St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

355- هل مشي السيد المسيح على المياه (مت 14: 25) يُعد كسرًا لقوانين الطبيعة التي وضعها اللَّه وكأن الإله المتجسد يعمل ضد ذاته؟ وهل مشي المسيح على المياه يدخل ضمن الإدراك الحسي الخاطئ؟ وهل قصة مشي بطرس على المياه غير أكيدة لأنه لم يذكرها سوى إنجيل متى (مت 14: 28 - 31)؟ وهل كان بطرس يجرّب يسوع عندما قال له: "إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ" (مت 14: 28)؟ وكيف يأمره يسوع بأن يمشي على المياه وهو يعلم مُسبقًّا أنه سيتعرض للغرق (مت 14: 30)؟

 

St-Takla.org Image: Peter got out of the boat and started to walk towards Jesus. But as he heard the sound of the wind and saw the waves he started to doubt he could stay afloat. (Matthew 14: 29-30) - "Jesus walks on water" images set (Matthew 14:22-36, Mark 6:45-56, John 6:16-24): image (8) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فنزل بطرس من السفينة ومشى على الماء ليأتي إلى يسوع. ولكن لما رأى الريح شديدة خاف" (متى 14: 29-30) - مجموعة "يسوع يمشي على الماء" (متى 14: 22-36, مرقس 6: 45-56, يوحنا 6: 16-24) - صورة (8) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Peter got out of the boat and started to walk towards Jesus. But as he heard the sound of the wind and saw the waves he started to doubt he could stay afloat. (Matthew 14: 29-30) - "Jesus walks on water" images set (Matthew 14:22-36, Mark 6:45-56, John 6:16-24): image (8) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فنزل بطرس من السفينة ومشى على الماء ليأتي إلى يسوع. ولكن لما رأى الريح شديدة خاف" (متى 14: 29-30) - مجموعة "يسوع يمشي على الماء" (متى 14: 22-36, مرقس 6: 45-56, يوحنا 6: 16-24) - صورة (8) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

س355: هل مشي السيد المسيح على المياه (مت 14: 25) يُعد كسرًا لقوانين الطبيعة التي وضعها اللَّه وكأن الإله المتجسد يعمل ضد ذاته؟ وهل مشي المسيح على المياه يدخل ضمن الإدراك الحسي الخاطئ؟ وهل قصة مشي بطرس على المياه غير أكيدة لأنه لم يذكرها سوى إنجيل متى (مت 14: 28 - 31)؟ وهل كان بطرس يجرّب يسوع عندما قال له: "إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ" (مت 14: 28)؟ وكيف يأمره يسوع بأن يمشي على المياه وهو يعلم مُسبقًّا أنه سيتعرض للغرق (مت 14: 30)؟

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

ج: 1ــ القول بأن اللَّه خلق الطبيعة وجعل لها نواميسها وقوانينها التي لا تُخترَق ولا تُنتهَك، وأي عمل ضد قوانين الطبيعة يُعد ضد اللَّه ذاته واضع هذه القوانين، هو قول أصحاب التأليه الطبيعي، وقد سبق مناقشة هذا الموضوع بشيء من التفصيل، فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد قديم - مقدمة (2) س81. وباختصار شديد نقول أن من يُنكر مشي المسيح على المياه، كيف يقبل الميلاد العذراوي للسيد المسيح؟ وكيف يقبل التجسُّد الإلهي، وموت المسيح وقيامته، وصعوده للسماء، ومجيئه الثاني والقيامة العامة، والحياة الأخرى والملائكة... إلخ من حقائق الإيمان المسيحي؟!! وتغافل هؤلاء النُقَّاد أن القانون الطبيعي ليس نظامًا مُغلقًا، لكن اللَّه الذي وضع هذه القوانين الطبيعية له الحق في تعديلها أو تغييرها أو إيقافها خلال أوقات محدَّدة، فهذه القوانين لا تُمثل إلهًا يُعبَد، بل جميع الأمور في يد ذاك الذي بيده أمرنا.

ويقول "بنيامين بنكرتن": "قد يتوهم الطبيعي (أي الذي يؤمن بالتأليه الطبيعي) أن الصلاة عبث لأن الطبيعة مقيَّدة بنوامس لا تتغيَّر، ولكن المسيح أكد لنا أن خالق الطبيعة وواضع نواميسها هو أبونا. إذًا فهو بحُكم محبة قلبه الأبوي لنا يتحكَّم في كل النواميس لتعمل معًا لخيرنا ولو على غير أوضاعها. فقد جعل بطرس يمشي على الماء (مت 14: 28، 29)، وأوقف الشمس في كبد السماء (يش 10: 13)، بل وأرجعها إلى الوراء (2 مل 20: 11) وهذا كله خلافًا للنواميس الطبيعية" (953)

ويقول "متى هنري": "ولا داعي لكي نتساءل كيف تم هذا، أكان بتجمد سطح المياه، فأنه إن أراد اللَّه " تَجَمَّدَتِ اللُّجَجُ فِي قَلْبِ الْبَحْر" (خر 15: 8)، أو بإيقاف جاذبية جسمه الذي شع بالمجد وقت التجلي عندما أراد. وإنما يكفي القول أن هذه المعجزة دليل على قدرته الإلهيَّة لأن إمتياز اللَّه هو أنه: "الْمَاشِي عَلَى أَعَالِي الْبَحْرِ" (أي 9: 8)، " الْمَاشِي عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ" (مز 104: 3)0 وذاك الذي جعل: "أَعْمَاقَ الْبَحْرِ طَرِيقًا لِعُبُورِ الْمَفْدِيِّينَ" (إش 51: 10).. ونفس القدرة التي جعلت الحديد يطفو (2 مل 6: 6) هيَ التي أظهرت الآن: "مَالَكَ أَيُّهَا الْبَحْرُ " لقد فعلت هذا ومن قدام الرب (مز 114: 5). " فِي الْبَحْرِ طَرِيقُكَ" (مز 77: 19)" (954).

 

2ــ هل مَشي المسيح وبطرس على المياه من قبيل الإدراك الحسي الخاطئ؟ عندما رأى التلاميذ الرب يسوع ماشيًا على المياه خافوا وإضطربوا ظانين أنه خيال، وكان القدماء يعتقدون أن ظهور أرواح الموتى نذير شؤم بحلول المصائب، ولكنه كان السيد المسيح حقيقةً هو من جاء إليهم، وليس خيالًا تصوَّروه نتيجة إختلال حواسهم، وذلك لأسباب عديدة، نذكر منها الآتي:

أ - من يؤمن أن السيد المسيح هو الإله المتجسّد لا يستبعد حدوث مثل هذه المعجزة، فالذي جاء إلينا من سماه وصار في صورة العبد ليس بعيدًا عنه أن يمشي على سطح المياه من أجل إنقاذ حياة تلاميذه.

St-Takla.org Image: Immediately he began to sink. ‘Lord, save me!’ he cried. (Matthew 14: 30) - "Jesus walks on water" images set (Matthew 14:22-36, Mark 6:45-56, John 6:16-24): image (9) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "وإذ ابتدأ يغرق، صرخ قائلا: «يا رب، نجني!»" (متى 14: 30) - مجموعة "يسوع يمشي على الماء" (متى 14: 22-36, مرقس 6: 45-56, يوحنا 6: 16-24) - صورة (9) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Immediately he began to sink. ‘Lord, save me!’ he cried. (Matthew 14: 30) - "Jesus walks on water" images set (Matthew 14:22-36, Mark 6:45-56, John 6:16-24): image (9) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وإذ ابتدأ يغرق، صرخ قائلا: «يا رب، نجني!»" (متى 14: 30) - مجموعة "يسوع يمشي على الماء" (متى 14: 22-36, مرقس 6: 45-56, يوحنا 6: 16-24) - صورة (9) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ب - لو لم يجئ السيد المسيح ماشيًا على المياه، فكيف هدأ البحر فجأة: "وَلَمَّا دَخَلاَ السَّفِينَةَ سَكَنَتِ الرِّيحُ" (مت 14: 32)؟!!

جـ - كان في السفينة جميع التلاميذ، ومعهم أناس آخرون، أعمارهم مختلفة، وأعمالهم مختلفة، ونفسياتهم مختلفة، فهل جميعهم إختلت أحاسيسهم ومشاعرهم؟!!

د - هل اتفق كل من في السفينة على جميع تفاصيل الحدث، مثل:

(1) وقت مجيء المسيح في الهزيع الرابع من الليل (مت 14: 25).

(2) جاء ماشيًا على سطح المياه (مت 14: 25).

(3) خوف من في السفينة واضطرابهم حتى أنهم صرخوا (مت 14: 26).

(4) حديث بطرس معه طالبًا منه أن يدعوه لينزل ويمشي على الماء، ودعوة المسيح له، وتجاسر بطرس ومشيه على المياه، وشكه فبدأ يغرق، وإنقاذ المسيح له (مت 14: 28 - 31).

وعندما سجل القديس متى المعجزة كان كثيرون من الذين عاشوها على قيد الحياة، فلم يعترض واحد منهم ولم يشكك أحد فيما كتبه القديس متى.

هـ - لو لم تكن هذه المعجزة حقيقية، فما الذي دعى الذين كانوا في السفينة أن يسجدوا له: "قَائِلِينَ بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللَّه" (مت 14: 33)؟!!

 

3ــ ليس انفراد القديس متى بتسجيل قصة مشي بطرس على المياه يجعلها غير مؤكدة بحجة أنه لم يذكرها أحد من الإنجيليين الآخرين، فلو جعلنا هذا منهجًا فإن الشك سيدور حول كل ما انفرد به كل إنجيلي من الإنجيليين الأربعة، ويصبح أكثر من 90 % من إنجيل يوحنا مرفوض لأنه لم يُذكر في الأناجيل الأخرى، وقد سبق مناقشة هذا الموضوع فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد - مقدمة (1) س74.

وقد انفرد القديس متى بذكر بعض الأحداث الخاصة بالقديس بطرس، وليس قصة مشيه على المياه فقط، فعندما ذكر اسمه مع الرسل الاثنى عشر قال: "اَلأَوَّلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ" (مت 10: 2)، ووعد السيد المسيح لبطرس بعد أن اعترف بألوهيته (مت 16: 17، 18) ومعجزة سداد ضريبة الدرهمين (مت 17: 24 - 27).

 

St-Takla.org Image: Jesus reached out his hand and caught Peter. ‘You have so little faith,’ Jesus told him. ‘Why did you doubt?’ Jesus lifted Peter into the boat and climbed aboard to join the disciples. (Matthew 14: 31-32) - "Jesus walks on water" images set (Matthew 14:22-36, Mark 6:45-56, John 6:16-24): image (10) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "ففي الحال مد يسوع يده وأمسك به وقال له: «يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟» ولما دخلا السفينة سكنت الريح" (متى 14: 31-32) - مجموعة "يسوع يمشي على الماء" (متى 14: 22-36, مرقس 6: 45-56, يوحنا 6: 16-24) - صورة (10) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Jesus reached out his hand and caught Peter. ‘You have so little faith,’ Jesus told him. ‘Why did you doubt?’ Jesus lifted Peter into the boat and climbed aboard to join the disciples. (Matthew 14: 31-32) - "Jesus walks on water" images set (Matthew 14:22-36, Mark 6:45-56, John 6:16-24): image (10) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "ففي الحال مد يسوع يده وأمسك به وقال له: «يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟» ولما دخلا السفينة سكنت الريح" (متى 14: 31-32) - مجموعة "يسوع يمشي على الماء" (متى 14: 22-36, مرقس 6: 45-56, يوحنا 6: 16-24) - صورة (10) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

4ــ عندما طلب بطرس من السيد المسيح قائلًا له: "يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ" (مت 14: 28) لم يكن يُجرب سيده، إنما عُرِف القديس بطرس باندفاعه وشجاعته وغيرته، وأيضًا بإيمانه ومحبته للمسيح، فهو أول من أعلن ألوهية السيد المسيح (مت 16: 16) وهنا يُعلن عن إيمانه بالسيد المسيح القادر أن يمشي على سطح المياه، والقادر أن يأمر الآخرين بأن يفعلوا مثله، وطلب بطرس الجريء من السيد المسيح أن يأتي إليه دليل على عظم محبته له، فهو يريد أن يكون بقرب المسيح حتى لو خاطر بحياته، وبعد القيامة عندما كان في البحر وعرف أن الواقف على الشط هو السيد المسيح ألقى بنفسه في البحر ليسرع إليه (يو 21: 7)، فالمحبة تستهين بالمياه الكثيرة والنيران المشتعلة لتصل إلى الحبيب. وأيضًا طلبه الجريء دليل على عظم إيمانه به، فهو يثق أن كلمة من سيده تحمل في طياتها قوة تحمله على سطح المياه.

وتجاوب السيد المسيح مع أعماق بطرس التي يعرفها جيدًا، فلو كان بطرس يريد أن يجربه ما كان استجاب السيد المسيح لطلبه، فعندما طلب منه الكتبة والفريسيون آية رفض طلبهم بل ووبخهم، بينما أعطى بطرس سؤل قلبه.

 

5ــ سمح السيد المسيح لبطرس بأن يمشي على المياه وهو يعرف أنه سيتعرَّض للغرق، وهذا يمثل نصف الحقيقة، أما النصف الآخر فهو أنه يعلم أن بطرس عندما يبدأ في الغرق سيصرخ: "يَا رَبُّ نَجِّنِي" وفي الحال سيمسك به وينقذه، وسيكون الدرس درسين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. أحداهما أن الإيمان يرفع الإنسان، والدرس الآخر أن الشك وضعف الإيمان يمثل خطرًا على حياة الإنسان، ولذلك قال له السيد المسيح: "يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ" (مت 14: 38)، فطالما كانت عينا بطرس على سيده فإن كان يسير على لجة المياه، ولكن عند نظره للأمواج الهادرة بدأ يشك: هل هذه حقيقة؟! كيف أسير على المياه ولا أغرق؟!! وعندما بدأ يغرق تصرَّف معلمنا بطرس حسنًا إذ صرخ " يَا رَبُّ نَجِّنِي" فامتدت يد النجاة له، وعندما دخل السيد المسيح وبطرس للسفينة على الفور هدأت العاصفة وسكنت الريح وزالت المخاطر، وعاد السلام يرفرف بجناحيه على نفوس طالما زمجر البحر في وجهها طويلًا، فعاد إليها السلام المفقود والطمأنينة المنشودة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(953) تفسير إنجيل متى ط (3) سنة 1981م ص120.

(954) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير الكتاب المقدَّس - تفسير إنجيل متى جـ 1 ص486، 487.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/355.html

تقصير الرابط:
tak.la/5dvgj87