St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

335- هل قول السيد المسيح: "تَعَالَوْا إِلَيَّ.." (مت 11: 29) يُلغي دور الكنيسة والعقيدة ورجل الدين في الخلاص؟ وكيف يقول السيد المسيح: "لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ" (مت 11: 30) بينما قال في موضع آخر: "مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ" (مت 7: 14)؟

 

س335: هل قول السيد المسيح: "تَعَالَوْا إِلَيَّ.." (مت 11: 29) يُلغي دور الكنيسة والعقيدة ورجل الدين في الخلاص؟ وكيف يقول السيد المسيح: "لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ" (مت 11: 30) بينما قال في موضع آخر: "مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ" (مت 7: 14)؟

ويقول "وليم ماكدونالد": "إِلَيَّ: إن غرض الإيمان ليس كنيسة أو عقيدة أو رجل دين، وإنما هو المسيح الحي، هذا وأن الخلاص هو شخصي، فأولئك الذين لهم يسوع قد خلصوا بعمل اللَّه فيهم" (875).

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

St-Takla.org Image: Narrow and Wide Gates: A rendering of the few entering through the narrow gate carrying crosses and many entering through the wide gate in revelry: (Matthew 7: 14-15) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: الباب الضيق والواسع: تصوير لأناس يدخلون من باب ضيق حاملين صلبانهم، وكثيرون يدخلون من باب واسع في مرح صاخب: (متى 7: 14-15) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

St-Takla.org Image: Narrow and Wide Gates: A rendering of the few entering through the narrow gate carrying crosses and many entering through the wide gate in revelry: (Matthew 7: 14-15) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الباب الضيق والواسع: تصوير لأناس يدخلون من باب ضيق حاملين صلبانهم، وكثيرون يدخلون من باب واسع في مرح صاخب: (متى 7: 14-15) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

ج: 1ــ الإدعاء بأن قول السيد المسيح " تَعَالَوْا إِلَيَّ " يُلغي دور الكنيسة والعقيدة ورجل الدين في قصة الخلاص، إدعاء باطل:

أ - فهو إدعاء يعتمد على آية واحدة، وهناك خطورة كبيرة عندما نبني عقيدة على آية واحدة متجاهلين الآيات العديدة التي تناقش نفس الموضوع، فهل هذه الآية (مت 11: 29) هيَ الآية الوحيدة التي تتناول قصة الخلاص.

ب - لقد رسم اللَّه طريقًا للخلاص وهو الإيمان به، ثم نوال المعمودية في كنيسته المقدَّسة والسلوك في حياة التوبة والتقوى والقداسة، ومثل واضح على هذا، هو ظهور السيد المسيح لشاول الطرسوسي، فهل انتهت قصة خلاصه بإلتقائه بالمسيح؟! كلاّ، إنما أرسله الرب يسوع إلى حنانيا الذي قَبِل اعترافه وعمَّده.

جـ - السيد المسيح هو الذي وضع أساس الكنيسة، فقال لبطرس الرسول بعد اعترافه بألوهية المسيح: "أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا". (مت 16: 18)، كما قال لمن يعاتب أخيه: "وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ.." (مت 18: 17) والمقصود بالكنيسة هنا رجال الاكليروس، والكنيسة ليست غريبة عن العهد الجديد، فقد وردت 114 مرة، منها خمسة عشر مرة تشير للكنيسة بمعناها العالم كجماعة المؤمنين، وعشرات المرات للكنائس المحلية، فجاء في سفر الأعمال: "وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ" (أع 2: 47) وبعد قصة حنانيا وسفيرة: "فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الْكَنِيسَةِ" (أع 5: 11).. " وَأَمَّا الْكَنَائِسُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَلِيلِ وَالسَّامِرَةِ فَكَانَ لَهَا سَلاَمٌ" (أع 9: 31). وفي رسالة رومية جاء ذكر: "فِيبِي الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا" (رو 16: 1).. " كَنَائِسُ الْمَسِيحِ تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ" (رو 16: 16).. " غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا" (رو 16: 23)، وكتب بولس الرسول " إِلَى كَنِيسَةِ اللَّه الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ" (1 كو 1: 2).. " وَهكَذَا أَنَا آمُرُ فِي جَمِيعِ الْكَنَائِسِ" (1 كو 7: 17).. " نِعْمَةَ اللَّه الْمُعْطَاةَ فِي كَنَائِسِ مَكِدُونِيَّةَ" (2 كو 8: 1)، وفي رسالته إلى غلاطية: "كَنَائِسِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ" (غل 1: 22)، وفي رسالته لأفسس: "الْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ... كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ... كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ... لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً" (أف 5: 24 - 27)، وفي رسالته إلى فيلبي: "لَمْ تُشَارِكْنِي كَنِيسَةٌ وَاحِدَةٌ فِي حِسَابِ الْعَطَاءِ" (في 4: 15)، وفي رسالته إلى كولوسي: "وَعَلَى نِمْفَاسَ وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِه" (كو 4: 15).. " فِـي كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ" (كو 4: 16)، وكتب " إِلَى كَنِيسَةِ التَّسَالُونِيكِيِّينَ" (1 تس 1: 1).. " صِرْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِكَنَائِسِ اللَّه الَّتِي هِيَ فِي الْيَهُودِيَّة" (1 تس 2: 14)، وفي رسالته إلى تيموثاوس: "بَيْتِ اللَّه الَّذِي هُوَ كَنِيسَةُ اللَّه الْحَيِّ عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ" (1 تي 3: 15)، وكتب إلى فليمون: "وَإِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِكَ" (فل 2)، وفي رسالته للعبرانيين: "أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ" (عب 2: 12). وقال يعقوب الرسول: "أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَة" (يع 5: 14)، وكتب يوحنا الحبيب: "كَتَبْتُ إِلَى الْكَنِيسَة" (3 يو 9) وفي سفر الرؤيا كتب يوحنا عن الكنائس السبع (رؤ 1، 2، 3).. إلخ، وهذه مجرد أمثلة، فهل بعد هذا يُنكر أحد دور الكنيسة في خلاص الإنسان؟! أن أي دراسة بسيطة للأسرار الكنسية يوضح دور الكنيسة كأم للإنسان تصاحبه من المهد للحد، تعطيه الميلاد السمائي وتقوته وتربيه وتزوّجه وتعتني بأسرته... حقًا أن الكنيسة هيَ فلك النجاة. وصدق الشهيد كبريانوس حين قال لا يستطيع أحد أن يأخذ اللَّه أبًا له ما لم تكن الكنيسة أمه.

كما ذكر العهد الجديد الرتب الكهنوتية منذ نشأة الكنيسة، فتكلم عن "الشمامسة" (أع 6: 3، في 1: 1، 1 تي 3: 8، 9) و"القسوس" (أع 4: 23، 20: 17) و"الأساقفة" (أع 20: 28، في 1: 1، 1 تي 3: 1، تي 1: 7). وأيضًا القول بأنه لا ضرورة للعقيدة في قضية الخلاص، قول خطير، لأن الدين في الأساس هو عقيدة وإيمان، فكل دين وكل طائفة وكل جماعة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية لها دستورها الذي يمثل عقائدها، بل أن الذين يضطهدون الكنيسة لهم عقائدهم التي تدفعهم لهذا الشر. فقال السيد المسيح: "تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً ِللَّه" (يو 16: 2)، فهذا ظنه أي هذه هيَ عقيدته التي دعته لزهق الأرواح... من يشك في أهمية العقيدة للخلاص فليقل لنا كيف يؤمن الإنسان باللَّه إن لم يعتقد اعتقادًا راسخًا أن اللَّه موجود؟! وكيف يعرف الإنسان طبيعة اللَّه إن لم يعرف الثالوث القدوس؟! وكيف ينال الخلاص إن لم يؤمن بالتجسد الإلهي والفداء الذي تم على الصليب؟! وكيف يسلك بلياقة وتقوى إن لم يؤمن بالحياة الأبدية؟!! فكل مساعي الإنسان لا فائدة منها إن لم تكن نابعة من عقيدة صحيحة، وقال الكتاب: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ، لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا" (2 تي 2: 5). من أجل العقيدة دافع أثناسيوس الرسولي والبابا كيرلس الكبير والبابا ديسقورس والأنبا صموئيل المعترف، ومن أجل التمسك بالعقيدة القويمة قدم الآلاف أرواحهم رخيصة واستشهدوا، ومن أجل العقيدة إنعقدت المجامع المحلية والمجامع المسكونية.

 

2ــ ما تصوَّره البعض من تناقض بين قول السيد المسيح: "نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ" وقوله: "مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ" (مت 7: 14)، فقد سبق الإجابة على هذا التساؤل فيُرجى الرجوع إلى س290. والنير هو خشبة عريضة توضع على رقبتي بقرتين أو ثورين أو جاموستين تسيران بالتوازي، ويتصل بالنير خشبة المحراث الذي يُقلّب الأرض، فشكل النير هو شكل الصليب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وعندما قال السيد المسيح " نِيرِي" اعتبر أن النير يخصه هو، والإنسان شريك معه في حمل النير، فأي شرف للإنسان أن يحمل النير مع المسيح؟! ويُعبّر النير عن العبودية، فقال الرب للشعب: "أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمُ الَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ كَوْنِكُمْ لَهُمْ عَبِيدًا وَقَطَّعَ قُيُودَ نِيرِكُمْ" (لا 26: 13)، والنير حمل له ثقله، فكيف يكون خفيفًا لطيفًا؟ الحقيقة أن نير المسيح يختلف عن أي نير آخر في العالم كله، فهو مثل ريش الطائر، حتى وإن كان يمثل وزنًا إلاَّ أنه هو الذي يجعل الطائر يُحلّق في الهواء، وبدون نير المسيح لا يستطيع الإنسان أن يُحلّق في سماء الفضيلة، فنحن لا نحمل نعمة المسيح، بل نعمة المسيح هيَ التي تحملنا... ناموس المسيح سهل وهين وخفيف لمن لديه الاستعداد للتضحية ودفع التكلفة، أما الذي ليس لديه هذا الإستعداد فناموس المسيح يمثل بالنسبة له حملًا ثقيلًا.

ويقول "مارديوناسيوس يعقوب ابن الصليبي": "ورب قائل يقول كيف أن المسيح قال سابقًا: "مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ " وهنا يقول: "نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ " فنجيب أن ذلك متوقف على الإرادة، فإن كنا نشطين مجتهدين أصبحت وصاياه سهلة خفيفة الحمل وإن كنا متهاونين متكاسلين أصبحت صعبة الحفظ كربة. ثم نقول أن نيره هين لأنه يدعو الخطاة للتوبة، والناموس ثقيل لأنه يرجم الفاجرين ويقتل القاتلين. ورب معترض يقول كيف يكون نيري هين وهو يأمر ألا يبغض أحد قريبه باطلًا وإلاَّ ينظر نظرًا فاسقًا وأن نبغض أنفسنا، فنجيب أننا إذا قسنا أوامره ومكافأته المحفوظة للذين يحملون نيره رأيناها خفيفة وسهلة كقول بولس أن مشقات هذا الدهر لا توازي المجد المزمع أن يظهر" (876).

ويقول "متى هنري": "إن دعوة التعابى والثقيلي الأحمال لحمل نير على أعناقهم يبدو كأنه إضافة ضيق للمتضايقين. على أن هذا التناقض الظاهري يزول حينما نذكر أن المسيح يقول أن هذا النير نيره هو: "نِيرِي " وكأنه يقول: أنتم تحت نير يجعلكم متعبين وثقيلي الأحمال. فانفضوا عنكم هذا النير وجربوا نيري الذي يريحكم" (877).

ويقول "القمص تادرس يعقوب": "ما دام الصليب خاص به والموت هو شركة معه تتحوَّل الآلام إلى عذوبة، والموت إلى حياة، والصليب إلى قيامة، بهذا يصير النير هينًا لأنه نير المسيح، والحمل خفيفًا لأنه حمله هو" (878).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(875) تفسير الكتاب المقدَّس للمؤمن - العهد الجديد جـ 1 ص87.

(876) الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ص277.

(877) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير العهد الجديد - تفسير إنجيل متى جـ 1 ص388.

(878) تفسير إنجيل متى ص263.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/335.html

تقصير الرابط:
tak.la/8bbt94p