(14)
وماذا يمكنهم أن يقولوا عندما يسمعون الرب يقول أيضًا: “كان في كورة ما قاض لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا” (لو 18: 2). فهل لأنه سَمَّى الإنسان بعد الله يكون الابن هو ذلك الإنسان الذي لا يهابه القاضي الظالم؟ أم لأنه سَمَّى الإنسان بعد الله، يكون الابن هو الثالث بعد الإنسان، ويكون الروح القدس هو الرابع؟
وماذا يمكنهم أن يقولوا إذا سمعوا الرسول أيضًا يقول في نفس الرسالة: “اوصيك أمام الله الذي يحيي الكل وأمام يسوع المسيح الذي شهد لدى بيلاطس بنطيوس بالاعتراف الحسن، أن تحفظ الوصية بلا دنس ولا لوم” (1تي 6: 13، 14). فهل يشكون في وجود الروح وكذلك في وجود الملائكة لأن الرسول صمت الآن عن ذِكْر الملائكة وعن ذِكْر الروح؟ بكل تأكيد هم يشكون حيث أنهم فكروا بمثل هذه الأفكار، وجدفوا على الروح.
وعندما يسمعون الكتاب يقول في سفر الخروج: “فخاف الشعب الرب وآمنوا بالله وبموسى عبده” (خر 14: 31). فهل يحسبون موسى مع الله وبعد الله لا يفكرون في الابن بل في موسى فقط؟
وماذا يقولون عندما يسمعون البطريرك يعقوب يبارك يوسف ويقول: “الله الذي رعاني منذ شبابي إلى هذا اليوم، الملاك الذي خلصني من كل شر يبارك هذين الغلامين” (تك 48: 15، 16)، فهل يقدمون الملاك على الابن لأنه سَمَّى الملاك بعد الله، أو هل يحسبون الابن بين الملائكة؟ نعم، هكذا أيضًا سوف يفكرون بسبب فساد قلبهم.
ولكن الإيمان الرسولي ليس على هذا النحو، ولا يمكن لأي مسيحي أن يَحْتَمِل هذا أبدًا. لأن الثالوث القدوس المُبَارَك هو غير مُنْقَسِم وهو متحد في ذاته. وعندما يُسَمَّى الآب فهو يتضمن أيضًا كلمته والروح الذي في الابن. وعندما يُسَمَّى الابن يكون الآب في الابن ولا يكون الروح خارجًا عن الكلمة. لأن النعمة التي من الآب هي واحدة، وهي تتم بالابن في الروح القدس. وهناك ألوهة واحدة واله واحد الذي هو “على الكل وبالكل وفي الكل” (أف 4: 6). وهكذا إذن عندما قال بولس: “أناشدك أمام الله والرب يسوع المسيح” (1تي 5: 21). كان يعرف أن الروح لا ينفصل عن الابن وأنه هو نفسه في المسيح كما أن الابن في الآب. ولكنه بالطبع أضاف معهما الملائكة المُختارين لأنه كان يعرف أن كل ما كان يقوله كان كأقوال صادرة من الله بالمسيح في الروح القدس، وإن الملائكة يخدموننا وهم يراقبون أعمال كلامنا(14). وقد ناشد التلميذ لكي يحفظ وصايا المعلم باعتبار أن الملائكة الحارسين شهود على أقواله. أو لعله هو هنا يستدعي الملائكة كشهود، لأن هؤلاء ينظرون على الدوام وجه الآب الذي في السموات (مت 18: 4)، وذلك من أجل الصغار الذين في الكنيسة(15)، حتى لا يهمل التلميذ وصايا الرسول.
← انظر مقالات وكتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(14) يذكر القديس أثناسيوس أن عمل الملائكة بالنسبة للمؤمنين لا يقتصر على حراستهم والعناية بهم، ولكنهم أيضًا يلاحظونهم ويراقبون أعمالهم.
(15) يشير أوريجينوس في كتابه المبادئ ” أن كل مؤمن حتى أصغر واحد يتولى حراسته ملاك وهو مِمَّن قيل عنهم أنهم ينظرون وجه الآب الذي في السموات” (De Prin II، X.7).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/not-mentioning.html
تقصير الرابط:
tak.la/pv46pm4