11- بعض المزامير -بمقارنتها بالأسفار الأخرى- تَتَضَمَّن مبادرة تجعل القارئ يتطابَق مع الكلمات إلى حد أنه يعتبرها كلماته شخصيًّا. لذلك يتأثر السامع حتى أعماقه، ويصغي إليها كأنما هو يستمع إلى نفسه، وكأن الترانيم المُلقاة على مسامعه ترانيمه الخاصة. فلا نخشى من تكرارها حرفيًّا. ومعظم كلمات الأسفار الإلهية صادرة عن البطاركة، وموسى كان يَتَكَلَّم والله يجيب، وكلٍ من إيليا وأليشع في وقفته على جبل الكرمل كان ينادي على الله ثم يقول: "حي هو الرب الذي أنا واقف أمامه اليوم." وأهم كلمات الأنبياء هي المختصة بالمخلص، ثم ما يتعلق بالأمم وبإسرائيل. ومع ذلك فليس هناك مَنْ يُرَدِّد كلمات البطاركة كأنها كلماته، ولا من يجرؤ على أن يقلد موسى بترديد أقواله. وهكذا مع بقية الآباء. ولو أحسّ أحدنا بحنان على المتألمين وشاء في أية لحظة أن يتسامَى، فلن يَتَكَلَّم أبدًا كموسى حين قال لله "اكشف عن ذاتك لي" ولا أن يتفوَّه "والآن إن غفرت خطيتهم وإلا فامحني من كتابك"! صحيح إننا بقراءتنا الأسفار الإلهية نُرَدِّد كلماتها، ولكننا لا نقولها على أنها كلماتنا، بل نرددها ونحن على وعي بأنها كلمات القديسين. وأولئك الذين يتحدثون إليهم. ولكن العجب العُجَاب أن الذي يُرَدِّد المزامير يقولها كأنها صادرة عن نفسه. وكل واحد يَتَرَنَّم بها كأنها كُتِبَت خصيصًا له، وهو يقبلها ويرتلها ليس كأن شخصًا آخر يَتَرَنَّم بها ولا كأنها تَتَحَدَّث عن شخص آخر، ولكنه يستعملها كأنه يَتَكَلَّم عن نفسه، والكلمة مُصَاغَة بأسلوب تجعله يرفعها إلى الله، كأنه هو الذي فاه بها وَسَلَكَ بموجبها. لأن المزامير تُعَبِّر بفهم عن ذاك الذي يحفظ وصايا الله وعن ذاك الذي يَتَعَدَّاهَا، وما هو عمل كل منهما. وكل واحد منا محصور بين الاثنين، وبوصفه حافِظًا الوصايا أو مُتَعَدِّيًا إياها يُرَدِّد الكلمات التي تناسبه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/athanasius-psalms/prayers.html
تقصير الرابط:
tak.la/y9hkpw6