St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   catholic
 
St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   catholic

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب يا أخوتنا الكاثوليك، متى يكون اللقاء؟ - أ. حلمي القمص يعقوب

380- رابعًا: هل توافق الكنائس الأخرى على عقيدة خلاص غير المؤمنين؟

 

لا توجد كنيسة مسيحية غير كاثوليكية تؤمن بخلاص غير المؤمنين خارج دائرة المسيح سواء من الكنائس الأرثوذكسية، أو الروم الأرثوذكس، أو أحد من الطوائف البروتستانتية المختلفة وإليك حوار بسيط (602) أجراه الأب فاضل سيداروس اليسوعي مع كاهن من الأرمن الأرثوذكس (يُشار إليه بحرف "أ") وآخر من السريان الأرثوذكس (يُشار إليه بالحرف "س") وثالث علماني قبطي أرثوذكسي ملتزم لاهوتيًّا في كنيسته (يشار إليه بالحرف "ق") حيث عرض الأب فاضل الحوار على شكل أسئلة، وكانت النتيجة إجماع الطوائف الثلاث على رفض عقيدة خلاص غير المؤمنين، فردًا على السؤال الأول بشأن خلاص غير المؤمنين جاءت الإجابات كالتالي:

 

(أ): الحق يقال أننا لا نشد على عدم خلاص غير المسيحيين بقدر ما نركز على الخلاص بيسوع المسيح وهذا ما نُعلّمه في عظاتنا وفي مدارسنا.

(س):1- أن اليهود يرشُّون الشعب بدم الذبائح الحيوانية لمحو خطاياهم، وأمَّا نحن فنخلص بدم المسيح. أن خلاصنا بصليب المسيح، ويقرُّ المسلمون أن المسيح لم يُصلب بل صُلب أحد تلاميذه.

2- بدون الإيمان بالمسيح ابن الله الحي لا يمكن دخول ملكوت الله ولا نيل الحياة. وأما اليهود والمسلمون فلا يعترفون بأن المسيح ابن الله.

3- أن حياة المسيح تُمنح من خلال الأسرار التي تهب نعم المسيح والروح القدس: المعمودية والميرون والأفخارستيا "إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فلن تكون فيكم حياة" (يو6: 53) وكذلك من لا يعتمد...

4- غير أن الخلاص للجميع [يقصد لكل من يؤمن بابن الله].

(ق):1- المسيح هو الطريق الوحيد إلى الخلاص. ولا يتطرق الكتاب المقدس إلى وسيلة أخرى أو طريق آخر يختص بالذين لا يؤمنون بالمسيح.

2- لا بُد من الإيمان، لا الإيمان النظري، بل ممارسة الأسرار ولا سيما المعمودية والتوبة.

St-Takla.org Image: The Holy Spirit in the shape of fire, inside three hearts, by Fahmy Eshak صورة في موقع الأنبا تكلا: الروح القدس الناري (في شكل نار) في ثلاثة قلوب، رسم الفنان فهمي إسحق

St-Takla.org Image: The Holy Spirit in the shape of fire, inside three hearts, by Fahmy Eshak

صورة في موقع الأنبا تكلا: الروح القدس الناري (في شكل نار) في ثلاثة قلوب، رسم الفنان فهمي إسحق

وبشأن السؤال الثاني عن دور شريعة غير المسيحيين وضميرهم حسب قول معلمنا بولس الرسول". فالوثنيون الذين بلا شريعة إذ عملوا بحسب الطبيعة ما تأمر به الشريعة، كانوا شريعة لأنفسهم، هم الذين لا شريعة لهم فيدلون على أن ما تأمر به الشريعة مكتوب في قلوبهم أو تشهد له ضمائرهم وأفكارهم، فهي تارة تشكو وتارة تدافع عنهم.." (رو2: 12-16) جاءت الإجابات كالتالي:

(أ): المشكلة الاعتماد على آية وترك سائر الآيات. ثم لا ننسَ أن بولس أراد أن يكون "يهوديًّا مع اليهود، ويونانيَّاَ من اليونانيين" ليربحهم للمسيح فيخلصوا. فلا عجب بالتالي إذا تقرب إليهم.

(س):.. اليهود أيضًا فسدوا... فأنزل الله عليهم الشريعة الموسوية -أي الوصايا العشر- وهي شريعة طبيعية، وأما الوثنيون فضميرهم بمثابة الشريعة، ومن جهة أخرى كتب بولس ذلك عندما لم تصل البشارة بعد إلى الجميع، فهم بالتالي يُدانون بحسب شريعتهم أو بحسب ضميرهم. وأما الآن فقد وصلت البشارة إلى جميع الناس.

(ق): لم يقصد بولس في هذا النص خلاص غير المسيحيين بل إدانتهم، فالشريعتان -اليهودية والطبيعية- لا تستطيعان أن تُوصّلا إلى الخلاص، فكل ما بوسعهما أن تقوما به أن تُعِدَّا للإيمان - لا للخلاص - شأنهما شأن الطبيعة التي خلقها الله، أو الكرازة التي يكرزها الكارزون. فليست هناك وسيلة للخلاص إلاَّ عن طريق المسيح.

وبشأن السؤال الثالث عن قيام غير المسيحيين بأعمال الرحمة ألا تكفى لخلاصهم بدليل قول الرب يسوع "رثوا الملكوت المُعَد لكم منذ إنشاء العالم. لأني جُعتُ فاطعمتوني... كل ما فعلتم لأحد هؤلاء الصغار إخوتي فلي قد فعلتم.." (مت25: 34-40) وجاءت الإجابة كالتالي:

(ق): لا يمكن أن تكون الأعمال سببًا للخلاص إن لم تقترن بالإيمان. إن لم يُذكَر هنا الإيمان، فلأنه لا يُذكَر في جميع الآيات بل هو ضمني. إن الأعمال هنا هي إيمان عملي (وبوجه عام) يمكن القول أن الأعمال لا تؤدى إلى الخلاص إنما تُعِد للإيمان، شأنها شأن الشريعتين والطبيعة والكرازة.

 

وبشأن السؤال الرابع عن مصير أربعة مليارات من البشر غير المسيحيين لا يعرفوا المسيح ولا ينتموا إلى الكنيسة بالمعمودية هل يهلكون هلاكًا أبديًّا رغم أن الله يريد خلاص جميع البشر وحياتهم، وجاءت الإجابات كالتالي:

(أ): لا يحق لنا أن نحكم عليهم، فالدينونة لا تخصنا بل تخص الله الذي يفعل ما يشاء، فعدله لا يكفى بل هناك رحمته أيضًا. وربما سنفاجأ في يوم الدينونة (بخلاصهم) فالباب مفتوح، وإن أغلقنا (عليهم باب الخلاص) أغلقناه على أنفسنا. فنحن لا نعرف ما وراء الحائط وما وراء البناية... وقد يكون (في السماء) أناس (غير مسيحيين) أكثر منا (نحن المسيحيين). لن يُفهم ذلك إلاَّ في اليوم الأخير.

[تعليق: هذا أسلوب تشكيك يتعارض مع آيات الكتاب ومع عقيدة الروم الأرثوذكس، بل ومع أقوال هذا الأب الأرمني التي قالها منذ قليل]

(س): أن الله لا يُريد موت الخاطئ بل خلاصه... وفي سبيل ذلك:

1- أحبَّ البشر حتى اشترك في طبيعتنا (متجسده) ليُشركنا في طبيعته (الإلهية).

2- نزل إلى الهاوية (بعد موته وقيامته) ليُخلّص الموتى الذين كانوا في قبضة الشيطان.

[تعليق: السيد المسيح نزل إلى الهاوية بعد موته وقبل قيامته. نزل بروحه البشرية المتحدة بلاهوته وحرّر نفوس الأسرى الذين ماتوا على الرجاء].

3- يدين الناس الذين لم تصل إليهم البشرى  الصينيين مثلًا- إدانة خاصة (مختلفة عن سائر المسيحيين).

 

 أما الآن فقد وصلت البشرى إلى جميع الناس، وفي جميع اللغات، وذلك بفضل التكنولوجيا والعلم والثقافة.

فالمسيحية معروفة في جميع أنحاء العالم، لذلك سيذهب الأشرار إلى جهنم والأبرار إلى الملكوت، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. والبرهان على ذلك أن أريوس ونسطوريوس حُرِما لأنهما أنكرا المسيح ولم تلغ الكنيسة إلى اليوم الحرمان (الذي استوجباه) فهما إذًا من الأشرار.

(ق):1- أن يوم الدينونة يخص الله، فالله يعمل ما يريد، وليس ومن حقي أن أجعل نفسي (قاضيًا) كأني الله.

2- (وعلى نقيض ذلك) لا (أستطيع أن) أستنتج شيئًا بعيدًا عما أوضحه الإنجيل (مثل خلاص غير المسيحيين).

3- (وإذا جمعنا ما سبق يجب الاعتراف أننا) نعيش في لغز (ونرى حقيقة هذا الموضوع) كمن يرى في مرآة فالمسيح لم يكشف لي (مصير غير المسيحيين) ولكن السؤال ليس: هل يهلكون؟ (لأنهم بالفعل يستوجبون الهلاك، وهذا أمر لا يستدعى السؤال عنه لأنه واضح في الإنجيل) وقد أكون مُقصّرًا أو مسؤوليتي كبيرة (لعدم الكرازة بالمسيح).

وأخيرًا تسأل الأب فاضل عن عدم اهتمام الكنائس الأرثوذكسية بخلاص غير المؤمنين وتطوع هو بالإجابة مُرجِعًا الأسباب إلى:

1- سبب اجتماعي:.. كون معظم الكنائس الأرثوذكسية تعيش كأقليات في وسط أغلبية إسلامية (أو شيوعية) فتشعر بأنها مهدَّدة لأنها كنائس وطنية لا تحظى بمساندة الكنائس العالمية... فإن شعورها بهذا التهديد لا يتيح لها الجو الملائم لطرح مثل هذه القضايا، ولا لكتابة معتقدها في كتب أو مقالات قد تقرأها الأغلبية.

2- سبب رعوي:.. وإن لهذا الجو أثر آخر، وهو التخوف من الارتداد إلى الإسلام، ولا سيما فيما يتعلق بالقضايا الزوجية حيث لا يستطيع مسيحي أن يتزوج من مسلمة بدون أن يُشهر إسلامه. ففي هذا الجو، قد يؤدي الاعتراف بخلاص غير المسيحيين إلى الإكثار من التحويل إلى الإسلام بطريقة طبيعية.

3- سبب إيماني: وثمة سبب آخر، وهو أن الإقرار بخلاص غير المسيحيين قد يُفضى بالمسيحيين إلى الاعتراف بنسبية الأديان، فإن كان جميع البشر من جميع الأديان يخلصون، فلماذا يكون أو يظل أو يُصبح الإنسان مسيحيًا؟ ولماذا على المسيحي أن يُعلن يسوع المسيح ربًّا وإلهاَ ومخلصًا.

 ثم ينتهي الأب فاضل بالنتيجة الآتية: على اللاهوتيين الشرقيين أن يأخذوا بعين الاعتبار جديَّا قصد الله الخلاصي الشامل، وإمكانية خلاص جميع البشر بما فيهم الذين لا يؤمنون بيسوع المسيح ولا يعتمدون باسمه ولا ينتمون إلى كنيسته [وذلك بموجب (مت 25: 34-40؛ رو2: 12-16) وغيرهما من النصوص الكتابية].

كما أنه على اللاهوتيين الغربيين أن يأخذوا بعين الاعتبار جديًّا ضرورة الإيمان.

بيسوع المسيح والاعتماد باسمه [وذلك بموجب (مر16:16؛ يو 3: 5) وغيرهما من النصوص الكتابية].

 

توضيح:

1- الكنيسة الأرثوذكسية كنيسة إنجيلية رسولية، ولأن الإنجيل لم يصرح بخلاص غير المؤمنين بل أعلن أن كل إنسان بعيد عن دائرة المسيح هو مرفوض بل يمكث عليه الغضب الإلهي، ولأن الآباء الرسل في قوانينهم لا توجد أي إشارة إلى خلاص غير المؤمنين، ولذلك فإن الكنيسة الأرثوذكسية ترفض رفضًا باتًا هذه العقيدة المضادة لروح الإنجيل وللروح الرسولية.

2- بحسب تحليل الأب فاضل بأن الكنائس الأرثوذكسية لم تهتم بهذا الأمر لأن أتباعها يعتبرون أقليات يعيشون في بلاد إسلامية أو شيوعية، نقول أن العكس صحيح لأن هذه العقيدة لو قبلتها الكنائس الأرثوذكسية وأعلنتها فإن الأغلبية سترضى عنها، ولكن أيهما أهم رأى أغلبية الناس أم الرأي الإلهي المُعلَن في الكتاب المقدس؟!

3- ربما لا يدرك الغرب والمتمسكون بعقائد الغرب صلابة الإيمان الأرثوذكسي، فإن دماء ملايين الشهداء الأقباط التي سُفكت بأيدي الوثنييّن تصرخ في وجه كل إنسان يبرئ الوثنييّن ويعدْهم بالخلاص بإرادتهم الصالحة أو بأعمالهم الحسنة بدون دم المسيح.

4- وكيف يخلص الهراطقة الذين أضلوا الكثيرين؟! وما رأيك في أريوس هل سيخلص أيضًا..؟! لقد ظهر ابن الله مرتديًا ثوبًا مشقوقًا للبابا بطرس خاتم الشهداء في سجنه، وعندما سأله البابا: مَنْ شق ثوبك يا سيدي. أجابه ابن الله: بأنه أريوس لأنه يريد أن يفصلني عن أبى، فإياك أن تقبله.

5- إن كان عبدَّة الأوثان سيخلصون رغم عبادتهم المرذولة، وما يرتبط بها من سحر وزنا وكذب... إلخ. ألا يقودنا هذا الفكر إلى فكر أوريجانوس الذي قال أن الشيطان نفسه سيخلص بل سيصبح في شكل الله؟!

6- ما رأيك في ملكوت ازدحم فيه اليهود المعاندين وعبدَّة الأوثان والزواني وغيرهم، فهل يجد القديسون مكانًا وراحة لهم في هذا الملكوت أم أنهم يطلبون الخلاص والفكاك منه؟!

7- النتيجة التي وصل إليها الأب فاضل بأن على اللاهوتييّن الشرقييّن مراعاة أن غير المؤمنين سيخلصون بدون الإيمان بالمسيح والمعمودية، وعلى اللاهوتييّن الغربييّن مراعاة ضرورة الإيمان بالمسيح والمعمودية لخلاص الإنسان. هذه النتيجة هي جمع الشيء ونقيضه وطلب التوحيد بينهما، فكيف يمكنك جمع النور مع الظلمة؟ وكيف يمكنك أيها الأب الفاضل توفيق المسيح مع بليعال..؟ حقيقة أن النتيجة التي انتهيت إليها ما هي إلاَّ تعبيرًا عن حيرتك بل حيرة أي إنسان يؤمن بالإنجيل ولا يقدر أن يرفض قرارات المجمع الفاتيكاني الثاني التي هي ضد روح الإنجيل.

8-عندما يتساءل البعض هل من المعقول أن الله يُهلك هذه الأعداد الضخمة؟ ولماذا خلقهم إن كان ينوى هلاكهم..؟ نقول له أن الله عادل وعدله كامل، وهو لا يهلك الأشرار إنما يهلك الشر، وكل من يتمسك بالشر فإنه يهلك بشره أما القصد الإلهي هو الوصول إلى الكنيسة المكمَّلة المفديَّة بالدم الثمين، ولو أخذنا مثالًا مبسطًا لهذه الحقيقة لو أن ملكًا فكَّر في بناء مدينة رائعة الجمال ولكن الله كشف له بأن بعض سكانها سينحرفون للسرقة والكذب والخداع وسفك الدماء، فهل هذا الملك سيكف عن تنفيذ إرادته في بناء المدينة المنيرة..؟! كلا أنه سيبنى المدينة وسيضع القانون العادل لمعاقبة كل من هو عاصي. ومثال آخر لو أن الله كشف لأحد آباء الرهبنة بأنه لو أنشأ ديرًا فإنه سيرتد بعض رهبانه ويسيئون للرهبنة، وسيخرج منهم من يهرطق ويجذب الكثيرين خلفه للهلاك، فهل يا ترى أن هذا الأب بسبب هذه المرارة يتوقف عن إنشاء ديره؟ كلا... لأن هناك نظرة أخرى وهي أن هذا الدير سيجتمع فيه أبناء الملكوت المتشبهين بالملائكة فيحولون الأرض سماء ويعبقون المكان بالصلاة والتسابيح فكم سيكون المنظر رائعًا وهم مجتمعون بمحبة يسبحون الله!!

 

وأخيرًا نشكر الله كثيرًا الذي أعاننا على هذا البحث المتواضع والذي استغرق من العمر نحو سنتين. إياه نسأل أن يجعله بركة ورشدًا للباحثين عن الحقيقة، ويغفر لنا خطايانا، ويحفظنا في زمن غربتنا، ويقبلنا في ملكوته.

 الإسكندرية في 18 يونيو سنة 2000 م.

11 بؤونه سنة 1716 ش.

 عيد حلول الروح القدس

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(602) هل من خلاص لغير المسيحيين - مؤتمر حول " لاهوت الأديان " -خلاص غير المؤمنين في نظر بعض اللاهوتيين الأرثوذكس ص329-338.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/non-believers-salvation-churches.html

تقصير الرابط:
tak.la/svdfsb7