St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

366- هل أدرك التلاميذ مغزى قول المسيح: "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" (مت 16: 24)؟ وما معنى قوله: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا" (مت 16: 25).. هل يحضَّ على الانتحار؟! وهل سيجازي ابن الإنسان كل واحد حسب عمله (مت 16: 27)، أم أنه يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء للجيل الثالث والرابع (خر 34: 7)؟ وأين القوم الذين لم يروا الموت منذ أيام السيد المسيح للآن (مت 16: 28)، أم أن هذه نبوءة كاذبة نُسبت للمسيح؟

 

س366: هل أدرك التلاميذ مغزى قول المسيح: "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" (مت 16: 24)؟ وما معنى قوله: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا" (مت 16: 25).. هل يحضَّ على الانتحار؟! وهل سيجازي ابن الإنسان كل واحد حسب عمله (مت 16: 27)، أم أنه يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء للجيل الثالث والرابع (خر 34: 7)؟ وأين القوم الذين لم يروا الموت منذ أيام السيد المسيح للآن (مت 16: 28)، أم أن هذه نبوءة كاذبة نُسبت للمسيح؟ (راجع المهندس أحمد عبد الوهاب - المسيح في مصادر العقيدة المسيحية ص102، 103، وعلاء أبو بكر - البهريز جـ 1 س136 ص98، 99، س223 ص158، 159، جـ 4 س200 ص192، 193، والدكتورة سارة بنت حامد - التحريف والتناقض في الأناجيل الأربعة ص214).

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

St-Takla.org Image: Take up His Cross, a man thinking of carrying a cross with Jesus صورة في موقع الأنبا تكلا: احمل صليبه، شخص يفكر في حمل الصليب مع يسوع

St-Takla.org Image: Take up His Cross, a man thinking of carrying a cross with Jesus.

صورة في موقع الأنبا تكلا: احمل صليبه، شخص يفكر في حمل الصليب مع يسوع.

ج: 1ــ عرف التلاميذ عقوبة الموت صلبًا، فشاهدوها بأعينهم مرارًا وتكرارًا، أو على الأقل أنهم سمعوا عنها، وجاء في كتاب "التفسير التطبيقي": "عند استخدام الرب يسوع الصورة المجازية عن حمل أتباعه لصلبانهم ليتبعوه، عرف التلاميذ ما كان يعنيه، فلقد كان الصليب إحدى الوسائل الرومانية لتنفيذ الإعدام، وكان على المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام أن يحملوا صلبانهم ويسيروا في الشوارع إلى موقع تنفيذ الحكم. لقد كان إتّباع الرب يسوع يعني التسليم الكامل والمخاطرة حتى الموت، دون أي رجوع أو نكوص" (1006).

 

2- قال السيد المسيح: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا" (مت 16: 25)، وهذا هو التحدي الأعظم الذي أصرَّ عليه السيد المسيح وذكره مرارًا وتكرارًا: "مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا" (مت 10: 39).. " فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا" (مر 8: 35) (راجع لو 9: 24، 17: 33، يو 12: 25). فإن الذين شهدوا للمسيح ولم ينكروه وأسلموا حياتهم للموت بإرادتهم نظر الناس إليهم على أنهم يُهلِكون أنفسهم، وهم في الحقيقة يحفظون أنفسهم للحياة الأبدية التي لا تُقارن أمجادها بأمجاد هذا العالم، فمن يموت من أجل المسيح تُفتح أمامه أبواب الحياة الأبدية، ومن يحمل صليبه إلى الجلجثة لا بد أن ينال القيامة والنصرة، ومن يتخلى عن أهوائه وشهواته واهتماماته الأرضية وحياته الزمنية في وقت الشهادة للمسيح، رافضًا الخضوع لذاته وما تمليه عليه من رغبات، مفضّلًا السلوك في الطريق الضيق الكرب، أولئك الذين لم يحبوا حياتهم مثلما أحبوا ملكهم المسيح قد أنقذوا أنفسهم من الهلاك الأبدي وربحوا الحياة الأبدية.

ويقول "القمص أنطونيوس فكري": "من يتصوَّر أن يخلص نفسه بأن ينكرني فهو في الحقيقة يضيّع نفسه ويخسرها. وتُفهَم أيضًا الآن، بأن من يتصوَّر أن يجد حياته في ملذات العالم ناسيًا إلهه فهو بهذا يضيّعها. من أضاع حياته من أجلي يجدها، فالذي قدم حياته للاستشهاد معترفًا بِاسمي فله أمجاد السموات. ومن قدم جسده ذبيحة حية وقد صلب أهوائه مع شهواته فله تعزيات الأرض وأمجاد السموات (رو 12: 1، غل 5: 24)" (تفسير مت 10: 37 - 39 - من موقع الأنبا تكلا).

وبالطبع لم يقصد السيد المسيح قتل النفس والحض على الانتحار، إنما المقصود إماتة الأهواء الرديئة: "فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ الزِّنَا النَّجَاسَةَ الْهَوَى الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ" (كو 3: 5). ويقول "مارديوناسيوس يعقوب بن الصليبي": "إن من يحتمل الآلام بِاسمي ولأجلي في هذا العالم. تخلد نفسه في العالم الآتي. وهذه الدعوة مقدمة للعموم، ولا يؤخذ منها أنه يطلب منا أن نقتل أنفسنا بل أن نعبد اللَّه مؤمنين به كما يجب. ويقول لوقا البشير عوض يجدها يحييها. أي أن الذي لا يسلم نفسه للشهوات النجسة فأنه يحييها. وأما الذي يحب سد أطماع نفسه فأنها يهلكها" (من موقع syriac studies.com بالانترنت).

 وذات مرة طلب أحد الأشخاص من أفلاطون كلمة حكمة، فقال له: "مُت بالإرادة تحيا بالطبيعة"، فالموت بالإرادة يعني أن يميت الإنسان الشهوات الرديئة، ويموت عن العالم وأهواءه وشهواته وإنشغالاته العاطلة الباطلة، والترفع عن الماديات، فيقول "وليم باركلي": "ونستطيع أن نصف الماديات بهذه الأوصاف:

( أ) لا يستطيع الإنسان أن يأخذها معه في النهاية. أنه يأخذ لنفسه فقط، وإذا أهان الإنسان نفسه من أجل الماديات فسوف يكون أسفه شديدًا.

(ب) إن الماديات لا تستطيع أن تعين الإنسان وتسنده عندما تتقدم به الأيام، والماديات لا تجبر قلبًا كسيرًا، ولا تؤنس وحيدًا.

(ج) إنه إذا ربح إنسان متاع هذه الدنيا بوسائل غير شريفة فسيأتي يوم يتكلم ضميره، وعندما يتكلم الضمير تبدأ جهنم النار قبل الموت.

وما أكثر الأصوات التي تنادي في العالم، لتصف ذاك الذي يبيع الحياة بالماديات بالغباء.."(1007).

 

3ــ هل اللَّه يجازي كل واحد بحسب أعماله (مت 16: 27) أم أنه يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء للجيل الثالث والرابع (خر 34: 7)؟ قد سبق الإجابة على هذا التساؤل فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد قديم جـ 6 س663، وفي خطوط عريضة نقول:

أ - للخطية عقوبتان، عقوبة أرضية وأخرى أبدية، والأبناء يعانون من عقاب خطايا أبائهم الأشرار، ومن يُولَد في العبودية هو عبد، ومن يُولَد في بلد تحت الاحتلال ينشأ تحت الاحتلال، وبعض الأمراض تتوارث من الآباء للأبناء أما العقاب الأبدي فكل نفس تخطئ تتحمل عقوبة خطاياها.

ب- أوضح الكتاب أن الذين يشتركون في تحمل عقوبة الآباء هم الأبناء الذين يسلكون في ذات السلوك الخاطئ الذي سلكه أباؤهم، ولذلك قال الكتاب: "مِنْ مُبْغِضِيَّ": "أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ" (خر 20: 5) (راجع أيضًا تث 5: 9).

جـ- أكد الكتاب على أن كل نفس تخطئ تتحمل عقوبة خطاياها الأبدية: "اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. اَلابْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الابْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ" (حز 18: 20).

 

4ــ قال السيد المسيح: "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِه" (مت 16: 28) وهذه هيَ الآية الأخيرة في هذا الأصحاح، والآية التالية لها هيَ الآية الأولى في الأصحاح اللاحق حيث بدأ القديس متى يتحدث عن حادثة التجلي، ومن المعروف أن القديس متى عندما كتب إنجيله كتبه كوحدة واحدة، لم يكن مقسَّمًا إلى أصحاحات وآيات مثل الآن، فواضح أن ما جاء في (مت 16: 28) مرتبط تمامًا بما جاء في (مت 17: 1 - 7) من أحداث التجلي (انظر أيضًا مر 9: 1، 9: 2 وأيضًا لو 9: 27، 9: 28)، فالسيد المسيح عندما قال: "مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِه" كان يقصد بهؤلاء بطرس ويعقوب ويوحنا الذين عاينوا حدث التجلي: "وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ" (مت 17: 1، 2)، فهذه هيَ صورة المجد الذي سيأتي بها، وقد ذاق التلاميذ الثلاث عربون ملكوت المسيح حتى قال يوحنا الحبيب: "وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ" (يو 1: 14) (راجع 2 بط 1: 17).. أليس هذا يعتبر مجيء للسيد المسيح في مجده؟!! ويقول "القديس مار آفرام السرياني": "أصعدهم إلى جبل لكي يُظهِر لهم قبل قيامته مجد لاهوته، حتى متى قام من الأموات يدركون أنه لم يتقبل هذا المجد كجزاء لعمله كمن لم يكن له هذا، وإنما له هذا المجد منذ الأزل مع الآب والروح القدس، وكما سبق فقال عندما ذهب إلى الآلام بإرادته: "الآن مجدني أيها الآب بالمجد الذي لي قبل إنشاء العالم" (يو 17: 9)" (1008).

كما أن قول السيد المسيح هنا (مت 16: 28) يشير للذين سيؤمنون بِاسمه القدوس، فهؤلاء ليس للموت سلطان عليهم (رؤ 20: 6) إنما يعيشون في جدة الحياة وحياة القيامة. وأيضًا يُفهَم قول السيد المسيح في ضوء ظهورات السيد المسيح بعد قيامته مرات عديدة حتى أنه ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمائة أخ (1 كو 15: 6).. أليس هذا مجيء للسيد المسيح في مجده؟!! وأيضًا يمكن أن نفهم كلام السيد المسيح في ضوء انتشار البشارة بالإنجيل، فحيثما انتشر الإنجيل يأتي المسيح بمجده، فجيل المسيح شاهد معجزة انتشار المسيحية في قارات العالم في زمن وجيز جدًا.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1006) التفسير التطبيقي ص1927.

(1007) تفسير العهد الجديد جـ 1 ص322.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/366.html

تقصير الرابط:
tak.la/z2w9nks