الساعة الآن قاربت الحادية عشر صباحًا، وقد أمر قائد المئة بعض الجنود بإحضار ثلاث عارِضات أفقية من المخازن العمومية، لأن العارضات الرأسية كانت تترك في مكان الإعدام، وأمر بإخراج ديماس وأماخوس اللصان من السجن، وأي قائد مئة روماني يعد هذه المهمة مهمة وضيعة، إذ يقود بعض الأشقياء للموت صلبًا، فأين هذا من قتال الميدان وصياح الفرسان وصراع الجبابرة؟!
وحمل يسوع وكذلك اللصان كل واحد عارضة صليبه على كتفيه، وربطت يداه إليها، ويبلغ وزن العارضة نحو خمسين كيلو جرام، وسار اللصان في منتهى اللياقة إذ لم يعانيا أي عذابات ولا جلدات قاتلة كما حدث مع يسوع، الذي أحسَّ بثقل هذه العارضة كجبل جاثم على منكبيه اللتان شوهتهما الجلدات وحفرت فيهما أخاديد وجروح وتهتكات، وعندما تلامست مع سطح العارضة الخشن إلتهبت بنار الألم.
وسار موكب الموت من دار الولاية يتقدمه أحد الفرسان ممتطيًا صهوة جواده في كبرياء يُعلن عدالة وقوة وسطوة روما، ولست أدري إن كان هذا الفارس مقتنعًا بما دار وما يدور أم لا..؟!
يا أيها الفارس المغوار أشعرت بالعدالة المذبوحة..؟!
يا أيها المتشدق بالحق لماذا تسير بافتخار وعنجهية في موكب الظلم والافتراء؟!
وتقدم كل متهم جندي يحمل لافتة مدون عليها باختصار تهمته، وإذ لم يجدوا تهمة واحدة ليسوع البار كتبوا على لافتته " يسوع الناصري ملك اليهود " بثلاث لغات عبرية ويونانية ولاتينية، وبثلات عبارات "ملك اليهود"، "هذا هو ملك اليهود"، و"يسوع الناصري ملك اليهود" كل عبارة بلغة، والمعنى واحد، وكان هذا تهكمًا وسخرية باليهود الذين رفضوا الصفح عن يسوع البار، وهذا ما قصده بيلاطس من جانب، ومن الجانب الآخر حرم بيلاطس اليهود من فرصة الاحتجاج عليه لدى القيصر بأنه يوالي ملكًا آخر، فهوذا ملككم قد صُلِب، وشكايتكم ضدي قد ماتت، ولذلك عندما طالبه رؤساء الكهنة والفريسيون بتغيرّها قائلين له: لا تكتب ملك اليهود. بل إن ذاك قال أنا ملك اليهود... ظهرت عليه إمارات الوالي الروماني العنيد وانتهرهم قائلًا: ما كُتِب فقد كُتِب، فقد تحمل بيلاطس ضغوطًا كثيرة من هؤلاء الجحود، ولم يعد بمقدرته أن يحتمل ضغطًا آخر، وقد أشار بيلاطس إلى هذه الحادثة عندما كتب لمعلمه سينيكا يقول "ثم هناك شيء آخر فاتني أن أذكره لك عن موضوع صلب يسوع، لقد علَّقت على صليبه لافتة تحمل لقب {ملك اليهود} وقد أثار هذا مشاعر الفريسيين الذي تمتلئ صدورهم رغبة جياشة في أن يوجد فعلًا ملك لليهود. أنه لمن دواعي سرورهم أن يروا حكم الرومان وقد انزاح عن كواهلهم ليحل محله ملك اليهود، ملك من طراز آخر غير طراز هيرودس نصف اليهودي، ملك من دم يهودي خالص يحكم الولاية عن طريقهم ويسحق الصدوقيين.
لقد قابل هؤلاء الفريسيون اللافتة التي وضعتها على الصليب بغضب بالغ واستياء شديد، لأنها كانت تتضمن الإعلان بأننا أصحاب السلطان عليهم، كما أنهم اعتبروه تحقيرًا لهم وتصغيرًا من شأنهم أن يحمل مثل هذا المجرم لقب {ملك اليهود} وعندما أعربوا عن اعتراضهم قابلت اعتراضهم بحزم وقلت لهم إن ما كتبتُ قد كتبتُ وأمرتهم بالانصراف" (21).
وسار خلف كل متهم عدد من الجنود يحرسونه، وإذ كانت قضية يسوع مثارًا للرأي العام لذلك كُثفت الحراسة في ذاك الموكب، فأحاط بهم عدد ليس بقليل من الجنود الأقوياء المسلحين تحسبًا لوقوع أي أعمال شغب من قِبل مشايعي نبي الناصرة، ومن شدة زحام الأعياد، أخذ الجنود يدفعون الناس المتطفلين دفعًا، وكل إنسان يحاول أن يختلس نظرة لأولئك الذين بعد ساعات سيذهبون إلى مدينة الأموات، ولاسيما معلم الجليل الذي طالما أشبع الآلاف، وعلَّمهم، وشفى مرضاهم، وأقام موتاهم، وبسبب كثرة الضجيج لم يلتفت أحد إلى يسوع الذي يناديهم في صمته: تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم...
وأسرعت الأم العذراء الخطى نحو الموكب يصحبها يوحنا الحبيب، ولكن الجموع الهائجة الهادرة كانت تحول دون أن تدرك ابنها، وحانت التفاتة من يسوع إلى أمه الحنون التي يجوز السيف في نفسها... التفاتة ملؤها الحب والحنان والشفقة، ففي آلامه يشفق على قلب الأم الذي يتمزق ألمًا، ولكن هذه الالتفاتة حملت في طياتها أيضًا الثقة، فكل الأمور مازالت وستظل داخل دائرة الضبط الإلهي، فلتطمئن الأم الثكلى، فلن تكون هذه المسيرة قط نهاية المشوار، وهمس أشعياء النبي في أذن العذراء " وتكون الرئاسة على كتفه "(أش 9: 6).. إن الملك في طريقه لإعلان ملكه ورئاسته.
وأصرَّ رؤساء الكهنة ومشايعوهم من أعضاء مجلس السنهدريم، والكهنة واللاويين، والكتبة والفريسيين والناموسيين على الانضمام إلى موكب الموت -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- وهم يشعرون بالنصرة والفخار، وتنتشي نفوسهم إذ حصلوا على ما يريدون بالضبط رغمًا عن أنف بيلاطس وهيرودس، ورغم إن جنود الحراسة كانوا يقظين إلاَّ إن بعض الغوغاء كانوا ينجحون في تسديد لكمة أو ركلة لأحد المتهمين، فسار اللصان وهما يلعنان ويسبان كل شيء، حتى يومهما المشئوم هذا.
أما يسوع فسار في صمت منهك القوى... لقد أمضى الأسبوع الماضي المشحون بالإثارة، وأمضى ليلة الأمس في المحاكمات الجائرة، وتعرَّض لعذابات وضربات ولطمات وجلدات وحشية، مما جعل قدماه الحافيتان تطبعان بصماتهما الدامية على أحجار الطريق، وقد تلطخ رداءه وتشبع بالدماء النازفة من أثر الجلدات والأشواك، فبدأ وكأنه يلبس ثوبًا من برفيل، ومازالت الأشواك مغروسة في رأسه وجبينه، ومع كل حركة تنزف وتنزف وتلتهب ألمًا، وتسيل الدماء على شكل خطوط لأسفل تلطخ وجهه وخصلات شعره، وتتساقط قطرات على الطريق فترسم طريقًا بالدم يمكن تتبعه من دار الولاية وحتى الجلجثة.
وسمعتُ وسط هذا الضجيج صوت المحبة تنتحب... في موكب نصرته تزاحم رجال أورشليم يهتفون له، أما في موكب صلبه فقد اختفى هؤلاء الرجال المغاوير، وجاءت النسوة اللواتي تدفعهنَّ محبتهنَّ الصافية الطاغية يبكين وينتحبن نبي الناصرة الذي طالما ملأ الدنيا كرازة وأشفية وعجائب، وهو مازال شابًا في عنفوان شبابه، عجزوا عن إدراك قضية الفداء، وإنه سلَّم نفسه لكل هذه الآلام بإرادته، وفي اليوم الثالث سينفض كل هذا ويقوم بعد أن يسحق رأس الحية، ويقهر الموت الذي دوَّخ البشرية، ويقتحم مملكة لوسيفر ويُحرّر من سبق وسباهم... ويا لفرحة القيامة والنُصرة..!!
توقف يسوع أمامهن، وبكلمات متقطعة وصوت متهدج قال: يا بنات أورشليم لا تبكين عليَّ بل ابكين على أنفسكن وعلى أولادكن لأنه هوذا أيام تأتي يقولون فيها. طوبى للعواقر والبطون التي لم تلد والثدي التي لم تُرضع. حينئذ يبتدئون يقولون للجبال إسقطي علينا وللآكام غطينا لأنه إن كانوا بالعود الرطب يفعلون هذا فماذا يكون باليابس...
عجبًا... كل الآلام التي تنهش في جسدك يا يسوع نهش الأفاعي لم تفلح في منعك من التعليم والتحذير: فإنه ستأتي أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة. ويهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجرًا على حجر لأنك لم تعرفي زمان إفتقادك... يوم تحاصر أورشليم... يوم تحل المجاعة القاتلة فتجف الثدي من اللبن قوت الحياة، فيموت الأطفال...
يوم تأكل الأمهات أطفالهن ثمرة بطونهنَّ...
يوم يهدم تيطس الروماني المدينة والهيكل فخر الأمة اليهودية ويدوسه بالنوارج الحديدية فلا يبقى منه حجرًا على حجر لا يُنقَض...
يوم تتشابك الصلبان فوق تلال أورشليم مثل غابة كثيفة، حاملة خيرة شباب ورجال وأراخنة المدينة...
لأنهم إن كانوا فعلوا هذا برب الحياة فكم وكم بالجاحدين الذين قدموا عوض الخير شرًا، وعوض الحياة موتًا..؟!
إن كانوا فعلوا هذا بالبار القدوس فكم وكم بالخطاة؟!
وتابع الموكب المسيرة من دار الولاية إلى تل الجمجمة، نحو ثلاثة آلاف قدم، وهذا هو الطريق الأقصر الذي فضل قائد المئة أن يسلك فيه اختصارًا للوقت، بدلًا من الطريق العمومي الأطول والأشد زحامًا... سار موكب الموت والحياة في طريق الآلام الضيق... كثيرون يعتلون سطح المنازل ويطلون من النوافذ ليروا يسوع الناصري مقتادًا للموت، وكان الموكب ملفتًا للأنظار جدًا، فأي موكب إعدام هذا الذي تسير فيه كل هذه القيادات الدينية؟!!
كما تجمع على طريق الدماء بعض من القطيع الصغير من أتباع يسوع المخلصين ومعارفه وأقاربه، وانبرت "فيرونيكا" إحدى الشابات اللاتي جرح المنظر فؤادها وفطر قلبها وكادت الدموع الغزيرة تمنع رؤيتها لمن حولها... انبرت وتقدمت نحو يسوع بعمل المحبة الشجاع، فشكرها ومرَّ وعبر، وإذ على المنديل طُبع وجه من هو أبرع جمالًا من بني البشر بركة للأجيال...
انظروا هوذا الحامل كل الأشياء بكلمة قدرته يئن تحت ثقل صليبه...
انظروا إلى ذاك الذي سيق كلص ومجرم خارج على القانون من البستان إلى قصر حنان إلى قلعة أنطونيا إلى قصر هيرودس إلى دار الولاية...
انظروا إلى ذاك الذي جاز في مهانة لا توصف وبهدلة تفوق الأوصاف، وقد جاز صنوف الآلامات والعذابات...
انظروا إلى موجات الألم العاتية، والرعدة العصبية التي تعصف بذاك الجسد الرقيق...
انظروا إلى عرقه يتصبب ممتزجًا بقطرات دمه ليصنع دواء لمن لدغته الحية القديمة...
انظروا إلى رأسه المبارك مكلَّلًا بطاقية الأشواك، وقد ترضض من الضربات، والدوار ألمَّ به " من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحَّة بل جُرْح وإحبْاط وضربة طريَّة لم تُعصر ولم تُعصب ولم تلين بالزيت" (أش 1: 6).
انظروا إلى وجهه البارع الجمال وقد خطت عليه لطمات الجبابرة والدماء قصة الخلاص...
انظروا إلى عينيه المتورمتين اللتين لم تعدا تميزان الطريق...
انظروا إلى منكبيه، وظهره المنحني المسخن بالجراحات...
انظروا إلى نفسه التي أحناها الحزن الرهيب " أما إليكم يا جميع عابري الطريق... تطلعوا وانظروا إن كان حزن مثل حزني. الذي صنع بي الذي أذلَّني به الرب يوم حمو غضبه. من العلاء أرسل نارًا إلى عظامي فسرت فيها.." (مرا 1: 12، 13).
انظروا إلى ذاك الذي في درب الهوان يسير، مكلَّلًا بالأشواك...
انظروا إلى ذاك الذي في صمت يتجرع كأس الألم، وإن كانت عيناه لا تذرفا دمعًا فإن جسده يذرف دمًا...
هذا هو يسوع النسمة الرقيقة... الطهارة الكاملة... المحبة الوديعة... البسمة المفرحة... يسير في طريق الآلام، وعلى طول الطريق تفوح رائحة المحبة الخالصة...
وإذ أُنهك يسوع إلى أقصى درجة وهو يحمل صليبًا خشنًا غليظًا، أخذ يترنح في طريق الدماء، واختل توازنه، وسقط على الأرض، وارتطمت رأسه بالأرض الحجريَّة، وارتطمت العارضة التي يحملها بجسده الجريح لتزيده سحقًا وعذابًا وأحدثت السقطات جروحًا في وجهه وركبتيه، ومن دراسة الكفن أصدر د. دافيد ويلز Dr. David Willis تقريره عن مدى الإصابات التي تعرض لها يسوع " انتفاخ في حاجبي العينين - تمزق في جفن العين اليمنى - انتفاخ كبير تحت العين اليمنى - انتفاخ في الأنف - جرح مثلث الشكل على الخد الأيمن متجهًا بقمته نحو الأنف - انتفاخ في الخد الأيسر - انتفاخ في الجانب الأيسر للذقن" (22).
وما كان من الجنود القساة إلاَّ أن ألهبوا ظهره الجريح بالسياط، ويداه المقيدتان إلى العارضة لا تساعدانه على النهوض، فانحنى جنديان يساعدانه في حمل العارضة، وهو يحاول وينجح في النهوض، ويلهث حتى صارت أنفاسه متقطعة، وصدره يعلو ويهبط بسرعة كبيرة، وتوقع البعض له الموت قبل الوصول إلى الجلجثة...
وتكرَّرت السقطات، وبعد عبور بوابة أورشليم سقط سقطته الأخيرة، وعجز عن النهوض ثانية بصليبه، فالروح مازال نشيطًا ولكن الجسد وصل إلى حالة رهيبة من الإعياء...
آه للقوي الجبار الذي سقط تحت ثقل خطايا العالم كله...
آه لو شاء أن يبيد المحيطين به بنفخة منه، بل لو شاء أن يبيد البشرية جمعاء... لفعل!! ولكنها ربك المحبة...
حقًا لقد وقف جند السماء في دهشة وذهول وقد اقشعرت أبدانها... حشود الملائكة تريد أن تزود عنه، ولكنها مضبوطة بكلمته... ليس لها إلاَّ أن تجثوا له في كل خطوة وكل سقطة تقدم له العبادة بكل خشوع وإجلال وتوقير وتعظيم... حقًا إن سكان الأرض لا يدركون مدى الدهشة التي ألمت بجيوش الملائكة وهي تقف في حيرة لا تقدر أن تدافع عن بارئها، لأن هذه هي إرادته ومشيئته، ولا تقدر أن تغمض عيونها عن أفظع وأبشع منظر في الوجود كله... لماذا كل هذه العذابات..؟! أهذا كله من أجلي؟!!
وشعر قائد المئة أنه لم يعد لدى يسوع أي جهد لمواصلة المشوار والصعود إلى تل الجمجمة، وإن ضربات الجند لن تفلح هذه المرة في إنهاضه، فنظر حوله وإذ إنسانًا قرويًا مفتول العضلات عائدًا من الحقل، وقد مال لينظر هذا المنظر العجيب، فدعاه وسأله عن اسمه... سمعان القيرواني... فسخَّره ليحمل العارضة الخشبية الثقيلة...
وانحنى سمعان عن طيب خاطر وفك يدي يسوع من الرُبط التي تربطه بالعارضة، وحملها عنه، وكأنه لا يحمل شيئًا... وكم تمنى لو أنه يقدر أن يحمل يسوع أيضًا ويركب أجنحة الريح ويهرب من ساحة الموت...
ولكن الأمر المدهش والذي يثير في النفس مشاعر ما بعدها مشاعر هو تمسك يسوع بصليبه... إنه التصق والتحم بالصليب... ربط المحبة طوقته وربطته بإحكام نحو صليبه، فأخذ يجد ويجاهد ويعافر ويحاول أن يشارك سمعان في حمل الصليب... سار الاثنان جنبًا إلى جنب، ويد يسوع على كتف سمعان وكأنه يقص عليه ما كان، وما هو كائن، وما هو عتيد أن يكون...
صار الاثنان يرفعان الصليب وكأنهما يلوّحان به رآية خفاقة في الطريق إلى الجلجثة، وهكذا ينبغي أن تظل راية الصليب مرفوعة إلى نهاية الدهور، بل وفي الحياة الأبدية أيضًا...
إنها علامة النصرة والقوة...
علامة التمسك بالمبادئ مهما كانت التكلفة...
علامة الإصرار مهما كان الصليب قاسيًا...
علامة الفخار والانتصار...
أما سمعان هذا فقد صار فيما بعد من أتباع يسوع المصلوب هو وزوجته وولديه الكسندروس وروفس، فيقول بولس الرسول لأهل رومية " سلموا على روفس المختار من الرب وعلى أمه أمي" (رو 6: 13).
_____
(21) المرجع السابق ص 108، 109
(22) الكفن المقدَّس لنيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط والقمص متياس فريد ص 135
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/with-him/blood.html
تقصير الرابط:
tak.la/8hwy5xw