إن "أول مجمع في الكنيسة" بأورشليم الذي تم الحديث عنه في: (أع 15: 1 - 21).. يعتبر المؤتمر الكنسي المسيحي الأول سواء على مستوى المكان أو الزمان. ومن هنا تأتى الأهمية الإدارية لهذا المؤتمر، ومن ثم التحدث عنه في هذا الكتاب للتعلم منه، وذلك على النحو التالي:
"وانحدر قوم من اليهودية، وجعلوا يُعلمون الإخوة أنه "إن لم تختتنوا حسب عادة موسى، لا يمكنكم أن تخلُصوا". فلما حصل لبولس وبرنابا منازعة ومباحثة ليست بقليلة معهم، رتبوا أن يصعد بولس وبرنابا وأناس آخرون منهم إلى الرسل والمشايخ إلى أورشليم من أجل هذه المسألة." (أع 15: 1، 2).
"ولكن قام أناس من الذين كانوا قد آمنوا من مذهب الفريسيين، وقالوا: "إنه ينبغي أن يُختنُوا، ويوُصوا بأن يحفظوا ناموس موسى" (أع 15: 5).
التفسير الإداري...
* بصفة عامة نتعلم من هذا المؤتمر كيف يجب أن تكون المؤتمرات الروحية والإدارية، سواء على مستوى الإعداد والتنفيذ، أو الأسباب والنتائج، أو إدارة الحوار... إلخ..
* فعلي مستوى الأسباب. كانت هناك أسباب فنية إدارية متخصصة أدت إلى طلب عقد هذا المؤتمر.. فعندما ظهر خلاف في وجهات النظر بين بولس وبرنابا من جهة، وتلاميذ أو مؤمنين آخرين من جهة أخرى، حول: هل هناك ضرورة من إلزام المؤمنين الجدد من غير اليهود بالختان وحفظ ناموس موسى؟ وعندما لم يستطيع الرسل اتخاذ قرار موحد حول موضوع النزاع.. ظهرت الحاجة مُلحة لعقد مؤتمر كنسي لحل سبب المشكلة (الخلاف في وجهات النظر).
* وبالفعل ذهب الرسل والتلاميذ المختلفين في الرأي –وعلى رأسهم بولس وبرنابا– إلى أورشليم سنة 53 م تقريبًا. حيث انعقد المؤتمر برئاسة يعقوب الرسول (ابن خالة الرب يسوع بالجسد) وأسقف أورشليم وأعلى رتبة كنسية في ذلك الوقت.. وبحضور أعضائه البارزين بطرس الرسول ويعقوب ويوحنا (ابنى زبدي)، بالإضافة إلى التلاميذ والرسل الآخرين الذين كانوا موجودين بأورشليم في ذلك الوقت. ونتعلم من هذا الأمر ضرورة أن يرأس أي مؤتمر " قيادة "، مؤهلة ومتخصصة -في موضوع المؤتمر أو المشكلة- ولديها من الحكمة والمعرفة والخبرة ما كان لدى يعقوب الرسول. ونفس الشيء يجب أن يتمتع به كل أو بعض أعضائه البارزين كما هو الحال مع بطرس ويعقوب ويوحنا وبولس وبرنابا والتلاميذ الآخرين.. إلخ..
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
* ومن خلال الإدارة الجيدة للحوار، يتم استعراض وجهة نظر كل فريق بديمقراطية وحرية تامة دون التحيز لرأى بعينه مهما كانت شخصية صاحبه أو مكانته. فقد تبنى بولس وبرنابا وجهة نظر تدعو إلى عدم الاثقال على مؤمنى أنطاكية الأمميين (غير اليهود) بالختان أو بحفظ ناموس موسى. وذلك على عكس وجهة النظر التي كان يراها أو يتبناها المؤمنين اليهود الذين كانوا من مذهب الفريسيين.
* وبعد مناقشات مستفيضة تم خلالها دراسة كل وجهات النظر المتوافقة أو المتعارضة دراسة متأنية.. قام بطرس الرسول بعرض وجهة نظره التي لا ترى ضرورة من ختان المؤمنين الجدد من غير اليهود، وأتفق في ذلك مع بولس الرسول وبرنابا، وقد عبر عن وجهة نظره من خلال الآيات (أع 15: 7 – 11).
* وقد تم استخدام المنهج الديمقراطى عند اتخاذ القرار. فبعد المناقشات واستعراض كل وجهات النظر لكل الأطراف.. استعرض يعقوب الرسول رئيس المؤتمر كل المبررات والحجج التي جعلته يتبنى قرارًا معينًا دون غيره، وقد عبر عن وجهة النظر التي تبناها من خلال الآيات التالية: "لذلك أنا أرى أن لا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم، بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام، والزنا، والمخنوق، والدم. لأن موسى منذ أجيال قديمة، له في كل مدينة من يكرز به، إذ يقرأ في المجامع كل سبت" (أع 51: 91 – 12).
* وبعد أن استعرض يعقوب الرسول " القرار " الذي تبناه، استطلع أراء كل التلاميذ والرسل الموجودين عليه، فوافق الرسل بالإجماع.. الأمر الذي نتعلم منه ضرورة أن يكون القرار الإداري موحد ومتفق عليه حتى يمكن تنفيذه. لأن القرار الذي يتم الإتفاق عليه لا بُد من التزام جميع الأعضاء به.
* وختامًا.. فقد أجمع الرسل والشيوخ والجماعة كلها على اختيار رجلين من الأخوة لكي يذهبان إلى أنطاكية مع بولس وبرنابا: يهوذا الملقب برسابا، وسيلا، رجلين لهما مكانة متقدمة بين الأخوة وسلموهم قرار المجمع من خلال "رسالة مكتوبة" (أع 15: 22 - 29).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/nagy-gayed/christian-management/council.html
تقصير الرابط:
tak.la/hx23r6t