St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

86- ما هيَ "مدرسة تاريخ الأديان" المنبثقة من النقد التاريخي؟ ومَن هم أشهر مؤسّسيها؟ وهل يمكن قبول أفكارها؟

 

س86 : ما هيَ "مدرسة تاريخ الأديان" المنبثقة من النقد التاريخي؟ ومَن هم أشهر مؤسّسيها؟ وهل يمكن قبول أفكارها؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: أولًا: بدأت حركة النقد التاريخي لحياة يسوع المسيح في الغرب في القرن الثامن عشر واشتدت في القرن التاسع عشر، عندما كتب "ريتشارد سيمون" بحثًا عن حياة يسوع، ومن مشاهير حركة النقد التاريخي "هيرمان صموئيل ريماروس" كما رأينا من قبل (راجع س 84)، وفي ضوء التساؤل عن يسوع التاريخ، والسعي للوصول إليه ظهرت أنواع عديدة من النقد مثل نقد المصادر، ونقد الشكل، والنقد التحريري.. إلخ.

 ويعتقد أصحاب "مدرسة تاريخ الأديان" أن الديانة ظاهرة اجتماعية تنشأ وتتطوَّر بناءً على التأثير المتبادل بين الشعوب، فالديانات البدائية لحقتها ديانات متطوّرة، والمتطوّرة سبقتها بدائية.. بدأت الديانات بديانات بدائية ثم تطوَّرت، ووصلت إلى قمة التطوُّر في المسيحية، فالمسيحية هيَ نتاج تطوُّر الديانات الوثنية القديمة، المصرية والبابلية والهيلينية أغريقية ورومانية، هكذا رأى "چورج هيجل" George Hegal (1770 - 1830م) أن جميع الأديان تمثل مراحل مختلفة من مراحل تطوُّر الفكر البشري، وكل دين يمثل مرحلة من مراحل هذا التطوُّر الفكري، وبالتالي فإن جميع الأديان حوت أساطير، وهذه الأساطير تختلف من عصر إلى عصر، ولكنها لا تخلو من أي ديانة كانت، وحاول أرباب هذه المدرسة الربط بين الديانات السرية وبين فكر بولس الرسول معتقدين أن المسيحية الحاضرة هيَ من إنتاج بولس وليست من إنتاج المسيح، فهيَ مسيحية بولسية وليست مسيحية يسوعية (راجع الدكتور القس فهيم عزيز - الفكر اللاهوتي في كتابات الرسول بولس ص 18، 19).

 ويقول "جوش مكدويل": " ويلاحظ هـ. ق. ريردريوس أن مدخل بولتمان لدراسة العهد الجديد يقوم على مقارنته بالأديان غير المسيحية ومدى تطوُّرها، هذا المدخل يُسمى بمنهج تاريخ الدين"(629).

 

ثانيًا: من مؤسسي "مدرسة تاريخ الأديان":

نأخذ منهم ثلاثة أشخاص وهم هارناك، ووليام بوسييه، وألبرت شفاتيزر:

 

1ــ أدولف فون هارناك Adolf Von Harnack (1851 - 1930م):

St-Takla.org Image: Adolf Harnack (7 May 1851 – 10 June 1930) (Full name: Carl Gustav Adolf von Harnack), German Lutheran theologian and church historian صورة في موقع الأنبا تكلا: أدولف هارناك (7 مايو 1851 - 10 يونيو 1930) (الاسم بالكامل:" كارل جوستاف أدولف فون هارناك)، لاهوتي لوثري ألماني ومؤرخ كنسي

St-Takla.org Image: Adolf Harnack (7 May 1851 – 10 June 1930) (Full name: Carl Gustav Adolf von Harnack), German Lutheran theologian and church historian

صورة في موقع الأنبا تكلا: أدولف هارناك (7 مايو 1851 - 10 يونيو 1930) (الاسم بالكامل:" كارل جوستاف أدولف فون هارناك)، لاهوتي لوثري ألماني ومؤرخ كنسي

 لاهوتي ومؤرخ ألماني وُلِد في 7 مايو 1851م في تارتو (حاليًا أستونيا) التابعة للإمبراطورية الروسية، ودرس اللاهوت في جامعة تارتو تحت إشراف أبيه ثيودوسيوس أستاذ اللاهوت البروتستنتي، ونال درجة الدكتوراه من جامعة لايبزيج Leipzig سنة 1874م في البدعة الغنوسية في القرن الثاني الميلادي، وبدأ بالتدريس في نفس الجامعة، وعُيّن أستاذًا بها سنة 1876م فقام بتدريس التاريخ الكنيسي، وفي سنة 1879م انتقل إلى جامعة جيسن Giessen وتأثر بالمنهج التاريخي عند يوهان سملر J. Semler، وفرديناند باور F. Baur، وريتشل Albrecht Ritschl ومنهجه النقدي - التاريخي في اللاهوت، وأصدر كتابه الضخم "تاريخ العقائد" في ثلاثة أجزاء استعرض فيها تطوُّر الكنيسة من القرن الرابع حتى عصر مارتن لوثر، مما جعل منه رائدًا في علم التاريخ الليبرالي، وبحث هارناك أثر الفلسفة الهيلينية في اللاهوت المسيحي في القرون الأولى، واستنتج أن المسيحية أخذت من الفكر اليوناني، وأن التعاليم المسيحية امتزجت بالفكر اليوناني، مما يفقد المسيحية مصداقيتها، وركز هارناك على حرية العقل المُطلقة، وأخضع العهد الجديد للنقد والتمحيص، مما أثار حفيظة المحافظين عليه، ومع ذلك ففي عام 1888م تمكن من شغل كرسي تاريخ المسيحية في جامعة برلين وحتى عام 1921م، وخلال القرن التاسع عشر كما هو معروف اشتدت وراجت النزعة النقدية في ألمانيا فأفرزت لنا المنهج النقدي التاريخي، ورفض "هارناك" إنجيل يوحنا لأنه أهمل تاريخ المسيح.

 وخلال الفترة من 1873 - 1912م أصدر "هارناك" عدة مؤلفات: "عقيـدة الرسل"، و "تاريخ الأدب المسيحي الأول حتى أوسيبيوس" وجاء في ثلاثــة أجزاء، و "رسالة الكنيسة وتطوُّرها خلال القرون الثلاثة الأولى"، و "ما هيَ المسيحية"، وصــار "هارناك" عضوًا في أكاديمية العلوم البروسية في برلين عام 1890م، ثم رئيسًا لهذه الأكاديمية، ومديرًا للمكتبة الملكية في برلين عام 1905م، وفي سنة 1907م أصدر كتابه "أقوال يسوع"، وتُرجم للإنجليزية سنة 1908م، حيث فصل بين أقوال وتعاليم يسوع وبين أعماله ومعجزاته، فكان كتابه قريبًا من المصدر "Q" الذي ضم أقوال يسوع (راجع س 76)، ويقول "بيرتون ل. ماك": "عندما تجرأ هارناك على نشر أقوال يسوع في عام 1907م، فأنه كان يريد أن تُقرأ تعاليم يسوع دون الرجوع إلى الأناجيل السردية. بضربة واحدة فكر في استئصال مشكلة المعجزة والأسطورة، وأن يُمكّن قراءه من التركيز على ما فهم اللاهوتيون الليبراليون على أنه جوهر المسيحية. فوفقًا لليبراليين من القرن التاسع عشر كانت عبقرية يسوع تكمن في كونه معلمًا مرموقًا وذا أخلاقية عالية إنسانية غير محددة زمنيًا. ومن ثم فقد رأى هارناك أن هذه التعاليم يجب أن تضع المعيار لعالم متحضر. لقد عظم المسيحيون الليبراليون يسوع لتعاليمه، وعدوا أنفسهم محظوظين أن يبرزوا في نهاية تاريخ تنوير مشهود له"(630).

 وشكَّك "هارناك" أن قصص المعجزات الكتابية قائلًا: " أن قصص المعجزات الواردة في الأناجيل تعكس خيالات عالم بدائي أكثر من كونها حقائق تاريخية"(631)، وناقض "هارناك" نفسه في الاعتراف بألوهية يسوع المسيح فبعد أن قال عنه: "كان الطريق والوسيط الأوحد المؤدي إلى الله وأعلن ذاته المحامي والديان العادل للبشرية.. لم يعرف أحد قبله الله الآب مثلما عرفه وقد كشف تلك المعرفة للبشر وأدى لهم بذلك أكبر خدمة، قادهم إلى الله لا بالقول فقط بل بالمثل فيما كان وفيما عمل وفيما تألم وعرف أن يستفيــد من الألم"(632) عـاد وحسـب يسـوع المسيح رائـدًا للبشرية، وأنه يمثل حلقة ظاهرة من سلسلة الأنبياء، حتى أن أقواله صارت حجة في فـم الذيـن ينكرون ألوهية المسيح، فقال "الدكتـور أحمد شلبي": يقـول "هارنــاك " Harnack ما يلي عن شخصية المسيح (Whod is Christianity P. 126) ووصف المسيح إله السماء والأرض بأن إلهه وأبوه، وبأنه الأعظم والإله الواحد، وأن المسيح يعتمد عليه في كل شيء، وأن خضوعه له تام، ويُدخِل عيسى نفسه ضمن الناس معلنًا أنه من طبيعة البشر التي تختلف عن طبيعة الله"(633). ومات هارناك في 10 يونيو 1930م في هايدلبرج.

 

2ــ ويليام بوسييه Wilhelm Bousset:

 أعلن "بوسييه" أن الثلاثين سنة الأولى من حياة يسوع المسيح وهو في الجليل، تعتبر فترة مجهولة في الأناجيل، وأعتقد أن إضفاء صفة الألوهية على يسوع جاء نتيجة مؤثـرات أجنبية، وأخذت المسيحية من الأديان الأخرى التي تؤلّه بطلها، وأن يسوع لم يكن صاحب عجائب ومعجزات، والتقليد الشفهي الذي كرز به الرسل ويمثل الإنجيل الشفهي كان خاليًا من عنصر الإعجاز، ولكن الناس هم الذين ضخموا من شخصية يسوع ونسبوا له المعجزات والعجائب، وبحث "ويليام بوسييه" في مدى تأثر المسيحية بالأفكار والمصطلحات الهيلينية، فوجد مثلًا كلمة "كيريوس" Kyrias أي "الرب" كانت مستخدمة في الديانات الهلينية قبل نشأة المسيحية، فانتهى إلى أن المسيحية أخذت من الديانات السابقة لها.

 

3ــ ألبرت شفاتيزر Albert Schweitzer (1875 - 1965م):

 وهو موسيقار اشتغل باللاهوت وعمل طبيبًا. وُلِد في 14 يناير 1875م في ألمانيا، كما أنه حصل على الجنسية الفرنسية سنة 1920م، وهو ابن عم "جان بول سارتر". في سنة 1893م درس اللاهوت والفلسفة في جامعة ستراسبورج في برلين وباريس، وفي سنة 1901م صار رئيسًا للمدرسة اللاهوتية في ستراسبورج، وفي سنة 1913م عمل كطبيب في لمباريني بأفريقيا، وعاد إلى فرنسا سنة 1917م إثر إصابته بسبب الحرب، ثم عاد إلى لمباريني من 1939م حتى 1948م. حصل شفاتيزر على عدة شهادات دكتوراه، وحصل على جائزة نوبل للسلام عام 1952م.

 وفي عام 1910م أصدر كتابه "البحث عن يسوع التاريخ" حيث رأى أن يسوع كان مثل الكُتَّاب الرؤيويين في عصره، عاش حالمًا مخدوعًا يظن في نفسه أنه المسيا الذي جاء إلى العالم ليعلن ملكوت الله، وكان يتوقع أن هذا الملكوت سيأتي سريعًا، بعد أن ينتهي العالم بطريقة كارثية، فيتولى هو الأمور ويحل ملكوت الله، لذلك ركز دعوته على: " قد اقترب ملكوت الله" وقال لتلاميذه: " ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ" (مت 16 : 27)، ولهذا أرسل رسله اثنين اثنين إلى كل موضع هو مزمع أن يأتي إليه، ولكن التلاميذ فشلوا في مهمتهم، فدخل إلى أورشليم الدخول الانتصاري لعل الله يعلن الملكوت، ولكن الأمر انتهى بالقبض عليه ومحاكمته وصلبه، وينقل "چون درين" فكر شفاتيزر فيقول: " أن يسوع غامر آملًا أن يتدخل الله ويحضر الملكوت بشكل مؤثر وفي الحال، وزيارته لأورشليم كانت محاولة لكي يتدخل الله، ولكن لم يحدث شيء من هذا، فوجد نفسه يموت على الصليب" (634) فمات يسوع في يأس، وهو يعتقد أنه يحقق المقاصد الإلهية، ويرى شفاتيزر أن يسوع كان أمينًا لمعتقداته، وكان مصرًّا على سرعة ظهور ملكوت الله، حتى أنه قال: "مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا مَلَكُوتَ اللهِ قَدْ أَتَى بِقُوَّةٍ" (مر 9 : 1).

 ويرى "شفاتيزر" أن الأهمية الحقيقية ليسوع لا تكمن في تاريخه بل في روحه، فاهتم بمسيح الإيمان عن يسوع التاريخ، واهتم بـروح يسوع أكثر من تاريخه، وقال: " ولكن الحقيقة أنه ليس يسوع المعروف تاريخيًا وإنما يسوع الذي ظهر روحيًا بين الناس، هو المهم لعصرنا الحالي، ويمكنه أن يساعد جيلنا. ليس يسوع التاريخي وإنما الروح الذي ينطلق منه في أرواح الناس.. يسوع كشخصية تاريخية محددة يظل غريبًا عن وقتنا، ولكن روحه التي تكمن مستترة في كلماته يمكن التعرُّف عليها ببساطة وتأثيرها يكون مباشرًا، فكل قول له يتضمن بأسلوبه الخاص يسوع بأكمله" (635).

 كما يقول "جوش مكدويل" : " قاد الناقد ألبرت شفاتيزر البحث المتعلق بيسوع التاريخي وهو يسوع الذي يمكن إثبات وجوده بطريقة صحيحة وموضوعية خارج الكتاب المقدَّس والخبرة المسيحية" (636).

 

ثالثًا: نحن لا نقبل أفكار مدرسة تاريخ الأديان لأسباب عديدة، نذكر منها:

1ـــ ربطت مدرسة تاريخ الأديان بين يسوع المسيح وبين الآلهة الوثنية مثل أوزريس وميثرا وبوذا وبعل.. إلخ.، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وغضت البصر عن أن جميع آلهة الوثنيين لا وجود لهم في الواقع، إنما هم من وحي الخيال البشري، بينما يسوع المسيح شخصية تاريخية حقيقية، والمسيحية ديانة تاريخية مبنية على حقائق وعقائد إيمانية وفي نفس الوقت تاريخية، فعندما نتحدث عن التجسد الإلهي فهذه عقيدة إيمانية، وهيَ أيضًا حقيقة تاريخية حدثت منذ نحو ألفي عام، ويقول "الدكتور القس فهيم عزيز": " ولكن هذه المدرسة فشلت في التفريق بين تاريخية المسيحية والمسيح وبين أسطورية الديانات السرية التي لا تُبنى على أي أساس تاريخي كالمسيحية"(637).

2ـــ إن كانت الديانات الوثنية أخذت من بعضها، وصارت الأساطير خط مشترك بينها، فإن المسيحية شيء آخر، فالمسيحية متجذّرة في اليهودية، فإن كانت المسيحية تمثل الشجرة الممتدة للسماء فإن اليهودية تمثل جذور هذه الشجرة الممتدة في أعماق التاريخ بنبواتها ورموزها وأمثالها، وإن كانت المسيحية هيَ البناء الشاهق فإن اليهودية تمثل أساسات هذا البناء، وكتاب اليهودية (العهد القديم) وكتاب المسيحية (العهد الجديد) هو كتاب واحد متكامل ومتداخل ومترابط، ومن المستحيل فصل أحدهما دون تشويه الآخر، وجميع أسفار الكتاب المقدَّس الثلاثة والسبعين كُتبت بوحي روح الله القدوس، فالروح القدس كان هو الشريك الأساسي مع جميع الكُتَّاب الذي يصل عددهم إلى نحو أربعين كاتبًا، ولذلك جاءت جميع الأسفار متسقة مترابطة بعيدة عن أي نشاذ أو تناقض أو شوائب أو خرافات أو أساطير. أما في مفهوم مدرسة تاريخ الأديان فقد اختلط الحابل بالنابل، منكرين الوحي الإلهي، مساويين بين المسيحية وبين الديانات الوثنية الشيطانية.. هل إلى هذا الحد عميت عيون النُقَّاد؟!

3ـــ حاول أصحاب مدرسة تاريخ الأديان ربط أفكار بولس الرسول بالديانات السابقة، لأنه استخدم بعض المفردات من الفكر اليوناني مثل كلمة "كيريوس" أي الرب، وتطرف هؤلاء النُقَّاد حتى قالوا أن المسيحية الحالية هيَ مسيحية بولس وليست مسيحية يسوع، وأن بولس هو الذي أدخل فكر الفداء والكفارة للمسيحية، متجاهلين تمامًا ما كتبته الأناجيل الأربعة بالتفصيل عن قصة الصلب والفداء وأن السيد المسيح جاء ليقدم نفسه فدية عن كثيرين، فهكذا بذل الآب ابنه الحبيب من أجل خلاص البشرية، وتجاهلوا: 

أ - اختيار السيد المسيح لبولس الرسول ليكون إناءً مختارًا يحمل اسمه إلى جميع الأمم، وانفراد بولس الرسول في البرية ثلاث سنوات تتلمذ فيها على يد السيد المسيح والأسفار المقدَّسة في ضوء القيامة.

ب - ما كرز به بولس الرسول هو هو الإنجيل الشفهي الذي كـرزت به الكنيسة كلها، وعندما صعد بولس إلى أورشليم وعرض الإنجيل الذي يكرز به على الآباء الرسل أعمدة الكنيسة بطرس ويعقوب ويوحنا لم يزيدوا عليه شيئًا ولم يحذفوا منه شيئًا، بل أعطوه يمين الشركة مع برنابا، معترفين بأنه وائتمن على إنجيل الغرلة أي البشارة للأمم.

ج - جميع ما كرز به بولس الرسول من عقائد فهو موافق ومطابق تمامًا لما جاء في الأناجيل المقدَّسة.

د - لم يستقي بولس الرسول أفكاره من الديانات الوثنية والفلسفات المختلفة، وإن كان استخدم بعض المصطلحات التي استخدمت من قبل، لكنه أعطاها مفهومًا مسيحيًا، فيقول "الدكتور القس فهيم عزيز": " أن الرسول بولس لم يأخذ فكره من هنا أو هناك مقتبسًا من كل فلسفة وديانة ليعمل منها وحدة فكرية: كلا أنه يبني على مركز واحد وهو المسيحية الأصلية التي تسلمها من الكنيسة الأولى التي شبَّت ونمت وترعرعت في أحضان اليهودية. إن مركز تفكيره هو المسيح يسوع. ومع ذلك فلا يمكن أن يُنكَر.. أنه استعاد بعضًا من الأفكار والمصطلحات، ووضع فيها عمقًا جديدًا هو عمق الإنجيل نفسه"(638).

هـ - ربط بولس الرسول بطريقة بارعة بين العهد القديم والعهد الجديد، حتى أنه اقتبس مائة اقتباس من العهد القديم، ورسالة العبرانيين تشهد لفهمه الجيـد للعهد القديم، ويقول "الدكتور القس فهيم عزيز": "ويستطيع الدارس أن يلمس تأثير العهد القديم واضحًا في كتابات الرسول في الأمور الآتية:

(أ) كان الرسول يعتقد أن العهد القديم هو الكتب المقدَّسة إذ الكتاب هو مُوحى به من الله، وهذا الرأي ينعكس في الكلمات المذكورة في (2تي 3 : 16)..

(ب) أن الذي حدث في العهد الجديد وعلى الأخص ما يتعلق بحادثة المسيح يسوع من ولادته وحياته وموته وقيامته، كلها تنبأ بها العهد القديم (1كو 15 : 3 - 5) هنا نجد موت وقيامة السيد بحسب الكتب..

 (ج) أن العهد القديم كما يعتقد الرسول كان ينظر إلى الأمام، فلم يكتب لجماعة قديمة فحسب، بل كان يكتب لأجل الكنيسة المسيحية أيضًا، وهذا ما يعلنه الرسول في كتاباته وخاصة في (1كو 10).. فالعهد القديم لم ينته ككتاب أثري ولكنه لا يزال نافعًا.. فهو ليس كتابًا يهوديًا ولكنه أيضًا كتابًا مسيحيا.." (639).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(629) برهان يتطلب قرارًا ص 479.

(630) ترجمة محمد الجورا - الإنجيل المفقود - كتاب "ك" والأصول المسيحية ص 35.

(631) أورده جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 328.

(632) أورده الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيح شخصيته - تعاليمه ص 128.

(633) مقارنة الأديان 2ــ المسيحية ص 154.

(634) مدخل إلى العهد الجديد ص 125.

(635) أورده جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 497.

(636) المرجع السابق ص 483.

(637) الفكر اللاهوتي في كتابات الرسول بولس ص 19.

 (638) الفكر اللاهوتي في كتابات الرسول بولس ص 21، 22.

 (639) الفكر اللاهوتي في كتابات الرسول بولس ص 22، 23 .


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/86.html

تقصير الرابط:
tak.la/49z2pmr