مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

559- هل مدينة الناصرة (لو 2: 39) لم يكن لها وجود في القرن الأول الميلادي، بدليل أنه لم يرد لها ذكر في العهد القديم ولا كتابات يوسيفوس أو فيلو أو التلمود، وربما نشأت في القرن الرابع على يد الملك قسطنطين أو الملكة هيلانة؟ وهل يُعقل أن أهل الجليل يُسافرون إلى أورشليم ليقضوا يوما واحدًا، وهو عيد الفصح (لو 2: 41) ويعودون أدراجهم، بينما المسافة مسيرة نحو ثلاثة أيام ذهابًا ومثلهم إيابًا؟

 

س559: هل مدينة الناصرة (لو 2: 39) لم يكن لها وجود في القرن الأول الميلادي، بدليل أنه لم يرد لها ذكر في العهد القديم ولا كتابات يوسيفوس أو فيلو أو التلمود، وربما نشأت في القرن الرابع على يد الملك قسطنطين أو الملكة هيلانة؟ وهل يُعقل أن أهل الجليل يُسافرون إلى أورشليم ليقضوا يوما واحدًا، وهو عيد الفصح (لو 2: 41) ويعودون أدراجهم، بينما المسافة مسيرة نحو ثلاثة أيام ذهابًا ومثلهم إيابًا؟

St-Takla.org Image: Nazareth - from Popular Bible Encyclopedia (Volumes 1-4), of Archimandrite Nicephorus, 1891, 1892. صورة في موقع الأنبا تكلا: الناصرة - من كتاب موسوعة الكتاب المقدس المبسطة (الأجزاء 1-4)، للأرشمندريت نيسيفوروس، 1891، 1892 م.

ج: 1- هل مدينة الناصرة (لو 2: 39) لم يكن لها وجود في القرن الأول الميلادي..؟ سبق الإجابة على هذا التساؤل فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد - مقدمة (1) س6... تقع مدينة الناصرة فوق جبل مرتفع من جبال المنطقة وهيَ مدينة مزدهرة ببساتين التين والزيتون وكروم العنب، تقع على بُعد 110 كم شمال أورشليم، وهيَ شرق البحر المتوسط بنحو 32 كم، وغرب الجزء الجنوبي من بحر الجليل بنحو 24 كم، وهذه المدنية في منطقة الجليل التي يحدها من الغرب البحر المتوسط ومن الشرق نهر الأردن وبحيرة طبرية، ومن الجنوب منطقة السامرة ومن الشمال فينيقيا وأرض لبنان (راجع مدارس النقد - عهد جديد - مقدمة (1) س5). وبلغ عدد سكان مدينة الناصرة في أيام السيد المسيح بنحو أربعة آلاف نسمة، وبيوتها كانت متواضعة بسيطة أقرب للأكواخ، ولكن الطبيعة أسبغت عليها جمالًا ساحرًا، فقال عنها أحد الكتَّاب: "إن كل سائح، قام بزيارة الناصرة، يتحدث عنها بكل الحماس. فهناك من يُشبهّها بوردة نضرة، تُحيط بها الجبال، كما تُحيط الأوراق بالوردة المستديرة. وهناك من يقول عنها أنها مدينة... تتفتح باتساع الجبال المُحيطة بها... أما جوها فيزداد برودة في الشتاء، ولو أنه بصفة عامة، صحي للغاية" ⁽¹¹⁰⁾. و"ناصرة الجليل" اسم عبري قد يعني "القضيب" أو "المحروسة" وقد عاش فيها يوسف النجار ومريم العذراء وفيها جاءت البشارة للعذراء، وفيها عاش أيضًا الرب يسوع حتى بلغ الثلاثين من عمره، وعندما بدأ خدمته دُعي "يسوع الناصري". وسكان الناصرة مثلهم مثل سكان الجليل خليط من اليهود والأمم، من اليهود من بقايا مملكة إسرائيل من سبطي زبولون ونفتالي بعد الأسر الأشوري سنة 722 ق.م، والأمم الذين آتى بهم ملوك آشور من بلاد ما بين النهرين، فاختلفت لهجة كلامهم عن لهجة اليهود الذين في اليهودية، وتأثروا بالعبادات الوثنية، فكان اليهود الساكنين في اليهودية وأورشليم يحتقرونهم، ويعتبرونهم ملعونين من اللَّه، وهذا ما عبَّر عنه نثنائيل بقوله: "أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ" (يو 1: 46). وأراضي الجليل زراعية جيدة تفيض بأشجار التين والعنب والكروم، تنتعش فيها المراعي والتجارة، فكانت منطقة الجليل هيَ الأكثر عمرانًا وازدهارًا في أرض فلسطين، وحول بحيرة الجليل سكن صائدوا الأسماك، فتجد "بيت صيدا" أي بيت الصيد، وفيها عاش بطرس الرسول وأندراوس أخوه وفيلبس، وربما يوحنا ويعقوب، وكانت هناك نحو أربعة آلاف سفينة تطفو على هذه البحيرة، وضمت الجليل نحو 240 مدينة وقرية، ومن أكثر هذه المدن كفرناحوم وكورزين وبيت صيدا ومجدل ونايين والناصرة، ومن أشهر جبالها جبل الكرمل الذي أصعد عليه إيليا المحرقة في تحدٍ مع كهنة الأوثان، وجبل جلبوع الذي قتل عليه شاول وأولاده، وجبل حرمون (جبل الشيخ) وجبل تابور (راجع الإنجيل حسب القديس لوقا - ترجمة لجنة قداسة البابا كيرلس السادس، ص179، 180).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

 

2- هل يُعقل أن أهل الجليل يسافرون إلى أورشليم ليقضوا يومًا واحدًا، وهو عيد الفصح (لو 2: 41) ويعودون أدراجهم، بينما المسافة مسيرة نحو ثلاثة أيام ذهابًا ومثلهم إيابًا..؟ كان اليهود يعيدون سبعة أعياد رئيسية وهيَ الفصح، والفطير، والباكورة، والأسابيع (الخمسين أو الحصاد) والأبواق، والكفارة، والمظال. وكان "عيد الفصح" يومًا واحدًا هو 14 نيسان (خر 13: 4) وهو أول الأعياد اليهودية، يرتبط به مباشرة "عيد الفطير" ومدته سبعة أيام، وكان اليهود يطلقون على عيدي الفصح والفطير إما "عيد الفصح" أو "عيد الفطير"، ويحتفلون به كعيد واحد يستمر ثمانية أيام، وإن كان خروف الفصح يرمز لذبيحة الصليب فخروف الفصح الذي نجى شعب اللَّه من الملاك المُهلك، ومن عبودية فرعون، كان رمزًا للمسيح المصلوب من أجل نجاة البشرية من الموت وعبودية الشيطان. فإن الفطير يشير للخبز غير المختمر الذي أكله بنو إسرائيل مع خروف الفصح قبيل خروجهم من أرض العبودية (خر 12: 34) ويُسمى " خُبْزَ الْمَشَقَّةِ" (تث 16: 3) ويرمز لحياة الطهارة والقداسة بدم المسيح. وكان "عيد الفصح" من الأعياد الثلاثة التي يلتزم فيها الرجال بالصعود إلى أورشليم، وهيَ أعياد الفصح والأسابيع والمظال (خر 23: 14-17، تث 16: 16) حيث تجد الصاعدين إلى أورشليم ألوف وربوات يترنمون بمزامير المصاعد، ويصاحبهم العازفين بالمزمار. وكان "عيد الباكورة" (لا 23: 9-14) يرمز لقيامة المسيح، و"عيد الأسابيع" (الخمسين أو الحصاد) يرمز لحلول الروح القدس على كنيسة العهد الجديد في يوم البنتقسطي (خر 23: 16، لا 23: 15-21، أع 2: 1) و"عيد الأبواق" أو الهتاف (لا 23: 23-25) يرمز للقيامة العامة ونهاية الزمان، و "عيد الكفارة" يرمز لجمعة الصلبوت، و"عيد المظال" (الجمع أو الشكر) (لا 23: 33-44) كان يشير لخروجهم من أرض مصر، وإقامتهم في البرية، فكانوا يتركون منازلهم ويقيمون في مظال لمدة أسبوع، ويرمز هذا العيد إلى غربتنا في هذا العالم... إذًا الذين كانوا يصعدون إلى أورشليم من الجليل مسيرة نحو ثلاثية أيام لم يقضوا في أورشليم يوم عيد الفصح فقط، إنما يقضون ثمانية أيام للاحتفال بالعيدين، عيد الفصح وعيد الفطير معًا.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(110) دكتور عزت زكي - تفسير بشارة لوقا لكتَّاب مشهورين، ص42.

كيف تسير العذراء مريم مع يوسف النجار مسيرة يوم كامل، دون مبالاة بطفلهما؟ أو كيف تقلق العذراء على ابنها وهيَ تعلم أنه اللَّه، وهل يقلق المخلوق على الخالق؟ وهل هذه القصة مدسوسة على الإنجيل، وليست حقيقية؟

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (عهد جديد) كتب أ. حلمي القمص يعقوب

كيف يطلب سمعان الشيخ أن ينطلق من هذا العالم وهو يعلم أنه سيذهب إلى سجن الجحيم؟ وكيف يكون المسيح المُخلص سبب سقوط كثيرين؟ وما هو السيف الذي سيجوز في نفس العذراء؟ وهل العذراء تعتبر شريكة في الفداء؟ وهل حنة بنت فنوئيل تعيش في الهيكل؟

---