(2)
إن مثل هذا الفكر للأريوسيين هو في الحقيقة إلى فناء وزوال. ولكن كلمة الحق التي كان ينبغي على هؤلاء أن يدركوها هي كما يلي: إذا كان الله ينبوعًا ونورًا وأبًا، فليس من الجائز القول بأن الينبوع جاف(48) أو أن النور بلا شعاع أو أن الله بلا كلمة، لئلا يكون الله غير حكيم، وغير عاقل، وبلا شعاع. وإذن فحيث أن الآب أزلي، فبالضرورة يكون الابن أيضًا أزليًا، لأن كل ما نفطنه عن الآب فهو بلا شك في الابن أيضًا، لأن الرب نفسه يقول، “كل ما للآب فهو لي” (يو 16:16)، وكل “ما هو لي هو للآب” (يو 17: 10). فالآب أزلي، والابن هو أيضًا أزلي أيضًا هو “الكائن على الكل إلهًا مباركًا إلى الأبد أمين” (رو 9: 5). فليس من الصواب القول عن الآب: “كان هناك زمن لم يكن فيه موجودًا”. وليس من الصواب القول عن الابن: “كان هناك زمن لم يكن فيه موجودًا”. الآب ضابط الكل، والابن أيضًا ضابط الكل، كما يقول يوحنا: “هذا ما يقوله الرب الكائن والذي كان والذي يأتي، الضابط الكل” (رؤ 1: 8).
الآب نور والابن شعاع ونور حقيقي. الآب إله حقيقي والابن إله حقيقي، فهكذا كتب يوحنا “فنحن في الحق في ابنه يسوع المسيح، هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية” (1يو 5: 20). وبوجه عام، ليس هناك شيء مما هو للآب لا يكون للابن. ولذلك فالابن هو في الآب (يو 14: 10) والآب هو في الابن، لأن كل ما هو للآب يكون في الابن، وأيضًا كل هذا يُدْرَك في الآب. وعلى هذا النحو يُدْرَك القول: “أنا والآب واحد” (يو 10: 30). لأنه لا توجد أشياء في الآب، وأخرى مغايرة في الابن، بل أن كل ما هو في الآب هو في الابن أيضًا، وحيث أنكم ترون في الابن تلك الأشياء التي ترونها في الآب، فإنكم تدركون حسنًا ذلك القول: “من رآني فقد رأى الآب” (يو 14: 9).
_____
(48) “الينبوع جاف” لا شك أن أثناسيوس يقصد بلفظتي (Asophos) “بدون حكمة” و(Alogos) “بدون كلمة” المعنى المزدوج، ليس فقط أن الله “بدون حكمة” أو “بدون كلمة”، بل يكون الله في هذه الحالة “غير حكيم” و”غير عاقل، في كيانه وجوهره. ولذلك فإن أثناسيوس في مقاله (ضد الأريوسيين 1: 14) يتهم الأريوسيين بأنهم ينسبون لله “عدم العقل” (Alogia). (انظر المقالة الأولى الترجمة العربية ص 34). وعلى هذا الأساس فإن الأريوسيين ينزلون بالابن إلى مستوى ملكة غير شخصية في الحياة الإلهية،.. كما أنهم ينكرون أن يكون الله شخصًا. ولا تكون وحدانية الله مشخصة. أما في فكر أثناسيوس فهو يلتزم في شرحه لوحدانية الله بما يقول به الوحي في الكتاب المقدس. فإنكار المساواة بين الابن والآب في الجوهر يعني في الواقع نفي الشخصية بملئها عن الله. والواقع أنه لا يمكن أن نتحدث عن الله كشخص إذا أنكرنا ألوهية الابن حكمة الله وكلمته. فالله في العقيدة المسيحية هو شخص حي محب ومتكلم في يسوع المسيح. وإلغاء ألوهية الابن هو النظر إلى الله كمجرد قوة وليس شخصًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/all-present.html
تقصير الرابط:
tak.la/2s9cr22