يقول الأخوة الكاثوليك بأن الله إله المحبة خالق كل البشر ومخلّصهم لا يمكن أن يهتم بشعب اليهود فقط ويترك بقية الشعوب الوثنية. لذلك فهو ربىَّ الوثنيّين وأهتم بهم، وأقام منهم أنبياء، وقطع معهم عهدًا، ولأن الأخوة الكاثوليك لم يجدوا السند لأقوالهم هذه من الكتاب المقدس لذلك نقَّبوا في أقوال الآباء لعلهم يجدون ما يسندهم في أقوالهم، فيقول الأب جوزيف بُوحَجَر اليسوعي في محاضرته عن آباء الكنيسة والوثنيين والوثنية:
" د - العناية الإلهية تربّي الوثنيين وتهتم بهم... الخالق لا يمكنه أن لا يهتم بمخلوقاته، ويوستينوس كان أول من اعترف بهذا اليقين حين كتب في دفاعه الموجه إلى مجلس الشيوخ الروماني " ينبئ (الله) بالمستقبل بالروح النبوي، ليدعو البشر إلى الفهم والذكرى، ويُظهر بذلك اهتمامه بهم وعنايته الإلهية " JVSTIN Apologie , 44)) في هذه الفقرة يؤكد يوستينوس أولًا أن أنبياء العهد القديم لم يتنبأوا للشعب اليهودي فقط، بل أن أٌقوالهم كانت موجَّهة إلى جميع البشر... (ويكرّر يوستينوس) أن أجزاء الحقيقة الصغيرة التي عند الفلاسفة وصلت إليهم بفضل الاقتباسات التي أخذوها من الكتَّاب المُلهمين... جرؤ اكليمنضس على القول في الكتاب السادس من مجموعة الأبحاث CF Les Stromates VI. 5)) وكأنه يردّد صدى الآية الأولى من الرسالة إلى العبرانيين، أن الله كما أنه أقام أنبياء عند اليهود، أقام عند اليونانيين أنبياء آخرين يتكلمون لغتهم ويُعدّونهم لتلقى الوحي في يسوع المسيح. وموضوع الأنبياء الوثنين نجده أيضًا عند أوريجانس حين يعلق على حادث العرّاف الوثني بلعام، الذي بارك اليهود بدل أن يلعنهم... أن الله على ما ورد بقلم أكليمنضس أقام أكثر اليونانيين اعتبارًا ليكونوا أنبياءهم. ولماذا؟ السبب هو بسيط، فإن أوريجينس يصرّح بأن الله في رغبته أن "يخلص جميع البشر" يتكيَّف مع العقلية الوثنية وأحكامها المسبقة... وكان أكليمنضس ينطق من فكرة استعداد إنجيلي لليونانييّن، فلم يتردّد في تسمية هذا الاستعداد عهدًا فإننا نقرأ في "البحث السادس" هذا النص: "أن الله أعطانا العهد الجديد، أما عهد اليونانيّين واليهود فهما العهدان القديمان... أن الإله الواحد هو الذي أعطى العهدين والذي أعطى اليونانييّن الفلسفة اليونانيَّة التي بفضلها يُمجّد القدير عند اليونانييّن. فبالتربية اليونانيَّة وبتربية الشريعة ليس هناك إلاَّ شعب واحد... أن أكليمنضس يقيم توازنًا بين اليهود وغير اليهود تُسمى عهدًا، فما من داعٍ إلى عدم تسمية الفلسفة اليونانية أيضًا عهدًا " (565)
توضيح:
في عقائدنا المسيحية نعتمد على آيات كتابية واضحة وصريحة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولا نكتفِ بآية ونترك بقية الآيات التي تمس الموضوع، فبالأكثر لا نعتمد على بعض أقوال الآباء في تكوين عقيدة ما بينهما نجد آباءًا آخرين يهاجمون ذات العقيدة.
وعلى كلٍ فإن قول يوستينوس بأن "أنبياء العهد القديم لم يتنبأوا للشعب اليهودي فقط بل أن أقوالهم كانت موجَّهه إلى جميع البشر، وإن أجزاء الحقيقة الصغيرة التي عند الفلاسفة وصلت إليهم بفضل الاقتباسات التي أخذوها من الكتَّاب المُلهمين " هو قول مقبول لأنه يشهد بأن المرجع الأساسي في قضية الخلاص هو الكتاب المقدس، وقول اكليمنضس بأن الله أقام أنبياءًا من اليونانييّن ليعدونهم لتلقى الوحي في يسوع المسيح، فيمكن قبول هذا القول على أساس أن بعض الفلاسفة نادوا بأنه لا أمل في نجاة وخلاص الإنسان إن لم ينزل الله من السماء وينقذه. أما إذا أُخذ المعنى على أن هناك أنبياء وثنيون تنبأوا بأقوال الله فهذا مرفوض حتى لو قال به بعض الآباء، فأقوال الآباء هنا التي لا تعتمد على آيات كتابية صريحة مجرد اجتهاد منهم قد يصح وقد يخطئ، ولا يخفى عن القارئ أن أوريجانوس كان يقول بخلاص الشيطان وبأنه سيصير في شكل الله ولا أظن أن أحدًا من الأخوة الكاثوليك يقبل قولًا كهذا...
ونشكر الله أن الأب جوزيف لأمانته أورد بعض أقوال الآباء الذين رفضوا بشدة فكرة خلاص غير المؤمنين، فقد أورد بعض أقوال ترتليانوس فمثلًا عند حديثه عن الفلسفة الوثنية قال "فأيّ شركة بين أثينا وأورشليم، بين المجمع والكنيسة، بين الهراطقة والمسيحيّين؟ إن تعليمنا آتٍ من الرواق، ولكن من رواق سليمان، الذي يعلمنا هو نفسه " أن نبحث عن الله في سلامة القلب " ففي ماذا يفكر الذين يريدون أن يصنعوا لنا مسيحية رواقيَّة أفلاطونية أو جدليَّة؟ لا، لا، لسنا في حاجة إلى فضولٍ بعد يسوع المسيح، ولا إلى أبحاث بعد الإنجيل. فحين نؤمن لا نعود ونبحث عن أي شيء وراء إيماننا.."TERTULIEN , DE La Prescription Contre Les Heretiques. 7 ) ) " (566) وعند حديثه عن العبادات الوثنية قال "الشيطان عمل على تقليد الإلوهة فوراء كل وثن يستتر شيطان " (567)
_____
(565) هل من خلاص لغير المسيحيين؟ ومؤتمر حول لاهوت الأديان " مُستل من مجلة المشرق اليسوعية سنة 1996م ص299-302.
(566) المرجع السابق ص307.
(567) المرجع السابق ص309.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/non-believers-salvation-prophets.html
تقصير الرابط:
tak.la/z4s3wqk