St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   catholic
 
St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   catholic

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب يا أخوتنا الكاثوليك، متى يكون اللقاء؟ - أ. حلمي القمص يعقوب

37- الانشقاق الكبير سنة 1054 م. بين الكاثوليك والروم الأرثوذكس ومحاولات الوحدة الحديثة

 

1-الانشقاق الكبير سنة 1054 م. بين الكاثوليك والروم الأرثوذكس ومحاولات الوحدة الحديثة:

بعد أن كانت الإمبراطورية الرومانية إمبراطورية واحدة حتى القرن الثالث الميلادي، فإنه في نهاية هذا القرن انقسمت هذه الإمبراطورية إلى الإمبراطورية الرومانيَّة الشرقيَّة ولغتها الرسمية اليونانيَّة، والإمبراطورية الرومانيَّة الغربيَّة ولغتها الرسمية اللاتينيَّة، وقد زاد هذا الانقسام بعد تولي الإمبراطور قسطنطين الكبير العرش وتأسّيسه للقسطنطينية لتكون عاصمة للإمبراطورية الشرقيَّة، ولكن كان هناك مجموعة ليست بقليلة من المثقفين داخل كلا الإمبراطوريتين تجيد اللغتين اليونانية واللاتينيَّة مما أوجد التقارب اللاهوتي بين الكنيستين ولا سيما بسبب نشاط حركة الترجمة إلى حد ما، ومع هذا فإنه كان لكل كنيسة عوائدها المختلفة في معالجة الأمور اللاهوتية، فكنيسة القسطنطينية أقحمت العقل في الأمور اللاهوتيَّة فسقط بعض بطاركتها في الهرطقة مثل مقدونيوس ونسطور. أما كنيسة روما فلم تتعمق في الأمور اللاهوتيَّة ولا سيما لأن المصطلحات اللاهوتيَّة كانت تتداول باللغة اليونانيَّة التي لا يهتم الغرب بها.

وقبل نهاية القرن السادس كانت القبائل المتبربرة من غرب أوروبا قد نجحت في إسقاط الإمبراطورية الشرقيَّة ودخول روما، وفي القرن السابع الميلادي سقطت أجزاء كثيرة من الإمبراطورية الشرقيَّة على أيدي العرب، وقد قلت حركة الترجمة بين اليونانيَّة واللاتينيَّة مما ساعد على ظهور الخلافات اللاهوتيَّة بين الكنيستين.

وكان للإمبراطور البيزنطي في الشرق غالبًا دور كنسي بجانب دوره السياسي، بالإضافة إلى وجود كراسي رسولية أخرى في الشرق هي الإسكندرية وأنطاكية وأورشليم تتساوى في الكرامة مع كرسي القسطنطينية.

St-Takla.org Image: The hall - St. Peter's Basilica: The Papal Basilica of St. Peter in the Vatican: Basilica Papale di San Pietro in Vaticano, Rome, Italy. Completed on 18 November 1626 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 22, 2014 صورة في موقع الأنبا تكلا: الساحة - صور كاتدرائية القديس بطرس الرسول، الفاتيكان، روما، إيطاليا. انتهى العمل بها في 18 نوفمبر 1626 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 22 سبتمبر 2014

St-Takla.org Image: The hall - St. Peter's Basilica: The Papal Basilica of St. Peter in the Vatican: Basilica Papale di San Pietro in Vaticano, Rome, Italy. Completed on 18 November 1626 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 22, 2014

صورة في موقع الأنبا تكلا: الساحة - صور كاتدرائية القديس بطرس الرسول، الفاتيكان، روما، إيطاليا. انتهى العمل بها في 18 نوفمبر 1626 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 22 سبتمبر 2014

أما في الغرب فكان لبابا روما دور سياسي بالإضافة إلى دوره الكنسي بهدف توحيد الدويلات المتفرقة، وكان كرسي روما هو الكرسي الرسولي الوحيد لذلك بسط نفوذه على كل كنائس الغرب حتى القرن التاسع الميلادي، وعندما ازداد طموح بعض باباوات روما في بسط نفوذهم على الكراسي الرسوليَّة في الشرق بالإضافة إلى تمسكهم بإضافة " والابن " إلى قانون الإيمان أدى هذا للانشقاق الكبير بين كنيسة القسطنطينية وما يتبعها وكنيسة روما، وأصبح على المسرح ثلاث فرق مسيحية هي الكنائس الأرثوذكسية اللاخلقيدونية، والكنائس الأرثوذكسية الخلقيدونية، والكنيسة الكاثوليكية.

وإن كان الانشقاق الكبير حدث في منتصف القرن الحادي عشر إلاَّ أنه كان له مقدمات منذ القرن التاسع حيث نشبت خلافات ومناقشات وحروم بسبب ادعاء بابا روما الرئاسة على كل بطاركة العالم بالإضافة إلى عصمته من الخطأ، لذلك فإنه تّدخل في الأمور الخاصة بكنيسة القسطنطينية مريدًا أن يُخضِعها إلى سلطته، وعندما بشر اليونان بلغاريا ونشروا فيها الإيمان المسيحي حاول بابا روما أن يضمها إليه، فأرسل أساقفته يدهنون بالميرون الذين سبق عمادهم ودهانهم بالميرون من الكنيسة البيزنطية طاعنًا في كهنوت اليونان المتزوجين، ودعى أهل بلغاريا إلى تقديم الفطير بدل الخبز في سر الأفخارستيا، وأمر تناول العلمانيون من الجسد فقط أما الدم فللكهنة فقط، وتمَّم العماد بالرش، ونادى بصوم يوم السبت بدل الأربعاء، وسمح لهم بأكل البياض (البيض - اللبن - الزبد - الجبن) في الأسبوع الأول من الصوم الكبير، وعلَّمهم بانبثاق الروح القدس من الآب والابن... إلخ...

ومن تدخلات نيقولاوس الأول [858-867] بابا روما في الأمور الداخلية لكنيسة القسطنطينية أنه عقد اجتماعًا في روما سنة 862م لعن فيه فوتيوس البطريرك الذي أقامه الإمبراطور وأمر بإرجاع أغناطيوس البطريرك الذي نفاه الإمبراطور وذلك ليس من قبل الشهادة للحق وإقرار العدالة بل من قبل التدخل وفرض السيطرة، وقد قابل فوتيوس هذا التصرف بعقد مجمع سنة 867م في القسطنطينية حكم فيه على الضلالات الرومانيَّة وطالب إمبراطور الغرب بإنزال البابا نيقولا عن كرسيه، وعلى كلٍ فلنا عودة لهذا الموضوع في مجمع القسطنطينية الرابع والذي يدعوه الأخوة الكاثوليك بالمجمع المسكوني الثامن.

وفي منتصف القرن الحادي عشر في عصر لاون التاسع بابا روما [1049-1054]، وميخائيل كيرولاري بطريرك القسطنطينية حاول لاون فرض سيطرته على الروم الأرثوذكس فضم بعض الكنائس الخاصة بهم في جنوب ايطاليا إلى رئاسته، فردَّ عليه ميخائيل بإغلاق الكنائس اللاتينيَّة في القسطنطينية، ورغم أن " قسطنطين موناخ " [1042-1054] إمبراطور الشرق حاول صنع السلام بين الكنيستين لأغراض سياسية إلاَّ أنه لم ينجح في هذا... جاء نواب البابا لاون التاسع بقيادة الكردينال همبرت إلى القسطنطينية وتعاملوا بكبرياء مع البطريرك ميخائيل، وعندما فشلوا في إخضاع كرسي القسطنطينية لسلطة بابا روما يقول نيافة الأنبا سرابيون " في مساء أحد أيام صيف عام 1054م وعندما كانت خدمة المساء على وشك البدء دخل الكاردينال اللاتيني "همبرت" ومعه اثنين من مندوبي بابا روما إلى كاتدرائية آجيا صوفيا، وسار حتى الهيكل. وعلى المذبح وضع وثيقة حرم كرسي القسطنطينية. ثم سار إلى الخارج وعند الباب الغربي للكاتدرائية، نفض الغبار عن قدميه قائلًا "يا الله انظر وأحكم " فحمل شماس وثيقة الحرومات من على المذبح، وجرى وراء الكاردينال متوسلا إليه أن يأخذها، ولكنه رفض وسقطت الوثيقة على الطريق.

ويعتبر بعض المؤرخين هذا الحادث هي بدء الانشقاق بين كرسي روما وكرسي القسطنطينية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. كان الخلاف حول إضافة كلمة "والابن" لقانون الإيمان فيما يتعلق بانبثاق الروح القدس، والخلاف حول رئاسة كرسي روما من أهم الأسباب اللاهوتية التي أدت إلى هذا الانشقاق" (36)

وحدث أثر هذا هياج عظيم حتى كاد الشعب يفتك بنواب بابا روما لولا حراسة الإمبراطور لهم، فجمع ميخائيل مجمعًا في القسطنطينية حرم فيه نواب بابا روما، وأرسل يخبر الكنائس الشرقية الخلقيدونية بما جرى فحدث الانشقاق الكبير سنة 1054م ولم تعد الكنائس الخلقيدونية الشرقية تذكر اسم بابا روما في صلواتها، ويقول صاحب كتاب نشأة الطوائف المسيحية " وأخيرًا في 16 يوليو سنة 1054م تصرف الكاردينال همبرت Humbert رئيس البعثة، وسار مع رفاقه إلى كنيسة هاجيا صوفيا(1)، أثناء إجراء مراسم العبادة، ووضع على المذبح أمام عيون الحاضرين، من إكليروس وعلمانيين نشرة بابويّة يحرم فيها سيرولاريوس وأتباعه. ثم خرجت البعثة ونفضت تراب الكنيسة عن أقدامها، وحرق المسيحيون الشرقيون بدورهم منشور البابا وحرموا همبرت ورفاقه... فكانت النتيجة أن صارت أحداث عام 1054م تعرف بالانقسام العظيم " (37)

ثم ساءت العلاقة بين الكنيستين بسبب غزو اللاتين للقسطنطينية أبان الحروب الصليبية سنة 1204م حيث قاموا بنهب وتخريب واحتلال المدينة كما سنرى فيما بعد.

 

               
            ------- →  
           

|

 الكنائس البيزنطية الشرقية الخلقيدونية

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- |

 (الروم الأرثوذكس)

        |  

الكنائس الخلقيدونية

    سنة 1054 م.   مجمع خلقيدونية
 سنة
451 م.

|

 

أ- الروم الأرثوذكس (الكنيسة البيزنطية)
ب- الكاثوليك (كنيسة روما)

   

الانشقاق الكبير بسبب:

أ- تدخل بابا روما في شئون القسطنطينية.
ب- إضافة "الابن" إلى قانون الإيمان

    ------- →

 كنيسة روما

             

 الكاثوليك

 

أما عن محاولة الوحدة بين الكاثوليك والروم الأرثوذكس سنة 1274م في مجمع ليون الثاني، وسنة 1438م في مجمع فلورنسا فقد فشل هذا الاتحاد، وهذا ما سنتعرض له بشيء من التفصيل في الفصل الأول من الباب الثاني عند الحديث عن الكنيسة الكاثوليكية والمجامع، وبعد سقوط القسطنطينية في أيدي العثمانيّين سنة 1453م انقطعت العلاقة بين الكنيستين تمامًا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

محاولات الوحدة بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الخلقيدونية:

أما عن محاولات الوحدة في العصر الحديث فقد بدأت في الستينات من القرن العشرين فبدأت العلاقات تتحسن، وحضر مندوبوا من الروم الأرثوذكس المجمع الفاتيكاني الثاني [1962-1965م] وفي يناير سنة 1964م التقى بابا روما بولس السادس مع البطريرك القسطنطيني المسكوني أثينا غوارس في أورشليم، وفي ديسمبر سنة 1965م أصدر بابا روما وبطريرك القسطنطينية إعلانًا مشتركًا لرفع الحرومات بين كرسي روما والقسطنطينية ولكن هذه الخطوة لم تجد قبولًا لدى الروم الأرثوذكس بسبب كثرة الخلافات القائمة بين الكنيستين، وفي يوليو سنة 1967م قام البابا بولس السادس بزيارة غير متوقعة لكنيسة القسطنطينية باسطنبول، وفي أكتوبر سنة 1968م رد البطريرك أثيناغوراس الزيارة حيث زار البابا الروماني في روما.

وفي عام سنة 1976م تم الاتفاق بين الجانبين على تكوين لجنة مشتركة للحوار اللاهوتي، فتكوَّنت سنة 1978م وبدأ الحوار في الموضوعات المشتركة بين الجانبين، وفي نوفمبر سنة 1979م زار بابا روما يوحنا بولس الثاني البطريرك المسكوني ديمتريوس وأعلنا بدء الحوار اللاهوتي الرسمي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الخلقيدونية وعددها خمسة عشر كنيسة، وبدأت اللجنة عملها سنة 1980م حيث كُوَنت ثلاث لجان فرعية لدراسة الموضوعات اللاهوتية، وتم الاتفاق على اجتماع اللجنة المشتركة الدولية مرة كل عامين لدراسة التقارير المقدمة من اللجان الفرعية.

وفي خلال الفترة من 30 يونيو إلى 6 يوليو سنة 1982م عقدت اللجنة المشتركة من الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية الخلقيدونية اجتماعاتها الثانية في ميونخ بألمانيا، وتم دراسة التقارير المقدمة من اللجان الفرعية وإعلان وثيقة " سر الكنيسة وسر الأفخارستيا على ضوء الثالوث القدوس " بين الكنيستين، وتم الاجتماع الثالث للجنة في كريت باليونان سنة 1984م، وتمت دراسة وثيقة بعنوان "الإيمان والأسرار ووحدة الكنيسة" ولكن لم يتم الاتفاق بين الكنيستين على ما جاء فيها، وعقد الاجتماع الرابع في ايطاليا في الفترة من 29 مايو - 7 يونيو سنة 1986م وقاطعه عدد كبير من الروم الأرثوذكس بسبب تشجيع الكنيسة الكاثوليكية لكنيسة مكدونيا للانفصال عن الكنيسة الأم، وأيضا بسبب محاولات الكنيسة الكاثوليكية ضم أبناء الكنيسة الأرثوذكسية لها، وبعد تسوية الخلافات في هذا الاجتماع تمت الموافقة على وثيقة كريت بعد تعديلها.

وعُقِد الاجتماع الخامس في فنلدا في يونيو سنة 1988م بين الجانبين الكاثوليكي والروم الأرثوذكس حيث ناقش موضوع التسلسل الرسولي وعلاقته بالأسرار الكنسية ووحدة الكنائس، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة خاصة لبحث موضوع الكنائس الكاثوليكية الشرقية، ولكن عندما تفاقمت مشكلة الضم من جانب الكنيسة الكاثوليكية لأبناء كنائس الروم الأرثوذكس ولا سيما في أوروبا الشرقية بعد انهيار الحكم الشيوعي ونشاط الإرساليات الكاثوليكية توقف الحوار اللاهوتي حتى سنة 1991م بعد عقد اللجنة المشتركة اجتماعها السادس في ايطاليا.

وعُقِد الاجتماع السابع في "البلمند" بلبنان خلال الفترة من 17 إلى 24 يوليو سنة 1993م، وثم إصدار وثيقة اليلمند التي تناولت ظهور الكنائس الكاثوليكية في المناطق الشرقية نتيجة العمل التبشيري للإرساليات الكاثوليكية من أبناء الكنيسة الأرثوذكسية بحجة أن الكنيسة الكاثوليكية هي الكنيسة الوحيدة المؤتمنة على الخلاص، وجاء في نص البند (12) " لم تعد الرسالة التبشيرية الموصوفة أعلاه والمسماة اتحادية مقبولة لا كمنهج يجب إتباعه ولا كمثال للوحدة التي تنشدها كنائسنا"، وجاء في نص المادة (22) " يُمتنع العمل الدعائي للكنيسة الكاثوليكية اللاتينيَّة منها والشرقيَّة عن ضم المؤمنين من كنيسة أخرى، ويُعدَل عن الاقتناص بين الأرثوذكس"، وفي البند (24) جاء " تقتضي الحرية الدينيَّة خاصة في حالات النزاع تمكين المؤمنين من الاختيار وأخذ القرار دون ضغط خارجي بشأن انتمائهم إلى الكنيسة الكاثوليكية أو الكنيسة الأرثوذكسية، وتكون الحرية الدينية منتهكة إذا ما اجتذبت كنيسة مؤمنين من كنيسة أخرى تحت ستار المساعدة المالية"، والبند (29) تحدث عن أهمية " أن يتشاور الأساقفة الكاثوليك والأرثوذكس في المنطقة الواحدة قبل تنفيذ المشاريع الكاثوليكية التي تتضمن إقامة مباني جديدة في أنحاء خاضعة تقليديًا لولاية الكنيسة الأرثوذكسية".

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تعديل من الموقع: كنيسة هاجيا صوفيا، وليس "كنيسة القديسة صوفيا" كما كان مكتوبًا في الكتاب الأصلي.

(36) مجلة الكرازة عدد 29، 30 في 28 يوليو سنة 1995م.

(37) نشأة الطوائف في المسيحية - تعريب المطران اسحق مسعد ص67.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/chalcedon-churches-division.html

تقصير الرابط:
tak.la/64dpppg