(3)
مرة ثانية إذن، فإنه من العدل أن نسألكم، من نفس الأسئلة التي تسألونها. وحيث أن الأنبياء يَتَكَلَّمُون بواسطة روح الله، وأيضًا الروح القدس، يتنبأ في إشعياء -كما تَبَيَّن مما كتبناه سابقًا- وإذن فالروح هو كلمة إلهية، وعلى ذلك يوجد كلمتان الروح والابن، لأن الأنبياء كانوا يتنبأون حينما تصير الكلمة إليهم. وأيضًا فبالإضافة إلى ذلك، وحيث أن كل الأشياء قد صارت بواسطة الكلمة، “وبغيره لم يكن شيء مما كان” (يو 1: 3)، وأيضًا: “الرب بالحكمة أَسَّس الأرض” (أم 3: 19)، وقد خلق كل الأشياء بالحكمة (مز 103: 24)[س]، لأنه قد كتب كما تَبَيَّن لنا سابقًا “ترسل روحك فتخلق الأشياء” [مز 103: 30][س](1). وإذن فإما أن يكون الروح هو الكلمة، أو أن الله خلق كل الأشياء باثنين (أي) بالحكمة والروح. فكيف إذن قال بولس “إله واحد الذي منه كل الأشياء، ورب واحد، الذي بواسطته كل الأشياء” (1كو 8: 6). وأيضًا حيث أن الابن هو صورة الآب غير المنظور (انظر كو 1: 15)، فيكون الروح هو صورة الابن لأنه مكتوب: “لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه” (رو 8: 29).
وعلى هذا الأساس، يكون الآب جِدًّا، وحيث أن الابن قد أتى باسم الآب، وقد قال الابن، “الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي” (يو 14: 26)، فعلى هذا النحو أيضًا يكون الآب جِدًّا. فماذا عندكم من جهة هذا وأنتم الذين تقولون كل شيء بدون تَرَوّ؟ فبأي شيء تتحاورون فيما بينكم؟ هل تنتقدون مثل هذه الأسئلة، وأنتم ترون أنفسكم في حالة ارتباك؟ ولكن أولًا لوموا أنفسكم لأنكم اعتدتم أن تسألوا مثل هذه الأسئلة، فاخضعوا للكتب المقدسة، وإذا تحيرتم في الإجابة فلتتعلموا في النهاية أن الروح لم يُسَمَّ ابنًا، ولكنه دُعِيَ الروح القدس أو روح الله. وكما أن الروح لم يُسَمَّ ابنًا، فهكذا لم يُكْتَب عن الابن أنه هو الروح القدس. وإذن فحيث أن الروح لم يُسَمّ ابنًا، ولا الابن هو الروح، فهل الإيمان يتناقض مع الحق؟ حاشا. ولكن بالأحرى فكل من المُسَمَّيَات المذكورة له معناه الخاص. لأن الابن هو المولود الذاتي لجوهر الآب وطبيعته. وهذا هو مدلول المُسَمَّى. فالروح الذي يدعى روح الله، وهو في الله، ليس غريبًا عن طبيعة الابن ولا عن ألوهة الآب.
لذلك فهناك ألوهة واحدة في الثالوث (أي) في الآب وفي الابن وفي الروح القدس نفسه، وفي الثالوث نفسه معمودية وإيمان واحد. فعندما يرسل الآب الروح، فالابن بواسطة النَّفْخ في التلاميذ يعطيهم الروح. لأن “كل ما للآب هو للابن” (يو 16: 15). وحينما جاء الكلمة إلى الأنبياء، كان هؤلاء يتنبئون بالروح، كما هو مكتوب وكما قد تبين: “بكلمة الرب صُنِعَت السموات وبنسمة فيه كل جنودها” (مز 34: 6)[س].
← انظر مقالات وكتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(1) إضافة من الموقع: (مز 104: 30).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/deity.html
تقصير الرابط:
tak.la/tfv6n9h