مارست الكنيسة منذ نشأتها سر الميرون عقب سر المعمودية، فالطفل بالمعمودية ينال مغفرة الخطايا ويصبح ابنا لله، وبالميرون يصبح هيكلًا للروح القدس الذي يعمل فيه ويقوده للملكوت، ويتغذى الإنسان بجسد الرب ودمه. أما الكنيسة الكاثوليكية فقد أجلت سر الميرون لحين وصول الطفل إلى سن التميّيز من السادسة وحتى الثانية عشر، فجاء في مختصر اللاهوت الأدبي تحت رقم 488 " لا يُثبَّت (لا ينال الطفل سر الميرون) تثبيتًا صحيحًا إلاَّ المُعَمد الذي عليه أيضًا، بعد بلوغه سن التميّيز... (ق786)، وجاء في الحاشية " بأمر المجمع اللبناني (مل) بأن لا يُعجَل منح التثبيت عمومًا قبل تمام السنة السادسة وبأن لا يُؤخَر إلى ما وراء الثانية عشر " (408).
أما المجمع الفاتيكاني الثاني فإنه لم يحسم الأمر لأنه لم يحدد السن التي يقبل فيها الإنسان هذا السر، فيقول الأب فاضل سيداورس "وهناك تياران لم يحسم بينهما المجمع الفاتيكاني الثاني:
* اقتبال السر في سن الثانية عشر حتى يعي الفتى (أو الفتاة) وعيًّا شخصيًا معنى هذا السر... غير أن هذا الاتجاه يفصل تمامًا بين سرَّى المعمودية والتثبيت. علاوة على أن المُعمَّدين في هذا العمر نادرًا ما يواظبون على التنشئة الكنسية.
* اقتبال السر في سن السابعة. أي مع "التناول الأول" طبقا لتوجيه مجمع لاتران (1215م).. غير أن هذا الاتجاه لا يأخذ بعين الاعتبار سن الطفل الصغير ويصعب عليه فهم سرّين (دفعة واحدة) ولا سيما أن سرّ التثبيت صعب الفهم، وشخص الروح القدس لغز لعامة المسيحيين، والكنائس الغربية على اختلافها تتبنى حاليًا أحد التيارين" (409)
توضيح:
قال العلامة ترتليانوس "بعد خروجنا من صميم المعمودية مُسحنا بزيت مقدس تبعًا للتكملة القديمة، كما كانوا قديمًا يُدهنون بزيت القرن لنوال الكهنوت" (410)
وقال القديس كيرلس الأورشليمي "ونحن أيضًا بعد أن صعدنا من جرن الينابيع المقدسة مُنحت لنا المسحة رسمًا لما مُسح به المسيح أعنى الروح القدس" (411)
وجاء في القانون 48 من قوانين مجمع اللاذقية (343-381 م.) "أن الذين تعمدوا يجب بعد معموديتهم أن يمسحوا بالمسحة السماوية ويصيروا مشتركين في ملكوت المسيح... (وقال فان اسبن) يشير هذا القانون إلى المسحة بالميرون على جبهة المُعمَد وهو سر التثبيت" (412)
وجاء في كتاب علم الذمة الكاثوليكي "حسب عادة الكنيسة القديمة كان يُمنَح هذا السر (التثبيت) للأطفال مع سر العماد" (413)
وقال الأب فاضل سيداروس اليسوعي "فأما في الشرق فقد كلف الأساقفة قساوستهم منح السر (الميرون) تكليفًا كاملًا، المعمودية وسر الروح القدس، فكان القساوسة يمنحونهما مع الأفخارستيا، فُعرفت هكذا "أسرار التدرج" التي اُعتبرت مدخلًا للحياة المسيحية عامة ولسائر الأسرار خاصة... ومن مزايا النظام الشرقي هذا الحفاظ على وحدة سرّي المعمودية والميرون أمانة لممارسة الكنيسة الناشئة في سفر أعمال الرسل حيث المعمودية ووضع الأيدي معًا" (414)
ولا أدرى لما تحرم الكنيسة الكاثوليكية أطفالها من سكنى روح الله فيهم يرشدهم ويعلمهم ويذكرهم بكلمات الرب يسوع، هل بحجة أنهم لا يدركون؟ وهل فاعلية السر تتوقف على إدراكنا، ولو كان الأمر هكذا فلماذا يمنحونهم سر العماد المقدس رغم أنهم لم يدركوا بعد؟!
وإن كان روح الله القدوس حلَّ على يوحنا المعمدان وهو ما زال جنينًا في بطن أمه فهل كان مخطئًا في هذا؟! والمرضى الذين يتناولون الأدوية لعلاجهم هل تتوقف فاعلية هذه الأدوية على إدراكهم وفهمهم لتأثير هذه الأدوية في مقاومة أمراضهم..؟! أن ما تفعله الكنيسة الكاثوليكية من تأخير سر الميرون يُعد جريمة ضد الطفولة البريئة لا يماثلها إلآَّ جريمة منعهم في التناول من الأسرار المقدسة في ذات الكنيسة.
_____
(408) المرجع السابق ص422.
(409) سرّا المعمودية والتثبيت ص150، 151.
(410) تنوير الأذهان بالبرهان إلى ما في عقائد الكنيسة الغربية من الزيغان ص32.
(411) المرجع السابق ص 33.
(412) مجموعة الشرع الكنسي - الأرشمندريت حنانيا إلياس كساب ص132.
(413) علم الذمة ص162 - أورده الأسقف ايسيذورس في كتابه تنوير الأذهان بالبرهان ص26.
(414) سرّا المعمودية والتثبيت ص131، 132.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/sacraments-oil-when.html
تقصير الرابط:
tak.la/k7j465s