St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   cross
 
St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   cross

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب أسئلة حول الصليب - أ. حلمي القمص يعقوب

25- الدرس التاسع: معركة الصليب الرهيبة

 

 لقد طالت رحلتنا معًا يا صديقي وما زال في الجعبة الكثير، فأرجو أن لا تكون قد ملَّلت السير في الطريق... وإن كنا نتعب قليلًا فلأننا نسعى نحو الكنز العظيم غالي القيمة... وأيضًا فلنذكر جهاد آبائنا الأبطال الذين حافظوا على الإيمان المستقيم، وقد ضحّوا بكل شيء من أجل أمانتهم المستقيمة ولم يحسبوا حتى حياتهم غالية في سبيل تمسُّكهم بالإيمان الحقيقي. بل ضحوا بحياتهم وسكبوا دمائهم رخيصة على مذبح الإيمان... فلنتذكر جهاد الآباء الرسل الأطهار، ولننظر إلى إيمان الآباء البطاركة أمثال مارمرقس والبابا بطرس خاتم الشهداء والبابا أثناسيوس الرسولي والبابا كيرلس عمود الدين والبابا ديسقورس... ولنضع أمام أعيننا جهاد الآباء القديسين أمثال الأنبا شنوده رئيس المتوحدين والقديس الشهيد مكاريوس أسقف أدكو والقديس العظيم الأنبا صموئيل المعترف... لنتأمل في صبرهم وجهادهم واحتمالهم، والاستهزاء والضرب وخلع الأسنان ونزع شعر اللحية والسحل في الشوارع ومشوار العذاب حتى الموت، وفي كل هذا كان إيمانهم راسخًا كالجبال لم تقوَ عليه كل عواصف الاضطهاد المُرّة. لقد كانت محبتهم للمصلوب تشبعهم في وقت الجوع، وإيمانهم المستقيم يرويهم وقت العطش فلم تهتز قلوبهم ولم تضطرب... عظيم هو إيمانكم يا آبائي... صلوا واطلبوا من الرب عنا ليحفظنا في الإيمان المستقيم إلى النفس الأخير.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 والآن يا صديقي هيا ندخل معًا إلى معركة الصليب الرهيبة لنشاهد:

 أولًا: ربنا يسوع المسيح يخفي لاهوته عن الشيطان.

 ثانيًا: صراع البستان.

 ثالثًا: المعركة الرهيبة على الصليب.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أولًا: ربنا يسوع المسيح يخفي لاهوته عن الشيطان:

 بادئ ذي بدء نقول أن هناك ملاحظتان:

St-Takla.org Image: Jesus Mocked: Ecce Homo (Behold the man, Passion of Jesus, The Red Robe) (John 19: 5), painting by Philippe de Champaigne (image 6), oil on canvas, 17th century, Musée national de Port-Royal des Champs. صورة في موقع الأنبا تكلا: الاستهزاء بيسوع: "هوذا الإنسان" (من آلام السيد المسيح، الرداء) (يوحنا 19: 5)، لوحة للفنان فيليب دي شامبين (صورة 6)، زيت على قماش، القرن السابع عشر، المتحف الوطني لبورت رويال دي شامب، الإيفلين، فرنسا.

St-Takla.org Image: Jesus Mocked: Ecce Homo (Behold the man, Passion of Jesus, The Red Robe) (John 19: 5), painting by Philippe de Champaigne (image 6), oil on canvas, 17th century, Musée national de Port-Royal des Champs.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الاستهزاء بيسوع: "هوذا الإنسان" (من آلام السيد المسيح، الرداء) (يوحنا 19: 5)، لوحة للفنان فيليب دي شامبين (صورة 6)، زيت على قماش، القرن السابع عشر، المتحف الوطني لبورت رويال دي شامب، الإيفلين، فرنسا.

1- بالرغم من عِظم قوة الشيطان وكثرة جنوده وانتشارهم، لكن هذا لا يعني أنه غير محدود، فالشيطان لا يمكن أن يوجد في أكثر من مكان في وقت واحد، ورغم أن الشيطان سريع الحركة لأنه روح إلاَّ أنه قد يمر زمن ما في مكان معين لا يوجد فيه أي روح شرير، وأيضًا المكان الذي يضيء فيه نور اللَّه وتُسمع فيه تسابيح الملائكة الأطهار لا تحتمل الشياطين التواجد فيه لكنهم يهربون منه، فعندما ظهر ملاك الرب للرعاة وأضاء مجد الرب حولهم، ربما تكون الشياطين قد هربت من المكان ولم تسمع بشارة الملاك المفرحة للرعاة بولادة المُخلّص: "وإذا ملاك الرب وقَف بهم، ومَجد الرب أضَاء حولَهُم، فخافوا خوفًا عظيمًا. فقال لهم الملاك: لا تخافوا! فها أنا أُبشِّرُكُم بفرَح عظيم يكون لجميع الشّعب. أنه وُلِد لكم اليوم في مدينة داود مُخلّص هو المسيح الرب" (لو 2: 9 ـ 11).

2ـ عندما أراد الشيطان إسقاط آدم اختفى داخل الحيَّة واقتنص آدم بالحيلة والمَكر والدهاء والخداع، ولم يسقطه بالقوة والقهر، ولذلك عندما أراد اللَّه أن يُخلّص آدم من الشيطان الذي اقتنصه كان لا بد أن يُخلّصه بالحيلة والحكمة وليس بالقوة التي لم يستعملها العدو... أي أنه ما دام الشيطان أخذ آدم بدون استخدام القوة فلا يصح أن يعيده اللَّه إليه باستخدام القوة، لأن اللَّه لو استخدم سلاح القوة الذي لم يستخدمه الشيطان لكان هذا ضد عدل اللَّه الكامل، وكما نقول: "إن الذي أُخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة "هكذا" ما أُخذ بدون القوة من العدل أن يسترد بغير القوة"، وهذا ما أعلنه لنا الإنجيل عندما قال: "لأنه مكتوب الآخِذُ الحُكماء بمكرهِم" (1كو 3: 19) ويقول القديس مار آفرام السرياني: "كما أخفى الشيطان نفسه داخل الحيَّة لكي يُسقِط الإنسان، هكذا أخفى السيد المسيح لاهوته عن الشيطان بالناسوت"(131) والسيد المسيح سَحَق الشيطان بنفس الوسائل التي استخدمها الشيطان في إسقاط الإنسان، فيقول القديس كيرلس الكبير: "إن المسيح غلب الشيطان بالوسائل التي غلب بها الشيطان العالم. لقد حاربه بأسلحته الخاصة التي استعملها هو. وكيف؟ إليك ذلك:

العذراء (حواء)، العود، الموت، كانت علامات انكسارنا، بالعذراء كانت حواء التي لم تكن بعد قد عرفت الرجل، والعود كان الشجرة، والموت قصاص آدم... فالعذراء والعود والموت كانت علامات الاندحار، صارت علامات الغلبة نفسها. فمريم قامت مقام حواء.

وخشبة الصليب مقام شجرة معرفة الخير والشر.

وموت المسيح مقام موت آدم.

وهكذا نجد أن الشيطان غُلِب بالوسائل التي حارب بها، فقد صرع الشيطان آدم بعود الشجرة، والمسيح صرع إبليس بعود الصليب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لقد كان عود الشجرة يُلقي بالناس في الجحيم وعود الصليب أنقذ مَن كانوا قد انحدروا إليه. فالعود الأول عرىَ الإنسان من السلام، والعود الثاني جرّد الشيطان من سلاحه وشهَّره وغلبه على مرأى من العالم... لقد اجتزنا الموت إلى عدم الموت. هذه هي معجزة الصليب... الرب حارب والإكليل لنا. فلنمجد إذًا الثالوث القدوس. هذه هي الإحسانات التي ولدها لنا الصليب"(132).

ولم يعرف الشيطان ولم يفهم هذا التدبير وهذا السر "الفداء" ولو كان الشيطان يعرف أن الذي أمامه هو اللَّه المتأنس ما كان حرَّض اليهود على قتله، ولكان يبذل قصارى جهده لتعطيل عملية الخلاص بالصليب " لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" فعندما تكلّم الإنجيل عن سر الفداء، سر الحكمة الإلهيَّة، الذي رسمه اللَّه قبل كل الدهور لأجل خلاصنا من العدو أوضح أن هذا السر قد أُخفي عن رؤساء هذا الدهر الذين هم الشياطين "بل نتكلّم بحكمَةِ اللَّه في سِرّ الحِكمَة المكتومة، التي سَبَق اللَّه فعيَّنها قبل الدُّهور لمجدنا. التي لم يعْلَمها أحَدٌ من عُظماء هذا الدَّهر (الشياطين) لأن لو عَرفوا لَمَا صَلَبوا رب المجد" (1كو 2: 7، 8).. إذًا الشيطان كان يجهل تمامًا خطة اللَّه لخلاص البشرية وتدبيره لعملية الفداء، ولا سيما أن الشيطان المُتكبّر يعصى عليه إدراك اللَّه المتضع الذي يقوده إلى إخلاء ذاته وأخذ صورة العبد، واحتمال سخرية وعار ومذلة وأهوال الصليب.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(131) نيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط وكفر الشيخ. لماذا الصليب بالذات؟ ص 31.

(132) بطريركية الأقباط الأرثوذكس ـ خدمة الدياكونية الريفية بالإسكندرية ـ الصليب في فكر الآباء ص 8.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/cross/lesson-9.html

تقصير الرابط:
tak.la/bpn7kgm