 |
10- فلتكن هناك مثل هذه النعمة المشتركة التي للروح الواحد في الكل، ولتوجد هذه النعمة عينها في كل واحد كلما استلزمتها الحاجة ورغب الروح فيها، فالأكثر والأقل فيما يتعلق بهذه الحاجة لا يختلف ما دام كلٍ يحقق خدمته ويكملها، ومع ذلك فلأن لسفر المزامير نعمة خاصة به وتعبيرًا دقيقًا متميزًا، لأنه بالإضافة إلى الأشياء الأخرى التي يتمتع فيها بالتقارب والتآلف مع الأسفار الأخرى، فانه يتسم فوق ذلك بهذا العجب الخاص به؛ وهو أنه يتضمن حتى الانفعالات التي تختلج بها النفس، كما يشمل التغييرات والتصحيحات التي تعتريها، بل إنه يحددها وينظمها. لهذا السبب فكل مَنْ يرغب في أن ينال بغير حساب، وأن يَتَفَهَّم المزامير لكي يُشَكِّل نفسه بناءً على هذا الفهم، فإنه يجد المجال متوفرًا فيها. لأننا في الأسفار الأخرى نسمع ما يجب أن نعمله وما يجب أن لا نعمله، ونصغي إلى الأنبياء لنكون على عِلْم بحتمية مجيء المخلص. ونُطَالِع التواريخ مستهدفين معرفة أعمال الملوك والقديسين. أما في سفر المزامير فالسامِع لا يَتَعَلَّم هذه الأشياء فحسب بل إنه أيضًا يَتَفَهَّم ويَتَعَلَّم منها انفعالات النفس، وبالتالي وعلى هذا الأساس يَتَعَرَّف على ما يؤثر فيه وما يلزمه، ويَتَمَكَّن من أن تكون له الصورة التي ترسمها الكلمات.
← انظر كتب أخرى للمؤلفة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
هنا نجد أن الأنبا أثناسيوس -تحت سِتَار الرجل الشيخ- يشير إلى أن المزامير لها أثر ثلاثي: 1- نَتَعَلَّم منها التاريخ والنبوات المتوفرة في الأسفار الأخرى، 2- تَتَهَذَّب الانفعالات باستثارتها ثم بتنظيمها، 3- ينبعِث منها تفتح ذهني أعمق من مجرد الفهم في بدايته، أو بعبارة أخرى تَبَصُّر بالصورة الناتجة عن كلمات المزمور يجعل القارئ يتناغَم معها إلى حد تُصَوِّرهُ أنهُ هو المتكلم بالمزمور والعامل فيه. لذلك فخلال الاستماع إلى المزامير يَتَعَلَّم الإنسان أن لا يتجاهل الشهوة، بل بالحري يَتَحَكَّم فيها وينال الشفاء منها عن طريق الكلمات والأعمال - صحيح أن الأسفار الأخرى تَتَضَمَّن النهي عن الشر، ولكن هذا السفر يقدم الوسيلة التي بها يَتَمَكَّن الإنسان من الامتناع عن الشر، ومن هذا القبيل أيضًا يتلقَّى الأمر بالتوبة، لأن التوبة هي الكَّفْ عن الخطية. وهنا تعطينا المزامير كيفية التوبة وماذا نقوله حين نشعر بالحاجة إلى التوبة. فقد قال الرسول: "إن الضيق ينشىء صبرًا. والصبر تزكية، والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي" (رومية 5: 3-5). وفي المزامير مكتوب كيف يجب أن يحتمل الإنسان الضيق، وما يجب أن يقال لإنسان في التجارب، وما هي كلمات أولئك الذين يترجون الله، ثم أن هناك أمرًا بأن نشكر الله في كل حين (1 تسالونيكي 5:18) بينما توضح لنا المزامير ما يجب أن نقوله حين نقدم الشكر. كذلك نسمع من الآخرين أن" جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يُضْطَهَدُون" (2 تيموثيئوس 3: 12)، ونحن نَتَعَلَّم من المزامير ما يجب أن ننادي به ونحن نهرب، وما هي الكلمات الواجِب رفعها نحو الله ونحن تحت الاضطهاد وبعد النجاة منه. كما أننا مُطالبون بأن نبارك الله ونعترف باسمه، فترشدنا المزامير كيف نسبح الله وبأية كلمات نستطيع الاعتراف بإيماننا به بدقة، وكل واحد منا على حدة يمكنه أن يجد التسابيح الإلهية المناسبة له ولانفعالاته ولاتزانه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/athanasius-psalms/feelings.html
تقصير الرابط:
tak.la/4j6mfyg
