أولًا: تاريخ كتابة الرسائل عن الروح القدس:
يرجع تاريخ هذه الرسائل إلى فترة النفي الثالث للقديس أثناسيوس بين فبراير سنة 356 م. - ونوفمبر سنة 361 م. ونعرف من كتاب أبيفانيوس عن الهرطقات (Haer. Lxxiii-25) أن بتوليماييس Ptolemaeus حضر مجمع سلوكية سنة 359م، كأسقف لـThmuis تمويس (1)، فلو أننا استنتجتا من هذا أن القديس سرابيون كان قد انتقل في ذلك الوقت، لكانت مشكلة تحديد تاريخ كتابة هذه الرسائل، أسهل جدًا. ولكن هناك احتمال أنه كان في ذلك الوقت منفيًا أو مُبْعَدًا. كما أن هناك دليل ما يوضح أنه كان لا يزال حيًّا بعد هذا التاريخ. ففي كتاب “لاونتيوس Leontius،” (Adv. Froudes، Apollinaristram) هناك فقرة من خطاب مُرْسَل من أبوليناريوس إلى سرابيون، يمدح رسالة أرسلها أثناسيوس إلى كورنثوس عن التجسد. هذه الفقرة لا يمكن إلا أن تكون إشارة إلى رسالة أثناسيوس إلى ابكتيتوس “Ad. Epictatus”.
وللأسف فإن تاريخ هذه الرسالة يصعب تحديده.
← انظر مقالات وكتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ونأخذ في اعتبارنا ما يأتي:
1- كان أثناسيوس في البرية، وكان أعداؤه يبحثون عنه بتحفُّز (رسالة 1: 1).
ومن الواضح أن أثناسيوس لم يغادر الإسكندرية حتى وقت متأخر في سنة 358م. فجدول تعييد الفصح (Festel Index)، يتحدث عنه على أنه مختفي في المدينة خلال عامي 357-358م. وفي أواخر صيف سنة 358م، كانت المشاعر تتصاعَد بشدة ضد الأريوسيين، حتى أن البطريرك المُغْتَصِب جوارجيوس، تم طرده، واستعاد الأرثوذكس ملكية الكنائس لعدة أسابيع. وعندئذ شدد رجال السلطة قبضتهم، وفي ديسمبر من نفس العام دخل “سبستيان Sebastian” الإسكندرية. وتتحدث الرسالة الفصحية رقم 32 (Fest. Ind xxxiii) عن أن “أرتيميوس Artemius” كان يبحث عن أثناسيوس في سنتي 359م و360م. ونعرف أن بحث أرتيميوس عنه امتد حتى طيبة(2). ويبدو مُرَجَّحًا جدًا أن أثناسيوس يشير في هذه الرسالة عن نشاط ارتيميوس في البحث عنه.
2- لم يكن أثناسيوس مُحتاجًا أن يضيف شيئًا إلى ما سبق أن كتبه ضد الأريوسيين (1: 2). وهذا يعني بالضرورة أن المقالات الثلاثة ضد الأريوسيين (C. Ar. 1-III) كانت قد كُتِبَت قبل ذلك وانتشرت.
أما زمن كتابة هذه الرسائل عن الروح القدس فقد اختلف الباحثون في تحديده فيما بين سنة 338 م. وحتى سنة 359 م.
فيرجح تشابلاند “C. R. B. Shapland” أن تاريخ كتابة الرسائل هو حوالي 358 م. وليس قبل ذلك، ويعطي الأسباب لترجيح هذا التاريخ:
(أ) أن الرسائل كُتِبَت ضد أشخاص كانوا قد انفصلوا عن الأريوسيين. ورغم أنه لم يحدد تاريخ انفصالهم عنهم إلا أنه من المقبول أن نفترِض أنه لم يحدث قبل فترة طويلة من مكاتبة سرابيون إلى أثناسيوس. مثل هذا الانفصال عن الأريوسية يتوافق تمامًا مع رد الفعل ضد سوء معاملة الأسقف الدخيل جوارجيوس الكبادوكي في سبتمبر - أكتوبر 358 م.
(ب) ذكر الأونوميين في (رسالة 4: 5)، يشير إلى نفس الاتجاه. فأثناء زيارة أونوميوس للإسكندرية (سنة 356-358م)، يبدو أنه كان يشغل وضعًا ثانويًا كسكرتير لأتيوس “Aetius”، ولكن بعد رحيله إلى انطاكية فيما بعد، صار في طليعة الأونوميين.
(جـ) وأخيرًا يلزمنا أن نأخذ في اعتبارنا العلاقة بين هذه الرسائل، وبين كتاب المجامع “De Synodis” فالتأكيد على الكيان الشخصي “Personel Subsistance” لكل من الآب والابن والروح في (رسالة 1: 28، 2: 3) والتفسير الذي يعطيه “لكلمة” “Omoousion” -“أوموأوسيون”- والتي تعني: من نفس الجوهر مع الآب أي التساوي في الجوهر، في نفس الموضع، إنما يؤكد بالأحرى على التساوي بين الأقانيم الثلاثة أكثر مما يركز على وحدتهم.
_____
(1) هي مدينة تُسَمَّى الآن الأمديد بشمال الدلتا بمصر، التي كان القديس سرابيون الذي أرسل له القديس أثناسيوس هذه الرسائل - أسقفًا لها.
(2) انظر حياة باخوميوس 88 - Vita Pachomius.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/history.html
تقصير الرابط:
tak.la/qjpsv9v