ولنتأمل أمرًا أخيرًا.... ألم يكن في استطاعة الابن الأزلي أن يأتي إلى العالم كإنسان من غير أن يولد من امرأة؟ ألم يظهر لإبراهيم عند البلوطة بل ألم يظهر أحد خلائقه... "وهو ملكي صادق" لإبراهيم؟ وليس ذلك فحسب بل أن الكثير منا قد اختبر ظهور مثل هؤلاء الأشخاص النورانيين في وقت ما. فلماذا اختار رب المجد أن يولد صغيرا وينمو حتى يكتمل نموه؟ لقد شاء ذلك لسببين: أولهما أنه وعد منذ السقوط بأن نسل المرأة سيسحق الحية، وبهذا الوعد وبتحقيقه أكد للعالم أنه نزع خطية حواء ورفعها من سقطتها كما فعل بآدم. فكما نقول أن في آدم الأول دخلت الخطية وفي آدم الثاني جاء الخلاص كذلك نقول أن في حواء الأولى تغلبت الحية على المرأة وفي حواء الثانية انتصرت المرأة على الحية. فالذي تغطي الملائكة وجوهها من بهاء عظمة مجده هو بعينه الذي ولدته العذراء. وثانيهما - ليجوز كل الاختبارًات التي يجوزها الناس تمامًا كي يجعلهم يدركون أنه شابههم في كل شيء -ما خلا الخطية- وأنهم بهذا التشابه يستطيعون أن يرتفعوا عن طبيعتهم الإنسانية ويصيروا مشاركين الطبيعة الإلهية.
ولكن ما نستطيع إدراكه هو أنه تعالى شاء أن يخلق الإنسان من جنسين لكي يعمله مبدأ التعاون من البداية. ألم يقل خالق الأكوان: "ليس جيد أن يكون آدم وحده فأصنع له معينا نظيره" - أليست تشير بوضوح إلى وجوب التعاون والى أن هذا التعاون يتضمن معنى المساواة؟ فالمعين هو المساعد أو المتعاون والنظر هو المثيل أو المتساوي. ويبين لنا الله مقدما مبدأ المساواة إذ يقول لنا على لسان نبيه موسى: "فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرًا وأنثى خلقهما"(49) فكلاهما مخلوق على الصورة الإلهية وكلاهما أيقونة الله في العالم(50).
_____
(49) (تكوين1: 28).
(50) يجدر بنا أن نلحظ أن الكتاب يتكلم عن الذكر والأنثى معًا بصيغة المفرد، وليس من شك في أن الله يريد بهذا التعبير توكيد الوحدة والالفة الواجب قيامها بين الاثنين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/born-of-a-woman.html
تقصير الرابط:
tak.la/3yz5ttq