12- وَيُخَيَّل لي أن هذه الكلمات تصبح كمرآة للإنسان الذي يَتَرَنَّم بها، لكي يبصر نفسه وانفعالاته واختلاجاته. وبالتالي يُرَدِّدها تِبْعًا لحاجته. إن الواقع أن ذاك الذي يسمع، تُقْبَل الترنيم كأنها عنه. وعند ذاك إن تَوَبَّخ من ضميره واخترقته الكلمات فإنه يندفع إلى التوبة، وإن رَنَّ في أذنيه الرجاء الكائن في الله والمعونة المتوفرة للمؤمنين وأدرك أن هذه النعمة من حقه، فإنه يَتَهَلَّل ويرفع الشكر لله. إذن، فَمَنْ يَتَغَنَّى بالمزمور الثالث (مز 3) "يا رب ما أكثر مضايقيَّ.." فهو -بإدراكه ما هو فيه من ضيق- يتخذ الكلمات على أنها صادرة عن أعماقه، وان تَغَنَّى بالمزمورين 11 و16 (مز 11؛ 16) " على الرب توكلت.." و"احفظني يا الله فإني عليك توكلت" (انظر أيضًا تفاسير سفر المزامير في موقع الأنبا تكلا هيمانوت)، فإنه يطمئن إلى أنه يعلن صلواته وثقته بالله، في حين أن من يُرَدِّد (المزمور 51) يجد الكلمات مناسبة له ليعلن بها توبته. أما الذي ينشد (مزمور 54): "اللهم باسمك خلصني" و56 (مز 56) "ارحمني يا الله لأن الإنسان يتهمني" و57 (مز 57) "ارحمني يا الله ارحمني" و142 (مز 142) "بصوتي إلى الرب صرخت" - الذي ينشد هذه المزامير لا يَتَمَعَّن في أن شخصًا ما واقِع تحت الاضطهاد، بل انه هو نفسه المتألم، وبالتالي يَتَأَثَّر بما ينْشِد، فيُرَدِّد هذه الكلمات رافعًا بها نفسه نحو الله. وبالإجمال، فكل مزمور صيغ وقيل بالروح لكيما بهذه الكلمات عينها يمكننا الوعي بتيارات نفوسنا، فيُرَدِّدها كل مِنَّا على أنها خاصة به، صادرة عنه، تُذَكِّرهُ بانفعالاته وتؤدبه في حياته. لأن ما قاله أولئك المنشدون توجيه لنا، وهم أيضًا قدوة نسير بموجبها ومستوى نسعى نحوه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/athanasius-psalms/mirror.html
تقصير الرابط:
tak.la/5sgxjq7