(15)
وإذن فإنه يبدو لي أن هذا هو معنى الأقوال الإلهية(16)، وهو ينقض التجديف غير المعقول الموجه ضد الروح القدس. وحيث أن هؤلاء يستمرون في معارضتهم للحق كما كتبت. فإنهم لا يستندون إلى الكتب المقدسة، لأنهم لا يجدون فيها سندًا، لكنهم من فيض قلوبهم الخاصة ينطقون ويقولون: “إذا لم يكن الروح القدس مخلوقًا، وإذا لم يكن واحدًا من الملائكة ولكنه منبثقًا من الآب، عندئذ يكون هو نفسه ابنًا، ويكون هو والكلمة أخوين. وإذا كان هو أخًا فكيف يدعى الكلمة الوليد الوحيد”(17)؟ وكيف لا يكونان متساويين، حيث أن الواحد منهما يُسَمَّى بعد الآب بينما يُسَمَّى الآخر بعد الابن؟ وإذا كان من الآب فكيف لا يُقَال عنه أنه قد وَلَد أو أنه ابن بل فقط الروح القدس؟ وإن كان الروح القدس هو روح الابن فيكون الآب هو جد للروح القدس”.
هكذا يقول هؤلاء الفُجَّار ساخرين، وهم في فضولهم يرغبون أن يفحصوا أعماق الله التي لا يعرفها إلا روح الله وحده الذي يجدفون عليه. ويجب علينا إذن أن لا نرد عليهم إطلاقًا حسب الوصية الرسولية (تي 3: 10)، بعد الإنذار الذي وجه إليهم مما قد قيل سابقًا، ولنعرض عنهم كهراطقة ولا نتباحَث معهم بعد. ولنسألهم نحن على نحو ما يسألون، ثم نطلب منهم أن يجيبونا على نحو ما يطلبونه منا. فعليهم إذن أن يجيبونا إن كان الآب قد ولد من أب، وإذا كان هناك آخر قد ولد معه ويكون أخًا له من أب واحد وماذا تكون أسماؤهما، ومن هو أب هذا الأب ومَنْ هو جده، ومن هم أجدادهم؟ على أنهم سوف يؤكدون أنه لا يوجد أجداد. فليقولوا لنا إذن كيف يكون الذي لم يولد من أب، هو نفسه أبًا، وكيف يمكن أن يكون له ابن إذا لم يكن هو نفسه قد ولد سابقًا كابن؟
إني أدرك أن هذا السؤال كفري. ولكن حيث أن هؤلاء يسخرون على هذا النحو، يكون من العدل أن يُهْزَأ بهم لكي يستطيعوا أن يشعروا بحماقتهم من هذا السؤال الكُفري غير المعقول. حاشا أن تكون الأمور كذلك، ولا يجب لأحد أن يسأل أسئلة عن اللاهوت على هذا النحو لأن الله ليس مثل الإنسان حتى يجرؤ أحد أن يسأل عنه أسئلة بشرية.
_____
(16) تدخل حجة أثناسيوس ابتداء من هنا مرحلة جديدة: فبعد أن أنهى أثناسيوس البراهين التي يستند عليها “التروبيكيون” في فهمهم للآيات، يتحول أثناسيوس لمواجهة معارضة مبنية على سوء فهم العلاقات داخل اللاهوت. ويكرس لهذا الغرض (الفصول من 15 إلى 21 من هذه الرسالة) والتي تشكل قلب هذا البحث بالترتيب التالي: (أ) ففي فصل 15 يقدم المعارضة. (ب) وفي فصل 16 ينقد المعارضة ويبين أنها تناقض نفسها من الداخل لأنها مبنية على فهم خاطئ عن الأبوة في الله. (ج) في (فصلي 17 و18) ينقد المعارضة لأنها تصور جنوني. (د) وفي الفصول الثلاثة الأخيرة من 19-21 يقدم الخطوط التي ينبغي أن يبنى عليها التعليم الصحيح عن الثالوث.
(17) “الوحيد” هي في الأصل اليوناني “Monogenes” وتعني الوحيد أو الفريد، وأيضًا تعني “الوليد الوحيد” وبهذا المعنى يرى “ديديموس الإسكندري” إنها وحدها تكفي لتمييز الابن عن الروح القدس (De Trin II، 447 c).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/god-is-not-like-man.html
تقصير الرابط:
tak.la/m7cbc3f