(4)
وهذا ما يعرفه الرسول إذ يقول: “هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسِمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء” (1كو 12: 11). وبعد قليل: “لأننا جميعًا بروح واحد أيضًا اعتمدنا إلى داخل جسد واحد.. وجميعنا سُقِينا روحًا واحدًا” (1كو 12: 13). وأيضًا، لأنه إن كان يجب أن نأخذ معرفتنا عن الروح من الابن، وإذن فمن الواجب أن نُقَدِّم براهين مُسْتَمَدَّة منه، فالابن يوجَد في كل مكان لأنه كائن في الآب، والآب فيه، وهو يضبط كل الأشياء ويحفظها وقد كُتِب: “فيه يقوم الكل” سواء ما يُرَى وَمَا لَا يُرَى، “وهو قبل كل شيء” (كو 1: 17). ولكن المخلوقات توجد في الأماكن المخصصة لها: الشمس والقمر والأنوار الأخرى في الجلد، والملائكة في السماء والناس على الأرض. ولكن إذا كان الابن ليس في أماكن مخصصة له، بل هو كائن في الآب ويوجد في كل مكان، وأيضًا هو خارج كل الأشياء، فهو ليس مخلوقًا، ويتبع ذلك أن الروح أيضًا لا يمكن أن يكون مخلوقًا لأنه ليس في أماكن مخصصة له، بل هو يملأ كل الأشياء ويوجد خارج الكل لأنه هكذا قد كُتِب “رُوحَ الرَّبِّ مَلأَ الْمَسْكُونَةَ” (حكمة 1: 7)، ويرتل داود: “إلى أين اذهب من روحك” (مز 138: 7)[س]، كما أنه ليس كائنًا في أي مكان، بل هو خارج كل الأشياء، وهو في الابن كما أن الابن هو في الآب.
لذلك فهو ليس مخلوقًا كما قد تَبَيَّن. وبالإضافة إلى كل ما سبق، فسوف تُدَان البدعة الأريوسية. ومرة أخرى فإن ما نعرفه عن الروح سَيُعْرَف من الابن. فالابن هو خالِق مثل الآب لأنه يقول: “الأشياء التي أرى الآب يعملها، هذه أعملها أنا أيضًا” (انظر يو 5: 19). وبالتأكيد.. كل شيء به صار، وبدونه لم يكن شيء مما صار (يو 1: 3). ولكن إن كان الابن مثل الآب خالقًا، فهو ليس مخلوقًا. وإذا كانت كل الأشياء به خُلِقَت، فهو ليس من بين الأشياء المخلوقة، وعلى ذلك يَتَبَيَّن، أن الروح ليس مخلوقًا، لأنه قد كُتِبَ عنه في المزمور المئة والثالث “تنزع روحها فتموت وتعود إلى التراب. ترسل روحك فتخلق(58) وأنت تجدد وجه الأرض” (مز 103: 29، 30).
_____
(58) أي تُخْلَق المخلوقات.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/creation-father-son-spirit.html
تقصير الرابط:
tak.la/9dbb8pj