جاء في وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني (1962-1965) ما يلي:
فاستنادًا إلى الكتاب المقدس... على الدور الذي أوكله الله إلى العذراء مريم في عمل الخلاص... وكما أن امرأة كانت سبب موت، فوجب أن تكون امرأة سبب الحياة... ويمتد دور مريم الخلاصي في سر المسيح ويتحقق في الكنيسة. فالمسيح هو الوسيط الوحيد ودور مريم لا يحجب هذه الوساطة الوحيدة ولا ينتقص منها. فتأثير العذراء الخلاصي هذا يصدر عن رضى الله وهو مستند على وساطة المسيح. والعذراء لم تتخل عن دورها الخلاصي كوسيطة بعد انتقالها إلى السماء " [265]
"فالآباء القديسون يعتبرون بحق أن مريم لم تكن مجرد أداة في يد الله. بل ساهمت في خلاص البشر بطاعة وإيمان حر، وقد غدت بطاعتها على حد قول القديس ايريناوس {سبب الخلاص لذاتها وللجنس البشرى بأسره}، وقد أيده في ذلك عدد كبيير من الآباء الأقدمين في مواعظهم بقولهم {أن عقدة معصية حواء قد حُلَت بطاعة مريم، وما عقدَّته حواء الأم بعدم إيمانها حلته مريم العذراء بإيمانها} " [266]
"وهكذا سارت العذراء الطوباوية على طريق الإيمان محافظة بأمانة على إتحادها بابنها حتى الصليب حيث وقفت وقفة لم تكن بمعزل عن تدبير الله (يو19: 25) وتألمت مع وحيدها أشد الألم واشتركت بعاطفة الأم في ذبيحته راضية عن حب بموت الضحية المولودة من لحمها " [267]
وجاء تحت عنوان اشتراك مريم في سرّ الفداء:
".. إذ حبلت (العذراء) بالمسيح وولدته وغذَّته وقدَّمته في الهيكل إلى أبيه وتألمت مع ابنها المائت على الصليب، قد اشتركت بطريقة فريدة للغاية، في عمل المخلص بطاعتها وإيمانها ورجائها ومحبتها الحارة لترد إلى النفوس الحياة فائقة الطبيعة " [268]
" فبينما كانت مريم تحيا على الأرض حياة شبيهة بحياة الناس جميعًا، مليئة بالخدمات والجهود الأسرية ظلت على الدوام متحدة بابنها إتحادًا صحيحًا مشتركة معه في عمله الخلاصي اشتراكًا فريدًا منقطع النظير " [269]
ويقول الأب مكسيموس كابس:
"هذه اللياقة تظهر للعقل من وجهة نظر أخرى وهى أن الله عزًّ وجلًّ قد انتخب مريم العذراء وسيط صالح بينه وبين البشر" [270]
ويقول القمص باسيلي فانوس:
"وهكذا أفتُديَت مريم منذ الأزل بأن وقاها الله وحماها من شريعة الغضب الشامل، فلم يُطهرها لكنه خلّصها وعصمها ووقاها من كل خطيئة، فكانت أول من نال الخلاص لتصير معه شريكة في الخلاص " [271]
ويقول الأب أوغسطين دوبره لاتور:
"أُشركت السيدة العذراء في عمل الفادي بصفة فريدة على الإطلاق " [272]
"فإذا انطلق الباحث عن أمومة مريم الإلهَّية نظر على الخصوص إلى مشاركة مريم العاملة في سر التجسد فيليق بها أن تكون بلا دنس منذ الحبل الإلهي... فلما كان المسيح فاديَّا فهي شريكته في الفداء ولما كان المسيح وسيطًا فهي وسيطة جميع النعم " [273]
"فمريم لأنها أم المسيح فادى العالم ومخلّصه تشارك مشاركة تامة في فداء العالم وخلاصه" [274]
" أراد بعض أعضاء (المجمع الفاتيكاني الثاني) لما يكنُّون من الإكرام لمريم أن يُشدَّد أيضًا على هذا اللقب (وسيطة) تشديدًا أوضح، وأن يُشدَّد أيضًا على اللقب "المشاركة في الفداء" [275]
"جاء في الدستور الرسولي للبابا بيوس الثاني عشر أن أم الله الجليلة متحدة اتحادًا وثيقًا جدًا بابنها الإلهي وتشترك دائمًا أبدًا في مصيره... اشتركت مريم في رسالة ابنها في معركته لمحاربة العدو الجهنمي" [276]
توضيح :
يقولون أن السيدة العذراء ساهمت في خلاص البشر بطاعتها فصارت سبب خلاص لذاتها... فإن كانت هي بلا خطية على حد قولهم فكيف صارت سبب خلاص نفسها؟!
والسيدة العذراء لم تشارك بعاطفة الأم في ذبيحة ابنها راضية عن حب بموت الضحية لأن الذي قدم الذبيحة هو الله الآب وليست العذراء الأم " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد... " (يو 3: 16) أما العذراء مريم فلم تملك قرار الفداء ولم يُؤخذ رأيها في هذا القرار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... نعم لقد تألمت كثيرًا بموت ابنها الحبيب موت اللعنة والعار وجاز في نفسها سيف الألم لكن الذي مات وفدانا هو الابن الكلمة، والعذراء هي مفدية مثلنا بالدم الثمين وليست فادية لنا.
وليست السيدة العذراء وسيط صلح بين الله والبشر كقول الأب مكسيموس كابس لأن الذي صنع الصلح هو ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وحده وأعطانا نحن خدمة المصالحة " ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة... " (2كو5: 18،19) ونفس المعنى يتكرر في رسالة رومية " صُولِحنا مع الله بموت ابنه" (رو5: 10).
وليست العذراء تُعتبر مُشارِكة مشاركة تامة في الفداء لأنها أم الفادي لأن الله اختارها ليتجسد منها ولم يختارها لتشاركه خلاص البشرية. بل تحمل هو كل تكلفة خلاصنا من سفك الدم والموت وغلبة الموت بالقيامة، ولذلك نحن ندعو أمنا العذراء بأم المخلص ولا ندعوها بالمخلّصة.
والعذراء مريم لم تشارك في الخلاص ولو بطريقة غير مباشرة لأنها ولدت لنا مخلص العالم، وإلًا فإننا سنعتبر اليهود الذين تآمروا على المسيح ويهوذا الذي أسلمه إليهم وبيلاطس الذي حكم عليه بالصليب شركاء في قضية خلاصنا.
ونحن لنا فاديًا واحدًا مخلصًا واحدًا هو الذي داس المعصرة وحده ومن الشعوب لم يكن معه أحد، وهو الوحيد الذي خلصنا من قبضة العدو الجهنمي.
_____
[265] وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني –الدستور العقائدي (8) ص318،319.
[266] وثائق المجمع الفاتيكانى الثاني – دستور عقائدي في الكنيسة- فصل 8 (56) ص377.
[267] المرجع السابق - فصل 8 (58) ص 378.
[268] المرجع السابق - الفصل الثامن (61) ص379.
[269] المرجع السابق - قرار مجمعي في رسالة العلمانيين الفصل الأول (4) ص248.
[270] إيماننا القويم ج1 ص51.
[271] مريم العذراء المنزهة عن الخطيئة الأصلية ص29.
[272] خلاصة اللاهوت المريمي ص11.
[273] المرجع السابق ص17.
[274] المرجع السابق ص81.
[275] المرجع السابق ص104.
[276] المرجع السابق ص98.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/mary-salvation.html
تقصير الرابط:
tak.la/6mn7x8w