س282: هل عبارة: "لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ" (مت 6: 13) ليس لها وجود في أقدم المخطوطات، ولذلك وضعت بين قوسين في الترجمة البيروتية العربية، كما أنها لم ترد في إنجيل لوقا، بالإضافة للاختلافات الأخرى بين إنجيلي متى ولوقا في هذه الصلاة؟ وكيف تجرؤ الكنيسة على إضافة عبارة "بالمسيح يسوع ربنا" للصلاة الربية، وليس لها وجود في الإنجيل على الإطلاق؟
وجاء في "موقع ابن مريم":" (مت 6: 13) " لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ". تعتبر الصلاة الربانية أكثر النصوص حفظًا وتداولًا، فهيَ كالفاتحة في القرآن عن المسلمين، لكن لم تنجوا هيَ أيضًا من التحريف والتغيير. فهذه الآية الأخيرة مضافة إلى النص...
يقول البروفسور G.A.Wells في كتابه The Jesus Legend (أسطورة يسوع) على صفحة 70 أن هناك 30000 قراءة مختلفة لإنجيل لوقا. ثم يضيف قائلًا أن هناك 81 قراءة مختلفة للصلاة الربانية. فإذا كانت أكثر النصوص حفظًا قد أصابتها أيدي التحريف فيما بالك بباقي الكتاب؟؟".
ويقول "حفيظ اسليماني": "قول متى: "لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ" غير موجودة في كثير من الترجمات. فالترجمة العربية المشتركة والترجمة اليسوعية والإنجيل العربي القبطي لا يوجد به هذا النص... أما كتاب الحياة (فقد) أورد العبارة... " لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ". فأين هو الوحي وصحة الكتاب المقدَّس، وهناك نص محذوف من ترجمات عدة وموجود في أخرى" (681).
ج: 1ــ سبق لنا الحديث عن القراءات المختلفة أو المتنوعة بشيء من التفصيل أكثر من مرة، لذلك يُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد قديم جـ1 س9، ومدارس النقد ــ عهد جديد ــ مقدمة (2) س116.
2ــ لا يوجد اختلافات بين إنجيلي متى ولوقا في الصلاة الربية بإستثناء عبارة " لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ" التي وردت في إنجيل متى دون إنجيل لوقا، وفيما يلي مقارنة بين الإنجيلين في هذه الصلاة، وأيضًا على الديداخي (الديداكي) أي تعاليم الرسل والذي يرجع إلى عصر مُبكر في تاريخ الكنيسة:
متى 6: 9 - 13 |
لوقا 11: 2- 4 |
الديداكي 81: 2 - 3 |
أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ (1) لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ |
أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ (1) لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ |
أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ (1) لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ |
(2) لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ |
(2) لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ |
(2) لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ |
(3) لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ. كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ |
(3) لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ. كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ |
(3) لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ. كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ |
(4) خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ |
(4) خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ |
(4) خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ |
(5) وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا |
(5) وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا لأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا نَغْفِرُ لِكُلِّ مَنْ يُذْنِبُ إِلَيْنَا |
(5) وَاتْركْ لَنَا ما علينا كَمَا نترك نَحْنُ أَيْضًا لمن لنا علينا |
(6) وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَة
|
(6) وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ
|
(6) وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ
|
(7) لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ آمِينَ. |
(7) لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ |
(7) لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْقدرَةَ وَالْمَجْدَ، إِلَى الأجيال. |
(راجع الأب بيوس عفاص - قراءة مجددة للعهد الجديد ص255).
ونحن نعلم أن الأناجيل تكمل بعضها البعض، فإن كانت هناك عبارة لم ترد في إنجيل بينما وردت في إنجيل آخر، فهذا لا يُعد تناقض ولا تعارض، ما دام الإنجيل الآخر لم يتعارض مع هذه العبارة، ولم ينفي تلك العبارة التي أثبتها الإنجيل الأول.
والأرجح أن السيد المسيح ذكر هذه الصلاة أكثر من مرة، والصيغة التي سجلها القديس متى هيَ التي استخدمتها الكنيسة في صلواتها الليتورجية، ولا سيما أن الكنيسة الأولى نشأت في أورشليم في أحضان اليهودية، والقديس متى كتب لليهود، ويقول "الخوري بولس الفغالي": "إن نص متى هو الذي دخل في الاستعمال الليتورجي. نلاحظ أولًا بناء هذه الصلاة: في البداية، نداء إلى الآب السماوي، ثم ثلاث طلبات تتوجه إلى اللَّه: اسمك، ملكوتك، مشيئتك، ويتوسع الكلام في الطلبة الثالثة (على الأرض كما في السماء) قبل أن تتوقف الحركة. بعد هذا، نجد ثلاث طلبات مع صيغة المتكلم الجمع (نحن): أعطينا، اغفر لنا، نجنا. وهناك توازٍ داخل كل جملة: اليوم واليومي، اغفر لنا ونحن نغفر، التجربة والشرير. ويتوسع النص شيئًا فشيئًا حتى يقترب من النهاية. وكل هذا في أسلوب شفهي يسهل حفظه في الذاكرة...
هنا نشير إلى اعتراض يقول أن الصلاة تبدأ وجيزة مقتضبة ثم تتوسع شيئًا فشيئًا مع الاستعمال الليتورجي. أيكون لوقا هو الأول ومتى هو الثاني؟ ولكن نص متى يبدو متوازنًا جدًا بحيث لا يمكن أن يكون نتيجة زيادات على نص لوقا"(682).
وللأمانة المُطلّقة للعاملين في حقل الأسفار المقدَّسة وضعوا عبارة: "لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ آمِينَ" بين قوسين، لأنها لم ترد في بعض المخطوطات وبعض الترجمات، مع أنها وردت في مخطوطات أخرى وترجمات أخرى، وجاء في "كتاب الهداية": "قال المحققون... إن هذه التسبحة ثابتة في نسخ عديدة قديمة، ومما يدل على أنها أصلية وليست ملحقة هو أن اليهود كانوا يختمون صلواتهم بالتسبيحات، وقال آدم كلارك ثبت عنده أنها أصيلة لقدمها"(683) (راجع أيضًا الأسقف ايسيذورس - مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب ص455، 456).
وهذه العبارة تتناغم مع ما جاء في العهد القديم، فعندما بارك داود الرب قائلًا: "لَكَ يَارَبُّ الْعَظَمَةُ وَالْجَبَرُوتُ وَالْجَلاَلُ وَالْبَهَاءُ وَالْمَجْدُ لأَنَّ لَكَ كُلَّ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. لَكَ يَارَبُّ الْمُلْكُ وَقَدِ ارْتَفَعْتَ رَأْسًا عَلَى الْجَمِيعِ" (1 أي 29: 11). وقد اقتبس الآباء هذه العبارة في كتاباتهم، فمثلًا يقول "القديس يوحنا الذهبي الفم": "إن كان ضعفك متعدد لكن ثق أنه يملك عليك من له القوة ليتمم فيك كل شيء بسهولة"(684).
3ــ في الصلاة الربية نقول عقب الطلبات " بالمسيح يسوع ربنا" وهيَ تتوافق تمامًا مع أقوال السيد المسيح: "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ" (يو 16: 23).. " وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي فَذلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّـدَ الآبُ بِالابْنِ" (يو 14: 13).. " لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي" (يو 15: 16). وقال "القديس جيروم" مخاطبًا الآب: "تطلع إلينا فتجد إبنك ساكنًا فينا"(685). والسيد المسيح الذي أخلى ذاته لم يشأ أن يقول لتلاميذه اطلبوا هذه الطلبات بِاسمي، ونحن نذكر هذه العبارة الهامة في الصلاة الربية، غير أننا لم نضفها للإنجيل، ولم ندعي أن السيد المسيح تفوَّه بها.
ويقول "قداسة المتنيح البابا شنوده الثالث": "إذًا فلنطلب بِاسمه، فهذا يدل على إيماننا به، كما يدل على ثقتنا بمحبته لنا، وثقتنا بوعده وإتمامه. وهو أيضًا يؤكد أهمية اجتماعنا في الصلاة بِاسمه:
فيقول: "حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ" (مت 18: 20). هنا تظهر إذًا أهمية الصلاة بِاسمه، حتى يكون وسطنا ويستجيب صلواتنا. بل أن الرب يعاتب تلاميذه على أنهم لم يطلبوا شيئًا بِاسمه:
فيقول لهم: "إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا" (يو 16: 24). إذا طلبنا باسم ربنا يسوع المسيح هو تنفيذ لوصية إلهية... ونلاحظ أن إخوتنا البروتستانت الذين يعاتبوننا على إضافة هذه العبارة... هم أنفسهم يستخدمونها في خاتمة كل صلواتهم تقريبًا، وإن كانوا لا يذكرونها ضمن الصلاة الربية...
إذًا الطلب بِاسم ربنا يسوع المسيح، هو لائق ومفيد. ونحن نستخدمه مع الصلاة الربية، لأنها الصلاة الأكثر استخدامًا منا، في كل يوم وفي كل مناسبة. وفيها نذكره بِاسمه الثلاثي: يسوع أي مخلص وهو اسمه، والمسيح وهو اسمه في رسالته بيننا كممسوح للخدمة كاهنًا وملكًا ونبيًا. وأيضًا عبارة ربنا تدل على إيماننا بلاهوته... وكل الطلبات التي ذكرناها في الصلاة الربية، إنما كل منها بالتفصيل نطلبها بِاسم ربنا يسوع المسيح. هذا الذي له القوة والمجد... إلى الأبد. آمين"(686).
ويقول " نيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط ورئيس دير القديسة دميانة": "لم ترد هذه العبارة في الصلاة الربانية كما نطق بها السيد المسيح في وقتها، وكما سجلتها الأناجيل على فمه المبارك لأنه من ناحية هو الذي علمها لتلاميذه، فلا يمكن - والحال هكذا - أن يقول هو عن نفسه: "بالمسيح يسوع ربنا"..
فمن غير اللائق إطلاقًا تقديم الطلبات للآب السماوي بعد إتمام الفداء دون أن تكون بِاسم الرب يسوع المسيح. فكل صلاة نصليها تسبقها الصلاة الربانية ونردد فيها هذه العبارة الخالدة "بالمسيح يسوع ربنا ". لقد شجع السيد المسيح تلاميذه أن يوجهوا الصلاة الربانية إلى الآب مباشرة. ولكن مَنْ يستطيع أن يُصلي إلى الآب بدالة البنوة إن لم يطلب بِاسم الابن الوحيد الفادي والمخلص يسوع المسيح؟! لذلك قال معلمنا بولس الرسول: "إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ يَا أَبَا الآبُ" (رو 8: 15) أي أيها الآب أبانا... لقد وضعت الكنيسة عبارة "بالمسيح يسوع ربنا " كما تسلمت ذلك من الآباء الرسل في الصلاة الربانية. ومما يؤكد أيضًا هذه الحقيقة أن الآباء الرسل كانوا يستخدمون اسم الرب يسوع المسيح في صنع المعجزات، وفي الكرازة بالإنجيل، وفي التعميد، وفي طلب المعجزات من اللَّه الآب، وفي كتابة رسائلهم إلى الكنائس والمؤمنين... وصارت قاعدة لا يمكن التغاضي عنها أن هذا الاسم قد صار هو عنوان كل شيء في المسيحية... " (مشتهى الأجيال من منظور أرثوذكسي - موقع الأنبا تكلا بشبكة الانترنت).
_____
(681) الأناجيل الأربعة دراسة نقدية ص97، 98.
(682) دراسات بيبلية - 14 - إنجيل متى جـ 1 ص318، 319.
(683) الهداية جـ 3 ص283.
(684) أورده القمص تادرس يعقوب - تفسير إنجيل متى ص159.
(685) المرجع السابق ص159.
(686) أبانا الذي في السموات ص163، 164.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/282.html
تقصير الرابط:
tak.la/379c3kr