(27)
ومما يلي أيضًا يمكن أن ترى كيف أن الروح القدس يُشْتَرَك فيه ولكن هو لا يَشْتَرِك(31)، (ولا ينبغي أن نتردد في تكرار نفس الكلام). لأنه مكتوب: “إن الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله الصالحة..” (عب 6: 4، 5). فالملائكة والمخلوقات الأخرى تشترك في الروح نفسه، وإذن فهم يمكن أن يسقطوا من الذي يشتركون فيه. ولكن الروح هو دائمًا كما هو، لأنه ليس واحدًا من بين أولئك الذين يَشْتَرِكون، ولكن كل الأشياء تشترك فيه. فإن كان هو دائمًا كما هو، ودائمًا يُشْتَرَك فيه، وإن كانت المخلوقات تشترك فيه، فالروح القدس لا يمكن أن يكون ملاكًا ولا مخلوقًا على الإطلاق، بل هو خاص بالكلمة، الذي به يعطي، من أجل أن تشترك المخلوقات في الروح. وهم يرغبون أن يقولوا أن الابن مخلوق، وهو الذي فيه نصير كلنا شركاء في الروح.
وأيضًا فالروح القدس واحد أما المخلوقات فكثيرة، فالملائكة “ألوف ألوف وربوات ربوات” (دا 7: 10). وتوجد أنوار كثيرة (انظر تك 1: 14)، وعروش وسيادات وسموات وشاروبيم وسيرافيم ورؤساء ملائكة كثيرة. وباختصار فالمخلوقات ليست واحدًا، ولكنها كلها معًا هي كثيرة ومتنوعة. فإن كان الروح القدس واحدًا والمخلوقات كثيرة، والملائكة كثيرون، فأي شبه بين الروح وبين المخلوقات؟ وإذن يتضح أن الروح ليس واحدًا بين الكثيرين وليس هو ملاكًا. ولكن لأنه واحد، وبالأكثر لأنه خاص بالكلمة الذي هو واحد وخاص بالله الذي هو واحد فهو من نفس الجوهر.
هذه الأقوال عن الروح القدس -هي وحدها في ذاتها- توضح أنه لا يوجد شيء مشترك أو خاص بينه وبين المخلوقات في الطبيعة وفي الجوهر، وأنه مختلف عن الأشياء المخلوقة، وهو خاص بلاهوت الابن وجوهره وليس غريبًا عنه، ومن أجل هذا فهو من الثالوث القدوس، وهذا يكشف قلة فهمهم.
_____
(31) يقصد القديس أثناسيوس أن الروح القدس لا يمكن أن يفقد قداسته لأنه لا ينالها عن طريق الاشتراك ولكنه يملكها جوهريًّا في ذاته.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/cannot-be-an-angel.html
تقصير الرابط:
tak.la/4ydh7yb