(26)
أما أن الروح هو فوق الخليقة، ومختلف في الطبيعة عن الأشياء المخلوقة، وأنه خاص باللاهوت، فهذا يمكن أن نعرفه مما يلي. فالروح القدس غير قابل للتغير والتحول لأنه يقول “روح التأديب، يهرب من الغش ويتحول عن الأفكار الغبية” (حكمة 1: 5). ويقول بطرس “في الروح عديم الفساد الوديع الهادئ” (1بط 3: 4)، وأيضًا في الحكمة: “روحك العديم الفساد هو في كل شيء” (حكمة 12: 1). وأيضًا إن كان “لا أحد يعرف أمور الله إلا روح الله الذي فيه” (1كو 2: 11). لأنه ليس لدى الله “تغيير ولا ظل دوران” كما قال يعقوب (يع 1: 17).
فالروح القدس لكونه في الله، ينبغي أن يكون غير قابل للتغير والتحول والفساد. ولكن طبيعة الأشياء الناشئة والأشياء المخلوقة قابلة للتغير، حيث أنها خارج جوهر الله، وأتت إلى الوجود من العدم. لأنه يقول “كل إنسان كاذِب” (مز 115: 11)[س]، وأيضًا “الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله” (رو 3: 23)، “والملائكة الذين لم يحفظوا رئاستهم بل تركوا مسكنهم الخاص، حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام” (يهوذا 6). وفي أيوب، “هوذا ملائكته لا يأتمنهم، والى ملائكته ينسب حماقة، والنجوم غير نقية في عينيه” (أيوب 4: 18، 25: 5).
وكتب بولس: “ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة، فبالأولى أمور هذه الحياة” (1كو 6: 3). ولقد سمعنا أن إبليس، الذي كان “بين الشاروبيم”، وكان “خاتم الشبه”، سقط “كالبرق من السماء” (حز 28: 12، ولو 10: 18). ولكن إن كانت المخلوقات لها مثل هذه الطبيعة المتغيرة، وقد كُتِبَ مثل هذا عن الملائكة، والروح هو هو نفسه وهو غير متغير، فإن كان الروح له نفس عدم تَحَوُّل الابن، ويظل دائمًا معه غير متغير، فأي شبه بين غير المتغير والمتغير؟ وهكذا يتضح أنه ليس مخلوقًا وليس هو من جوهر الملائكة على الإطلاق لأنهم متغيرون، أما هو فهو صورة الكلمة ويخص الآب.
وأيضًا، فروح الرب يملأ المسكونة، ولذلك يرتل داود: “أين أذهب من روحك” (مز 138: 7)[س]. وأيضًا مكتوب في سفر الحكمة: “روحك غير الفاسد هو في كل الأشياء” (حك 12: 1). ولكن الأشياء المخلوقة هي في أماكن محددة لها: الشمس والقمر والنجوم في الجَلَد، والسُّحُب في الهواء. أما للناس، فقد وضع حدودًا للشعوب، (انظر تث 32: 8) والملائكة يُرْسَلون للخدمات (انظر عب 1: 14). “وجاء الملائكة لِيَمْثُلُوا أمام وجه الرب”، كما هو مكتوب في أيوب (أي 1: 6). ورأى يعقوب البطريرك حلمًا: “واذا سلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء، وهوذا ملائكة صاعدة ونازلة عليها” (تك 28: 12). ولكن إن كان الروح يملأ كل الأشياء وهو في الكلمة حاضر في كل الأشياء. وإن كان الملائكة أقل منه، وحيثما يرسلون فهناك يكونون حاضرين، إذن فلا ينبغي أن يشك في أن الروح ليس بين الأشياء المخلوقة وليس هو ملاكًا على الإطلاق، كما تقولون أنتم، بل هو فوق طبيعة الملائكة.
← انظر مقالات وكتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/unchanged-uncreated.html
تقصير الرابط:
tak.la/93f5wx8