيم بالحكمة والمعرفة يظهر واضحًا خلال كل أصحاحات سفر الأمثال، ونفس الشيء يمكن أن يقال على سفر الجامعة. وأخيرًا، يجب أن تكون عملية التعليم الإداري للمتلقي مستمرة دون توقف. فيا أخي: "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك" (1تي 4: 16).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إن الإدارة هي مشاركة وعمل جماعي.. فلابد أن يشارك في العمل الإداري أكثر من فرد ومستوى إداري خاصة مع كبر حجم العمل أو المنظمة. من جهة أخرى فإن القرار الإداري لا بُد أن يسبقه عمل تشاورى كبير على أكثر من مستوى إداري، ليكون القرار أكثر ديمقراطية مما يسهل من عملية تنفيذه وتحقيق الأهداف المرجوة منه.
فمنذ بدء الخليقة سمح الله العلى لأبينا آدم بالمشاركة في اتخاذ القرار بإطلاق أسماء على الطيور والحيوانات (تك 2: 19، 20). إن الرب القدير كثيرا ما يُسر بإعلان مقاصده لكل اتقائه لأسباب كثيرة (محبة، نصح وإرشاد، تحذير.. إلخ.)، وهذا ما قام به الرب الإله عند ظهوره لسيدنا إبراهيم: "ثم قام الرجال من هناك وتطلعوا نحو سدوم وكان إبراهيم ماشيًا معهم ليشيّعهم. فقال الرب هل أُخفى عن إبراهيم ما أنا فاعله" (تك 18: 16، 17). واستكمالًا لمراحم الله وإعلان مقاصده لأنبيائه، ما قد قام به من "السماح لسيدنا إبراهيم بالتشفع من أجل سدوم" من خلال حوار تشاوري بينهما (تك 18: 23-33). وهناك أمثلة أخرى كثيرة يصعب حصرها في العهد القديم من الكتاب المقدس، توضح جماعية الإدارة والمشاركة في اتخاذ القرار.
وفي العهد الجديد. نجد في الكثير من تعاليم ومعجزات الرب يسوع، ما يوضح الديمقراطية في الإدارة والمشورة والجماعية عند صنع القرار. نفس الشيء نجده أيضا في الكنيسة الأولى، عندما أوصى التلاميذ الشعب باختيار عدد سبع شمامسة للمساعدة في الإدارة واتخاذ القرارات.
ومن أكثر الأمثلة التي توضح لنا تعاليم الكتاب فيما يتعلق بالجماعية في اتخاذ القرارات، ما قام به الرسل والتلاميذ في (أول مجمع مقدس بأورشليم) عند الاختلاف حول: هل هناك ضرورة من إلزام المؤمنين الجدد من غير اليهود بالختان وحفظ ناموس موسى (أع 15: 1-23).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/nagy-gayed/christian-management/principles.html
تقصير الرابط:
tak.la/f7jpjfj