(29)
وإذن فحيث أن الكنيسة لها أساس الإيمان، فليقل لنا أولئك الناس مرة أخرى وليعطوا جوابًا: هل الله ثالوث أم اثنان؟ فإذا كان اثنين فعليكم أن تحسبوا الروح بين المخلوقات. وبهذا يكون إيمانكم ليس إيمانًا باله واحد، “الذي على الكل، وبالكل، وفي الكل” (أف 4: 6). إن التكميل(33) الذي تحسبون أنكم تمارسونه ليس انضمامًا تامًا إلى اللاهوت لأنكم تمزجون المخلوق باللاهوت، ومثل الأريوسيين واليونانيين(34) تضعون الخليقة مع الله الذي خلقها بكلمته الذاتي. فإن كان هذا هو اتجاهكم فأي رجاء يكون لكم؟ فَمَنْ هو الذي يوحدكم بالله، إن لم يكن لكم روح الله بل الروح الذي من الخليقة؟ فأي جسارة وعدم مبالاة أن تنقصوا الآب وكلمته إلى مستوى المخلوقات، ومع ذلك تضعون المخلوقات في مستوى الله، لأن هذا هو ما تفعلونه حينما تتخيلون الروح كمخلوق وتحسبونه مع الثالوث، فأي جنون من جهتكم أن تنسبوا الظلم إلى الله، إذ لا تحسبون مع الله وكلمته سوى واحد من بين كل الملائكة وكل المخلوقات. لأنه إن كان الروح -كما تقولون- هو ملاك ومخلوق، وفي نفس الوقت يُحْسَب مع الثالوث، إذن يكون ضروريًا، ليس لواحد فقط بل لكل الملائكة الذين خُلِقُوا، أن يُحْسَبوا مع اللاهوت، وبذلك لا يعود هناك فيما بعد ثالوث بل عدد لا يُحْصَى في اللاهوت. وهكذا فإن طقس الانضمام(35) -الذي نكرر- أنه يظهر أنه طقسكم، هو منقسم بين هنا وهناك وصار غير أكيد بسبب تقلبه. هكذا تكون طقوسكم وطقوس الأريوسيين الذين يجادلون ضد اللاهوت ويعبدون المخلوقات دون الله الذي خلق كل الأشياء.
_____
(33) “التكميل” هو طقس المعمودية الذي يتم به الانضمام إلى الكنيسة. وأثناسيوس هنا ينسب إلى التروبيكيين ما سبق أن نسبه إلى الأريوسيين عن عدم فاعلية المعمودية عندهم بسبب عدم إيمانهم بألوهية الابن إذ يقول في المقالة الثانية ضد الأريوسيين: “أما هؤلاء الأريوسيين فإنهم يخاطرون بفقدان إتمام السر وأعني به المعمودية لأنه أن كان إتمام السر يعطي باسم الآب والابن وهم لا يقرون بأب حقيقي بسبب إنكارهم للذي هو منه الذي هو مثله في الجوهر منكرين الابن الحقيقي ويسمون لأنفسهم ابنًا آخر.. ألا يكون طقس المعمودية الذي يتمونه فارغًا تمامًا وعديم الجدوى إذ أن له مظهر خارجي، أما في الحقيقة فإنه ليس له شيء يعين على التقوى.. لأن الأريوسيين لا يعمدون باسم الآب والابن بل باسم خالق ومخلوق.. فليس من يقول ببساطة “يا رب” هو الذي يعطي المعمودية، بل هو ذلك الذي من الاسم الذي يدعوه عنده أيضًا إيمان مستقيم.. ومع الإيمان يأتي إتمام المعمودية” (المقالة الثانية ضد الأريوسيين: 42 ص 69 ترجمة الأستاذ صموئيل كامل عبد السيد، الدكتور نصحي عبد الشهيد - نشر مركز دراسات الآباء - القاهرة 1987).
(34) “مثل الأريوسيين واليونانيين”. نلاحظ أنه بينما دعا القديس أثناسيوس الأريوسيين في الفصل السابق، يهوذا، فهو هنا يربطهم باليونانيين أي الوثنيين. فإن كانت الأريوسية تدعو إلى التوحيد فهي عمليًا تنزل إلى الوثنية فعلى الرغم من أنها ادعت بأنها تحفظ وحدانية الله باستبعاد الابن من اللاهوت، فهي من جهة أخرى قد ربطت بينه وبين الله في النعمة والمجد أي عبدته كمخلوق أو عبدت المخلوق. وفي هذا الفصل يطبق أثناسيوس نفس الأسلوب بخصوص الروح القدس على أساس أنه مع استدعاء الروح القدس في المعمودية مع الآب والابن، ينكرون ألوهيته ويعتبرونه مخلوقًا.
(35) أي طقس المعمودية الذي به يتم الانضمام إلى الكنيسة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/not-add-an-angel.html
تقصير الرابط:
tak.la/vqw4z9w