س142: هل يمكن إلقاء الضوء على كتاب "أعمال بولس"؟ وما علاقته بكتاب "أعمال بولس وتكلة"؟ ومَن هيَ تكلة؟ وما هيَ قصتها؟ وما هيَ علاقة كتاب "أعمال بولس" أيضًا برسالة بولس الرسول الثالثة لأهل كورنثوس؟
أولًا:
كتاب أعمال بولس
ثانيًا:
علاقة كتاب "أعمال بولس" بكتاب "أعمال بولس وتكلة"
ثالثًا:
علاقة كتاب أعمال بولس برسالة كورنثوس الثالثة
لم يكتب بولس الرسول هذا الكتاب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. إنما كتبه شيخًا من شيوخ آسيا الصغرى كقول العلّامة ترتليان، واعتمد على سفر الأعمال القانوني ليضفي على كتابه الصحة التاريخية، فيجد قبولًا لدى القارئ وتنطلي عليه ما في الكتاب من خرافات وتلفيقات ومبالغة في تعظيم بولس الرسول، وعندما اعترف هذا الشيخ بأنه هو كاتب هذا الكتاب طُرد من وظيفته، وجاء الكتاب فقيرًا في لغته وأفكاره ومفاهيمه، يُكرّر الموضوع عدة مرات بلا مبرر، بالإضافة إلى ما حواه من بدع وهرطقات، حتى ادعى أن القيامة العامة لا تشمل الذين ينكرونها، بل هيَ قاصرة على المؤمنين بها فقط، كما أنه شوَّه العلاقات الزوجية وأوصى بالامتناع عنها، لأن الأطهار وحدهم هم الذين يعاينون الله، ومن لا يمتنع عن العلاقات الزوجية فلن يكون له نصيب في القيامة العامة، وأفاض الكتاب في ذكر الخوارق والمعجزات الوهمية.
وقد وجد هذا الكتاب بعض الاهتمام في الشرق لأن أوريجانوس اقتبس منه مرتين، كما أن يوسابيوس القيصري لم يذكره ضمن كتب أبوكريفا، ولم يرفضه كما رفض أعمال يوحنا وأعمال أندراوس وغيرهما، بل وضعه مع قائمة الكتب المشكوك في صحتها مثل كتاب الراعي لهرماس ورسالة برنابا وغيرهما، بينما رفض هذا الكتاب في الغرب، ولم يأتِ ذكره إلاَّ عند هيبوليتس صديق أوريجانوس، مع أنه لم يذكره بالاسم، أنما فقط استشهد بصراع بولس مع الوحوش كما جاء في هذا الكتاب كدليل على صدق قصة دانيال في جُب الأسود. وأندثر هذا الكتاب مع الزمن باستثناء القليل منه، ولكن في سنة 1904م ظهرت نسخة كُتبت باللغة القبطية، وربما تمثل ربع النسخة الأصلية، ونشرها "س. شميدت". واتضح أن "كتاب بولس" شمل كتاب "أعمال بولس وتكلة" وأيضًا "الرسالة الثالثة إلى كورنثوس"، وقد ذُكر "المرسوم الجلاسياني" سنة 496م كتاب "أعمال بولس وتكلة" مما يؤكد أنه اُستقطع من "كتاب أعمال بولس" قبل هذا التاريخ.
 |
تكلة فتاة جميلة عاشت في أيقونية وكانت مخطوبة، استمعت لبولس الرسول وهو يتحدّث عن جمـال وروعة البتولية، فأُخذت بحديثه، حتى أنها فضت خطوبتها، ونذرت نفسها للبتولية، وبسبب هذه الحادثة حُوكِم بولس الرسول وأُلقيَ في السجن، وذهبت تكلة لزيارته في سجنه، فتم محاكمتها، وحُكِم على بولس بالنفي من المدينة، وعلى تكلة بالحرق، فأُلقيت في النيران والنار لم تؤذها بل نجت بمعجزة فائقة، فانطلقت وراحت تبحث عن بولس الرسول، حتى وجدته في أنطاكية. وفي أنطاكية رآها شخص غني ذو نفوذ كبير وأُعجب بها، فعانقها وهيَ تمر في الشارع، فدفعته عنها ونزعت التاج من على رأسه، فحوُكمت وتم الحكم عليها بمصارعة الوحوش، وعندما دخلت تكلة حلبة المصارعة أنبرت لبؤة تدافع عنها ضد الوحوش التي تريد أن تلتهمها، حتى لقت هذه اللبؤة حتفها، وأسرعت تكلة وألقت بنفسها في بركة صناعية بها عجول البحر، وهيَ تهتف قائلة: "بِاسم يسوع المسيح أُعمّد نفس في آخِر يوم"، فأُخرجت من البركة وحُكِم عليها بأن تُلقى للثيران الهائجة، وكانت حاضرة في هذا الموقف الملكة "تريفينا" التي تأثرت من هول المواقف التي واجهتها هذه الفتاة، حتى أنه أُغمى على هذه الملكة، وتقدير للملكة "تريفينا" أُطلق سراح تكلة، فذهبت تبحث ثانية عن بولس الرسول، وعندما التقته أرسلها بولس لتكرز بالإنجيل، فكرزت في أيقونية وسلوقية، ووُجِدَ أتباع للقديسة تكلة في سلوقية مما يؤيد تاريخية القصة، كما تم العثور على بعض النقود نُقش عليها أسم الملكة "تريفينا"، وهيَ أم الملك "بوليمون" الثاني ملك بنطس، وأيضًا قريبة الأمبراطور "كلوديوس"، فشخصية الملكة "تريفينا" التاريخية تؤكد أيضًا تاريخية هذه القصة.
وجاء في كتاب "أعمال بولس وتكلة" وصف لبولس الرسول، فهو: "رجل قصير القامة، أصلع الرأس، مقوَّس الساقين، نبيل الأخلاق، مقرون الحاجبين، ذو أنف بارز بعض الشيء، ممتلئ نعمة، كان يبدو أحيانًا إنسانًا، وأحيانًا أخرى كان يبدو بوجه ملاك"(1026). وعُرف كتاب "أعمال بولس وتكلة" على نطاق واسع، وكان له تأثيره القوي، لأن "تكلة" تمثل أول شهيدة في المسيحية، ووجد كتابها رواجًا في الشرق والغرب، ولاسيما في بلاد الغال، وكتب "كيبريان" أحد الشعراء من بلاد الغال قصيدة شعرية رائعة في قصة الشهيدة تكلة بعنوان "الوليمة" في القرن الخامس، ووضع تكلة في مصاف قديسات الكتاب المقدَّس. كما أخذ كتاب "أعمال زاسيف وبولكسينا" من كتاب "أعمال بولس وتكلة".
ظهرت بعض الهرطقات في كورنثوس تزعمها أثنين من المعلمين، فأرسل أهل كورنثوس إلى بولس الرسول يستوضحونه الرأي بالنسبة لهذه الآراء الهرطوقية، وأهمها:
1ــ لا قيمة للأنبياء.
2ـــ لا يقدر الله على جميع الأشياء.
3ـــ لا توجد قيامة للأجساد.
4ـــ لم يخلق الله العالم بل هو من صنع الملائكة.
5ـــ لم يخلق الله الإنسان.
6ـــ لم يأتِ المسيح في الجسد ولم يولَد من العذراء.
فرد عليهم بولس الرسول في رسالته الثالثة إليهم، مُفندًا هذه الآراء الغنوسية، وجاء بالرسالة استشهادات عديدة من رسائل بولس الرسول القانونية (راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 45 - 47).
_____
(1026) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 46.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/142.html
تقصير الرابط:
tak.la/2xjjf89
