St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

650- كيف استطاع "فالنتينوس" الغنوسي السكندري أن يجتذب أتباعًا كثيرين؟ وكيف تبحَّر في نظرية الانبثاقات؟

 

ج: أولًا: فالنتينوس واجتذاب الآخرين لضلالته: كان فالنتينوس Valentinus في الغالب من أصل مصري يهودي عاش في الإسكندرية، وكان اليهود يمثلون جالية ضخمة في الإسكندرية يقطنون في حي خاص بهم وهو الحي اليهودي، من سبعة أحياء شملتها الإسكندرية (راجع كتابنا: البحار المغامر). درس فالنتينوس الفلسفة وقال عنه العلامة ترتليان أنه كان مقتدر وفصيح، وبأسلوبه الجذاب الذي مزج فيه بين ما هو شعري وما هو تأملي استطاع أن يجتذب الكثيرين ويسبيهم بكلام الفلسفة، وكان قد اعتنق المسيحية، وفي نحو سنة 140م سافر إلى روما في عصر الإمبراطور أنطونيوس بيوس (138 - 161 م)، وأسقفية هيجينوس (136 - 140م)، وزادت شعبيته في عهد الأسقف بيوس الأول رقم (10) (140 - 155 م)، وظل حتى أسقفية أنيفيتس رقم (11) (155 - 166م)، وأسَّس في روما مدرسة خاصة به، وكان يطمع في درجة الأسقفية، وبالرغم من قوة تأثيره وكثرة أتباعه فأنه فشل في الوصول إلى مبتغاه، فانشق عن المسيحية وتبحَّر في الغنوسية وغاص فيها، فصار من أشهر وأبرز الغنوسيين في العالم، وتبعه عدد كبير ربما أكثر من أي هرطقة أخرى. أنكر فالنتينوس حقيقة التجسد الإلهي مدعيًا أن السيد المسيح اتخذ جسدًا أثيريًا مرَّ بأحشاء العذراء مريم مرور الماء في القناة، أو مرور النور في الأجسام الشفافة. أيضًا ادعى فالنتينوس أن الإنسان له اتصال بالأرواح، ومتى سكنته هذه الأرواح فأنها تدنس حواسه، وأكد أن وسيلة الخلاص من سطوة المادة وسيطرتها هيَ المعرفة الباطنية التأملية، وقسَّم فالنتينوس الناس إلى ثلاث فئات:

1- الروحيون: وهم فالنتينوس وأتباعه، وهؤلاء سينالون السعادة الأبدية.

2- الجسديون: الذين لو تابوا سيكون لهم نصيبًا في فردوس ديمرج.

3- الماديون: وهؤلاء منتخبون للجحيم.

ووضع فالنتينوس أشهر نظرية هرطوقية في طبيعة اللاهوت، إذ قال بالانبثاقات، وتوفي سنة 161م.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

St-Takla.org Image: Valentinus the Gnostic (c. 100-180 CE): early Christian Gnostic theologian. He founded his school in Rome, and produced a variety of writings. His disciples were named: Valentinians - ancient drawing on an old parchment. - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 19 June 2025. صورة في موقع الأنبا تكلا: فالنتينوس الغنوصي (حوالي 100-180 م.): عالم لاهوت غنوسي مسيحي مبكر. أسس مدرسته في روما، وأنتج مجموعة متنوعة من المؤلفات. أُطلق على تلاميذه اسم: فالنتينوس - رسم قديم على رق قديم. - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 19 يونيو 2025 م.

St-Takla.org Image: Valentinus the Gnostic (c. 100-180 CE): early Christian Gnostic theologian. He founded his school in Rome, and produced a variety of writings. His disciples were named: Valentinians - ancient drawing on an old parchment. - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 19 June 2025.

صورة في موقع الأنبا تكلا: فالنتينوس الغنوصي (حوالي 100-180 م.): عالم لاهوت غنوسي مسيحي مبكر. أسس مدرسته في روما، وأنتج مجموعة متنوعة من المؤلفات. أُطلق على تلاميذه اسم: فالنتينوس - رسم قديم على رق قديم. - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 19 يونيو 2025 م.

ثانيًا: نظرية الانبثاقات: يمكن تلخيص نظرية الانبثاقات التي وضعها فالنتينوس إلى أحداث حدثت داخل دائرة الألوهة (الملء)، وأحداث حدثت خارج دائرة الملء:

1- أحداث حدثت داخل دائرة الألوهة (الملء) Pleroma: قال فالنتينوس أن الأصل في الألوهة هو الإله الأعظم الأسمى، غير المعروف وغير المُدرك، وغير المولود، فهو الأساس الأول المُطلّق، وهو "الآب" ومعه زوجته "سيجي" Sige أي الصمت. ومن "الآب" انبثق "نوس" Nous أي العقل، و"اليثيا" Aletheia أي الحق. ومن العقل والحق انبثق "اللوغس" Logos أي الكلمة، و"زو" Zoe أي الحياة، والانبثاقات دُعيت أيونات Aeons وهي كائنات وسيطة بين الإله الأعظم والعالم، وكلما بعدت الأيونات عن الإله السامي كلما تضاءلت ألوهيتها، وكلما زاد جهلها بالإله الأسمى. ومن الكلمة والحياة انبثق "أنثروبيوس" Anthropes أي الإنسان، و"أكليسيا" Ecclesia أي الكنيسة. ثم انبثق من الانبثاق الأول (العقل والحق) عشرة انبثاقات (أيونات). ومن الانبثاق الثاني (اللوغوس والحياة) انبثق اثنى عشر أيونًا، وبذلك وصل عدد الانبثاقات (الأيونات) إلى نحو ثلاثين أيونًا: الآب وسيجي + العقل والحق + الكلمة والحياة + الإنسان والكنيسة + (10) أيونات منبثقة من العقل والحق + (12) أيون منبثق من الكلمة والحياة = (30) ثلاثون أيونًا بما فيها الإله الأعظم.

وقال "فالنتينوس" أن الأيونات انبثقت ذكورًا وإناثًا، غير أن منهم أربع أيونات غير متزوجين وهم "أورس" حارس حدود البليروما، والمسيح، والروح القدس، ويسوع. وحاول فالنتينوس أن يفسر أهمية رقم (30) في المسيحية، فقال أن السيد المسيح عندما اعتمد وبدأ خدمته كان عمره حينذاك ثلاثون عامًا، وفي مَثَل الكرامين التحقوا بالعمل في الساعة الأولى، والبعض في الثالثة، والبعض في السادسة، والبعض في التاسعة، والبعض في الحادية عشر، فإذا تم جمع هذه الساعات: (1 + 3 + 6 + 9 + 11 = 30).

وأكمل فالنتينوس نظريته في الانبثاقات، فقال أن آخر أيون انبثق هو أيون "صوفيا" Sophia أي الحكمة، فهي أبعد الأيونات عن "الآب"، وقد أرادت هذه الحكمة أن تفحص طبيعة الآب وتنافسه، ولكنها فشلت في هذا، فانتابها حزن شديد، وفي حزنها أنجبت بدون زوج "أحكيموث" Achamoth أي العلوم والفلسفة، ولكن "أحكيموث" خرجت للحياة كائن غير كامل لا شكل لها، فلم تفلح أن تنضم إلى البليروما، بل هبطت إلى حطام المادة، فازداد حزن أمها "صوفيا" عليها، وفي حزنها أنتجت الشيطان وملائكته والطبيعة المادية، ومن دموعها جاءت كل مادة سائلة، ومن ضحكاتها انبثق كل ما هو مُفرح ومُبهج. وقد حزنت "أحكيموث" جدًا لفشلها في الانضمام إلى البليروما وشاركتها بقية الأيونات أحزانها، فماذا فعل الأيونان المتقدمان "نوس" و"آليثيا"؟ لقد أنتجا أيونين آخرين هو "المسيح" و"الروح القدس" لمساعدة "أحكيموث" لتنضم إلى البليروما، فأعاد "المسيح" أحكيموث (الخروف الضال) إلى البليروما كعروس له، وأعاد الانسجام للملء، وسرَّت "صوفيا" بقبول ابنتها في الملء. ثم أنتجت "أحكيموث" الأيون "ديمرج" الذي خلق العالم والإنسان، وهو إله اليهود، كما أنتجت أيونًا آخر هو "يسوع" ابن العذراء مريم.

2- أحداث حدثت خارج دائرة الألوهة (الملء) Pleroma: بعد أن أنجبت "أحكيموث" ديمرج Demiurge أي الصانع قام "ديمرج" بخلق الكون والإنسان، فأفرز أولًا المادة اللطيفة عن المادة الكثيفة، فصنع من المادة اللطيفة السموات المنظورة، ومن المادة الكثيفة الأرض، وخلق "ديمرج" الإنسان من كلا المادتين اللطيفة والكثيفة. أما أمه "أحكيموث" فقد أعطت بعض الناس المختارين جوهرًا ثالثًا سماويًا وروحانيًا. وأرسل "ديمرج" أنبياء اليهود ينادون به على أنه الإله الأعظم الأسمى الأعلى، فغضب الإله الأعظم وأرسل يسوع الناصري مركَّبًا من جوهر روحي، ولابسًا جسدًا أثيريًا سماويًا من المناطق العليا، ومرَّ بأحشاء مريم مرور الماء في القناة، وهذا الفكر قال به من قبل "كيرنثوس"، وتمسك به من بعد "أوطيخا". وقال فالنتينوس أنه عند عماد "يسوع" من يوحنا المعمدان انشقت السماء ونزل "المسيح" على يسوع، فصار يسوع المسيح، وعندما حرك "ديمرج" أتباعه من اليهود للقبض على يسوع، وفي لحظة القبض عليه وقيادته للصلب طار "المسيح" عائدًا إلى البليروما، وصلبوا جسد يسوع الأثيري (راجع عادل فرج عبد المسيح - موسوعة آباء الكنيسة جـ 1 ص 246، 247، وج. ويتلر - الهرطقة في المسيحية ص 58، وحنا جرجس الخضري - تاريخ الفكر المسيحي جـ 1 ص 401)... قال "القديس أثناسيوس الرسولي" ردًا على أفكار كيرينثوس وفالنتينوس وأوطاخي: "كل من اعترف بأن جسد سيدنا نزل من السماء ولم يقل أنه من مريم العذراء، فإن الكنيسة تُحرمه".


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/650.html

تقصير الرابط:
tak.la/r3cfj2d