س73: كيف يكون السيد المسيح هو الله ويقول للشاب الغني لا تدعوني صالحًا لأن ليس أحد صالحًا إلاَّ الله وحده؟
ج: هنا نجد مغالطة في السؤال لأن السيد المسيح لم يقل للشاب الغني " لا تدعوني صالحًا " وإنما يقول الإنجيل " وإذا واحد تقدَّم وقال أيها المعلم الصالح أيَّ صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية. فقال له لماذا تدعوني صالحًا. ليس أحد صالحًا إلاَّ واحد وهو الله" (مت 19: 16، 17) فبينما ورث الجميع خطية أبينا آدم، وبينما كان لكل إنسان خطيته الشخصية، وانطبق على الكل قول الكتاب " الجميع زاغوا وفسدوا معًا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد" (رو 3: 10) فإن اليهود كانوا يعظمون رؤساءهم ويدعونهم ببعض الصفات الإلهيَّة مثل الصلاح، ولهذا جاء هذا الشاب وظن أن السيد المسيح مثله مثل بقية المعلمين الصالحين المصلحين، فقال له أيها المعلم الصالح. وهنا أراد السيد المسيح أن ينبه اليهود من خلال هذا الشاب للحقيقة أنه " ليس أحد صالحًا إلاَّ واحد وهو الله".
ونلاحظ أن السيد المسيح لم ينفِ عن نفسه صفة التعليم أو الصلاح، فلم يقل لذلك الشاب لا تدعوني معلمًا، أو لا تدعوني صالحًا، أو أنني لست صالحًا. فهو لم ينفِ الصلاح الكامل عن نفسه. إنما أراد أن يوجه نظر هذا الشاب ويقوده للإيمان به، وكأنه يريد أن يسأله: بأي أسلوب تدعونني صالحًا؟ هل تؤمن بألوهيتي؟ وهل تؤمن أن صلاحي ليس صلاحًا نسبيًا مثل بقية البشر ولكنه صلاح كامل؟ وهل تؤمن أن صلاحي ليس صلاحًا مكتسبًا مثل بقية البشر ولكنه صلاح ذاتي طبيعي؟
كما نلاحظ أنه بعد أن حصر السيد المسيح الصلاح كله في الله، فأنه قال عن نفسه في مواضع أخرى " أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو 10: 11) " أما أنا فإني الراعي الصالح وأعرف خاصَّتي وخاصَّتي تعرفني" (يو 10: 14) فبما أن الصالح هو الله وحده، وبما إن السيد المسيح هو الراعي الصالح. أذًا فالسيد المسيح هو الله وحده، ولهذا شهد بطرس الرسول بقداسته أمام اليهود قائلًا "ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار" (أع 3: 14) " الذي لم يفعل خطية ولا وُجِد في فمه مكر" (1 بط 2: 22) وشهد له بولس الرسول قائلًا "لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شرّ ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السماء" (عب 7: 26) (راجع القداسة الفائقة بالدرس الثاني).
ويقول القديس كيرلس عمود الدين "لذلك تملق الرئيس يسوع وحاول أن يخدعه فتظاهر أنه يتخذ موقفًا متعطفًا معه، ولكن بماذا أجاب العالِم بكل شيء وهو كما هو مكتوب {الآخذ الحكماء بمكرهم} (أي 5: 13) {لماذا تدعوني صالحًا. ليس أحد صالحًا إلاَّ واحد وهو الله} ها أنت ترى كيف برهن المسيح أن ذلك الرجل ليس حكيمًا ولا متعلمًا رغم أنه رئيس مجمع اليهود إذ يقول له: إن كنت لا تؤمن أنني أنا الله، ورداء الجسد قد جعلك تضل، فلماذا تدعوني بأوصاف تليق فقط بالطبيعة الفائقة (الإلهيَّة) وحدها، بينما أنت لا تزال تفترض أنني مجرد إنسان مثلك وليس فائقًا على حدود الطبيعة البشرية؟ فإن صفة الصلاح بالطبيعة توجد في الطبيعة التي تفوق الكل، أي في الله فقط وهو (الصلاح) الذي لا يتغيَّر، أما الملائكة ونحن الأرضيون فنكون صالحين لمشابهتنا له أو بالحري باشتراكنا فيه... لذلك هو صالح حقًا أو هو الصلاح المطلق... لذلك فلنضع الصلاح على أنه الصفة الخاصة بالله وحده الذي فوق الكل، وهو (الصلاح) متصل جوهريًا بطبيعته وهو صفته الخاصة، وهو (السيد المسيح) يقول {فإن كنت لا أبدو لك أنني الله حقًا فأنت قد نسبت إلىَّ عن جهل وحماقة الخصائص والفضائل التي للطبيعة الإلهية، في نفس الوقت الذي تتخيل أنني مجرد إنسان أي من لم يلبس الصلاح أبدًا، ولا صفة الطبيعة غير المتغيرة. بل يحصل على الصلاح فقط بموافقة الإرادة الإلهيَّة} إذًا فهذا هو مغزى ما قاله المسيح" (العظة 122 على تفسير إنجيل لوقا للقديس كيرلس السكندري) (125).
_____
(125) دراسات أبائية ولاهوتية - يناير 2001 ص 5.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/divinity-of-christ/dont-call-me-good.html
تقصير الرابط:
tak.la/raszs2f