St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

670- ما هو مفهوم "اللوغوس" في الفكر الإسلامي ولا سيما لدى المتصوفين؟ وهل دعوة السيد المسيح باللوغوس يتعارض مع الفكر الإسلامي؟

 

ج: أولًا: مفهوم اللوغوس في الفكر الإسلامي: تأثر الفكر الإسلامي في "اللوغوس" بكل من الفكر اليهودي، والفكر الفلسفي اليوناني القديم، والفكر المسيحي، ومن الذين تحدثوا عن "مفهوم اللوغوس" في الفكر الإسلامي:

1- محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي (1165 - 1240م): وشهرته "محيي الدين العربي" وُلِد في إسبانيا وتوفي في سوريا، وهو من أشهر الفلاسفة المتصوفين في الإسلام، كان شاعرًا وفيلسوفًا، لقَّبه أتباعه بـ"الشيخ الأكبر"، و"رئيس المكاشفين"، و"البحر الزاخر"، و"بحر الحقائق"، و"إمام المحققين"، بينما نعته "ابن تيمية" وآخرون بالكُفر والزندقة، وأنه لو بقى على آراءه إلى يوم موته فهو مخلَّد في النار، وتحدث "ابن عربي" عن "اللوغوس" بمعنيين:

أ - من وجهة نظر ميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة): فقد تأثر ابن عربي بفلسفة أفلاطون، فقال أن "اللوغوس" هو العقل الكلي، أو القوة العاقلة المنبثقة في الكون.

ب - من وجهة نظر فلسفية صوفية: ذكر ابن عربي أن "اللوغوس" هو منبع الوحي والإلهام، فنظر لكل نبي على أنه لوغوس مستقل، فكلما أراد الله أن يغير في العالم يُرسل نبيًا، وكل نبي هو "كلمة" من كلمات الله (لوغوس) ألقاها الله لتغيّر العالم، وعندما ألَّف ابن عربي كتابه الشهير "نصوص الحكم" وقد حوى 27 فصلًا، كل فصل يختص بنبي أو ولي، وقدم كل نبي على أنه "كلمة" (لوغوس) من كلمات الله. تحدث في الفصل الأول عن "آدم" تحت عنوان: "نص حكمة إلهيَّة إلى كلمة آدمية"، والفصل الخامس عن "إبراهيم" تحت عنوان: "نص حكمة فهيمية في كلمة إبراهيمية"، والفصل الخامس عشر عن "عيسى" تحت عنوان: "نص حكمة نبوية في كلمة عيسوية"، والفصل السادس عشر عن "سليمان" تحت عنوان: "نص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية"، والفصل الأخير تحدث عن "محمد" تحت عنوان: "نص حكمة فردية في كلمة محمدية". أما "ابن تيمية" فقال: "ما تضمنه كتاب "نصوص الحكم " وما شاكله من الكلام، فأنه كُفر باطنًا وظاهرًا، وباطنه أقبح من ظاهره". يقول "د. حسن مجيد العبيدي": "وأما في الفكر الإسلامي فقد دخل مصطلح اللوغوس (الكلمة) إلى الفكر الديني والصوفي الإسلامي، وليأخذ بعده الدلالي الفلسفي الصوفي بكامله عند الفيلسوف الصوفي الكبير محي الدين بن عربي، وليحمل عنده معنيان، الأول ميتافيزيقي، ويعني (العقل الأول) كما فهمه أفلاطون، والثاني صوفي بامتياز، وله أكثر من معنى عند ابن عربي، منها: الحقيقة المحمدية، وروح الخاتم، والقطب. ويحدَّد ابن عربي أهم وظيفة للوغوس أنها الأصل الذي يستمد منه كل علم إلهي باطني وأنه منبع الوحي والإلهام" (274). وقال" د. ياسين حسين الويسي": "قال الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي في فتوحاته: قال الحق (الله) للكلمة (اللوغوس) أنت مربوني وأنا ربك، أعطيتك أسمائي وصفاتي، فمن رآك رآني، ومن أطاعك أطاعني، ومن عَلِمكَ عَلمني، ومن جَهَلك جهلني. فغاية من (هم) دونك أن يتوصلوا إلى معرفة نفوسهم منك، وغاية معرفتهم بك العلم بوجودك، لا بكيفيتك. وأعلم أن من دونك بحكم التبعية لك. فأنت ثوبي، وأنت ردائي، وأنت غطائي" (راجع الكلمة واللوغوس في الفكر الفلسفي والديني)، فواضح وضوح الشمس مدى عظمة "اللوغوس" في فكر ابن عربي الفلسفي.

 

St-Takla.org Image: Islamic, Muslim, mosque, crescent moon and star, Holy Quran, Misbaha - Religious and celebration symbols - used with license. صورة في موقع الأنبا تكلا: الإسلام، مسلم، مسجد، الهلال والنجمة، القرآن الكريم، سبحة (مسبحة) - رموز دينية وأعياد - مُستخدمة بتصريح.

St-Takla.org Image: Islamic, Muslim, mosque, crescent moon and star, Holy Quran, Misbaha - Religious and celebration symbols - used with license.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الإسلام، مسلم، مسجد، الهلال والنجمة، القرآن الكريم، سبحة (مسبحة) - رموز دينية وأعياد - مُستخدمة بتصريح.

2- محمد بن أحمد بن محمد بن راشد الأندلسي (1126 - 1198م): كان قاضيًا وشهرته "ابن رشد" وُلِد في قرطبة، وتوفي في مراكش المغرب، وقد درس الطب والرياضيات والفلسفة، وتأثر ابن رشد بأفكار أفلاطون وأرسطو، وشرح فلسفة أرسطو، ودافع عن "مفهوم اللوغوس" في فكر أرسطو مؤكدًا أن اللوغوس هو العقل، فكل ما يأتي من فكر خطابي استنباطي، نقدي فهو مستقى من اللوغوس. قال عنه "ابن تيمية": "هو من أتبع الناس لأقوال أرسطو"، واتهمه الفقهاء بالزندقة والكُفر والإلحاد، فأحرقت كتبه ونُفي إلى مراكش حيث مات فيها. كذلك أخذ الشيعة بنظرية أرسطو الذي قال أن الله يدير العالم عن طريق محركات، وهذه المحركات هيَ اللوغوس، فقال أهل الشيعة أن هذه المحركات هم الأربعة عشر شخصًا من أهل البيت المعصومين، وجميعهم أنوار تنبثق من الله لتدبير أحكام شئون العالم، أولهم محمد ثم ابنته فاطمة، وعلي ابن أبي طالب، والحسن والحسين ابني علي وآخرهم الحجة بن الحسن المهدي (راجع آية الله الحاج الشيخ علي - الولاية التكوينية للنبي والأئمة).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

3- "اللوغوس" في المذهب الصوفي: قالوا أن "اللوغوس" هو الحقيقة المحمدية، فاعتقدوا أن محمد له وجودين، الوجود الأول عندما خلقه الله قبل خلقة العالم، فهو أول خلق الله، والوجود الثاني عندما وُلِد محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. إذًا اللوغوس لدى الصوفيين هو محمد (راجع الشيخ عاصم إبراهيم - الحقيقة المحمدية عند أقطاب السادة الصوفية إسلامًا وإيمانًا وأحسانًا).

 

4- النظرية الباطنية لمفهوم اللوغوس: قال أصحاب هذه النظرية قولًا مشابهًا لقول الفيثاغوريين الذين اعتبروا أن اللوغوس هو الأعداد، فقال هؤلاء الباطنيون أن "اللوغوس" هو حروف اللغة العربية الثمانية والعشرين حرفًا (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ) فكل حرف من هذه الحروف يفيض بالقوة الإلهيَّة، وأن الله خلق العالم بكلمة "كن" فإذا أراد أن يخلق الشيء يقل له كن فيكون، فالقوة والطاقة التي تفيض من هذه الحروف العربية (اللوغوس) من الممكن أن تصنع عجائب. وربط أصحاب هذه النظرية نظريتهم بالتنجيم، فقالوا أن منازل القمر عددها 28، وهو مضاعفة العدد 14 (28 = 14 + 14) والأربعة عشر هم أهل البيت المعصومين، فكل واحد منهم له حرفان، حرف ظاهر وحرف باطن.

 

ثانيًا: هل دعوة السيد المسيح باللوغوس تتعارض مع الفكر الإسلامي؟... كل من يعرف أن تعبير "اللوغوس" يعني "الكلمة" لا يجد أي غضاضة في الاعتراف بعقيدة اللوغوس، فالسيد المسيح هو "اللوغوس" هو "الكلمة"، فهذا يتوافق تمامًا مع فكر القرآن، والدليل أن القرآن عندما تحدث عن "الكلمة" تحدث عنها بصفة المذكر، وليس بصفة المؤنث، فهو لا يقصد الكلمة المنطوقة أو الملفوظة، إنما قصد بها شخص السيد المسيح، فجاء في سورة آل عمران: "إِذ قَالَتِ ٱلمَلَٰٓئِكَةُ يَٰمَريَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَة مِّنهُ ٱسمُهُ ٱلمَسِيحُ عِيسَى ٱبنُ مَريَمَ" (آل عمران 45)، فقوله " ٱسمُهُ" ولم يقل أسمها توضح أن الهاء عائدة على المسيح (أقنوم) الكلمة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(274) الكلمة واللوغوس في الفكر الفلسفي والديني، ص10.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/670.html

تقصير الرابط:
tak.la/k72msaw