St-Takla.org  >   books  >   maurice-tawadrous  >   holy-spirit-to-serapion
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الرسائل عن الروح القدس إلى الأسقف سرابيون للقديس أثناسيوس الرسولي - موريس تاوضروس، نصحي عبد الشهيد

36- النعمة والهبة تُعْطَى في الثالوث من الآب بالابن في الروح القدس

 

St-Takla.org Image: The Holy Spirit, painting 4 - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023. صورة في موقع الأنبا تكلا: الروح القدس، لوحة 4 - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

St-Takla.org Image: The Holy Spirit, painting 4 - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الروح القدس، لوحة 4 - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

(30)

مثل هذه الضلالات تُقابِلك أن قُلت أن الله اثنين. ولكن إن كان هو ثالوث، كما هو حقًا، وإن كان قد تَبَيَّنَ أن الثالوث غير منقسم -ومتماثل- وإذن فبالضرورة تكون قداسته واحدة، وأبديته واحدة، وكذلك طبيعته غير القابلة للتغير. لأنه كما أن الإيمان بالثالوث(36) -المُسَلَّم إلينا- يجعلنا متحدين بالله، وكما أن ذلك الذي يستعبد أي واحد من الثالوث، ويعتمد باسم الآب وحده أو باسم الابن وحده، أو باسم الآب والابن بدون الروح القدس، لا ينال شيئًا، بل يظل غير فعال وغير مكتمل(37)، هو نفسه وذلك الذي يفترض أنه ضمه، (لأن طقس الاكتمال(38) - هو بالثالوث)، هكذا ذلك الذي يَفْصِل الابن عن الآب، أو مَنْ يُنْزِل الروح إلى مستوى المخلوقات، فليس له الآب ولا الابن بل هو بدون إله، وهو أشرّ من غير المؤمن، ويمكن أن يكون أي شيء. إلا أن يكون مسيحيًّا. وهذا أمر عادل. لأنه كما أن المعمودية التي تُعْطَى بالآب والابن والروح، هي واحدة، وكما أن هناك إيمان واحد بالثالوث -كما قال الرسول- هكذا الثالوث القدوس إذ هو واحد مع نفسه، ومتحد في نفسه، وليس له في نفسه ما هو من المخلوقات. وهذه وحدة الثالوث غير المنقسمة، والإيمان به هو واحد. ولكن إن كان الأمر بحسب الابتداع الجديد الذي صنعتموه أيها “المحرفون” - ليس هو كذلك، وإن كنتم قد رأيتم أحلامًا بأن تدعوا الروح القدس مخلوقًا، فإذن لا يعود لكم بعد إيمان واحد ومعمودية واحدة(39) بل اثنان، واحد بالآب والابن وآخر بملاك الذي هو مخلوق، ولا يبقى لكم يقين ولا حق. لأنه أية شركة بين المخلوق والخالِق؟ وأيَّة وِحدة بين المخلوقات وبين الكلمة الذي خلقها؟ والمبارك بولُس، إذ عرف هذا، لا يقسم الثالوث كما تفعلون، بل إذ يعرف وحدته، فقد كتب إلى الكورنثيين عن الأمور الروحية. فهو يرد كل الأشياء إلى إله واحد، الآب(40) قائلًا: “أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد. وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل” (1كو 12: 4-6).

فالمواهب التي يقسمها الروح لكل واحد تُمْنَح من الآب بالكلمة. لأن كل ما هو من الآب هو من الابن أيضًا. وإذن فتلك الأشياء التي تُعْطَى من الابن في الروح هي مواهب الآب. وحينما يكون الروح فينا، فالكلمة الذي يعطي الروح يكون أيضًا فينا، والآب موجود في الكلمة. وهكذا يكون كما قال: “سنأتي أنا والآب ونصنع عنده منزلًا” (يو 14: 23). لأنه حيث يكون النور فهناك الشعاع أيضًا، وحيث يكون الشعاع فهناك أيضًا يكون فاعليته ونعمته المضيئة.

وهذا هو ما علم به الرسول أيضًا حينما كتب إلى الكورنثيين في الرسالة الثانية قائلًا: “نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم” (2كو 13: 13). لأن هذه النعمة والهبة تُعْطَى في الثالوث من الآب بالابن في الروح القدس، وكما أن النعمة المُعْطَاة هي من الآب بالابن، هكذا فإنه لا يكون لنا شركة في العطية إلا في الروح القدس. لأننا حينما نشترك فيه تكون لنا محبة الآب ونعمة وشركة الروح نفسه.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(36) “الإيمان بالثالوث”: يؤكد القديس أثناسيوس على أن هذا هو الإيمان الذي يجعلنا متحدين بالله والمعمودية تتبع هذا الإيمان. ونفس الأمر يؤكد كيرلس الأورشليمي (Cat. V. 6)، وأيضًا القديس باسيليوس في كتابه عن الروح القدس يقول: “المعمودية والإيمان طريقان للخلاص لا ينفصلان، فالإيمان يكتمل خلال المعمودية، والمعمودية تتأسس خلال الإيمان، وكلاهما يتم بنفس الأسماء.. فأولًا يأتي الإقرار بالإيمان الذي يدخلنا إلى الخلاص، وبعد الإقرار المعمودية التي تختم على موافقتنا” De Sp. S. 28 وينبغي أن نلاحظ أن أثناسيوس في تعليمه عن المعمودية يشدد على الاندماج في الحياة الإلهية الذي تمنحه لنا بما لا يقل عن تشديده على غفران الخطايا.

(37) أي لا يكون قد انضم فعلًا إلى الكنيسة بالمعمودية.

(38) أي طقس الانضمام إلى الكنيسة بالمعمودية.

(39) “إيمان واحد ومعمودية واحدة” (انظر C. Ar. III. 16) يوجد عند القديس أثناسيوس علاقة واضحة ووثيقة بين الإيمان الواحد والمعمودية الواحدة والإله الواحد. فإن كانت صحة المعمودية تعتمد على صحة الإيمان الذي تعطي على أساسه، فهذا بدوره يعتمد على التماسك الداخلي للحياة الإلهية التي يوضحها - وحدة الإيمان ليست فقط مجرد وحدة صيغة الاعتراف بالإيمان، بل تقتضي أيضًا وحدة ذلك الذي يتم الاعتراف به. انظر كيرلس الأورشليمي (Cat. XVI. 4). إذ يقول: “نحن لا نكرز بثلاثة آلهة.. بل بالابن الواحد مع الروح القدس نكرز باله واحد. فالإيمان غير منقسم والعبادة غير مجزأة”.

(40) “فهو يرد كل الأشياء إلى إله واحد، الآب”: يقصد القديس أثناسيوس أن المواهب الروحية المتنوعة وأنواع الخدم يمكن أن تجمع كلها معًا باعتبار أن مصدرها واحد هو “عمل الآب“. وواضح هنا أن القديس أثناسيوس يؤكد أن المقصود بعبارة إله واحد، هو الآب. فالفعل الإلهي وكذلك الحياة الإلهية ينبعان منه. وهذا هو أيضًا ما قصده القديس أثناسيوس من اقتباسه لعبارة الرسول بولس عندما قال: “ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل” (1كو 12: 6). وهذا هو اتجاه اللاهوت الشرقي عمومًا الذي يرد وحدانية الثالوث إلى أقنوم الآب الذي هو الأصل وينبوع الابن والروح القدس.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/grace-gift.html

تقصير الرابط:
tak.la/yssbq7h