(6)
وحيث أنه قد تَبَرْهَن أن الروح ليس مخلوقًا، فإن كنتم تسألون، هل الروح إذن هو ابن؟ فعندئذ يلزمكم أن تسألوا أيضًا هل الابن هو آب؟ لأنكم قد تعلمتم سابقًا أن الابن ليس مخلوقًا، إذ أن الأشياء المخلوقة قد خُلِقَت به. أو تتساءلون هكذا: هل الروح إذن ابن، والابن أيضًا هو الروح القدس؟ ولكن إن كانوا يفكرون هكذا، فإنهم يصيرون مُبَعَدين عن الثالوث القدوس وَيُحْكَم عليهم بأنهم بلا إله، لأنهم يغيرون اسم الآب والابن والروح القدس، وبحسب مشيئتهم ينظرون إليهم بشبه التناسل البشري، داعين إياهم حفدة وأجدادًا صانعين من جديد لأنفسهم أنساب آلهة الوثنيين.
ليس هذا هو إيمان الكنيسة، بل كما قال المخلص: بالآب والابن والروح القدس. الآب الذي لا يمكن أن يُدْعَى جِدًّا، والابن الذي لا يمكن أن يُدْعَى أبًا، والروح القدس الذي لا يُسَمَّى باسم آخر غير هذا. وفي هذا الإيمان لا تجوز مُبَادَلة الأسماء. فالآب هو دائمًا آب والابن هو دائمًا الابن، والروح القدس يُدْعَى دائمًا الروح القدس. وأما فيما يختص بالعلاقات البشرية فالأمر ليس هكذا، حتى وإن كان هذا هو ما يَتَوَهَّمهُ الأريوسيون. “فالله ليس مثل الإنسان” كما هو مكتوب (عد 23: 10). حتى أنه يمكننا أن نقول أن البشر ليسوا مثل الله. لأنه فيما يتصل بالبشر فالآب ليس دائمًا أبًا ولا الابن دائمًا ابنًا لأن الذي كان ابنًا لآخر يصير هو نفسه أبًا لابن، والابن الذي هو ابن لأبيه يصير أبًا لابن آخر. فإبراهيم إذن وقد كان ابنًا لناحور، صار أبًا لإسحق. وإسحق وقد كان ابنًا لإبراهيم صار أبًا ليعقوب لأن كل واحد منهم إذ هو جزء من والديه يولد ويصير هو نفسه أبًا لابن آخر. أما بالنسبة إلى الألوهة فليس الأمر كذلك، لأن الله ليس مثل الإنسان. فالآب لم يُولَد من أب آخر، ولذلك فهو لا يَلِد ابنًا يصير أبًا آخر. وليس الابن جزءًا من الآب، ولذلك فهو لم يُولَد لِيَلِد ابنًا. وإذن ففي الألوهة وحدها الآب هو آب، وقد كان، ويظل دائمًا كما هو، لأنه هو الآب بِحَصْر المعنى. وهو آب فقط. والابن هو ابن بِحَصْر المعنى، وهو ابن فقط. ويثبت القول أن الآب هو آب وَيُدْعَى دائمًا أبًا. والابن هو ابن. والروح القدس هو دائمًا الروح القدس، وهو الذي قد آمنا به أنه من الله وأنه يُعْطَى من الآب بواسطة الابن. وهكذا فالثالوث القدوس يظل غير قابل للتغير وَيُعْرَف في ألوهة واحدة. ولذلك فالذي يسأل: هل الروح إذن ابن؟ -كما لو كان الاسم يمكن أن يَتَغَيَّر- فهو واهِم ويجعل نفسه مجنونًا، والذي يسأل هل الآب إذن جِد، فبابتداعه اسمًا للآب يضل في قلبه. وليس من الأمان أن نعطي جوابًا أكثر من ذلك على صفاقة الهراطقة لأن ذلك يتعارض مع وصية الرسول(61). لأنه من الأفضل بالحري أن نعطي المشورة كما أوصى بها.
← انظر مقالات وكتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(61) انظر (تيطس 3: 10) “الرجل المبتدع بعد الإنذار مرة ومرتين اعرض عنه”.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/fixed-names.html
تقصير الرابط:
tak.la/aqn7786