س129: متى بدأت ترجمة أسفار العهد الجديد للغة الإنجليزية؟ وكيف دفع بعض المترجمين حياتهم ثمنًا لنشر كلمة الله؟ وما هيَ أهم هذه الترجمات؟
يقول "علي زلماط" : "في سنة 1870 للميلاد قام مجمع كانتربري الكنسي Convocation Canterbury بدراسة ترجمة الملك جيمس المعتمدة، ووجدوا بها أخطاء كثيرة، فتكوَّنت على إثر ذلك لجان عدّة، تضم مختصين من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصدرت طبعة جديدة ومنقَّحة سنة 1881م... ومنذ تلك اللحظة إلى الآن لا زال الأمر مستمرًا، ولا زالت الترجمات المتعددة تظهر تلو الأخرى، كل لاحقة تصوّب وتنقّح وتعدَّل أخطاء سابقتها، وتزعم أنها الأفضل والأصوب، لكونها اعتمدت معلومات جديدة لم تكن معروفة من قبل ودراسات في الكتاب المقدَّس توصَّل إليها الباحثون بعد العثور على مخطوطات أو معلومات جديدة"(انظر: دراسات معاصرة في العهد الجديد والعقائد النصرانية - محمد علي البار ص 54 وما بعدها)(910).
ج: تعتبر اللغة الإنجليزية لغة التفاهم الأولى في جميع أنحاء العالم، يتكلم بها الإنجليز والأمريكان والأستراليون، وبعض دول أفريقيا مثل دول جنوب أفريقيا، وقد تُرجم العهد الجديد بل الكتاب المقدَّس كله للإنجليزية مرات عديدة، نذكر من هذه الترجمات:
1ــ
ترجمات قديمة
2ــ ترجمة وايكليف
3ــ ترجمة تيندال
4ـــ ترجمة توماس ماثيو
5ــ ترجمة الملك جيمس
6ــ ترجمة الملك جيمس
الجديدة
7ــ ترجمة جديدة للعهد
الجديد
8ــ ترجمة الأخبار السارة
9ــ ترجمة كتاب الحياة
10ـ ترجمة كتاب الحياة
الجديد
11ـ ترجمة
الكتاب المقدَّس الإنجليزي الجديد
12ــ الترجمة الحديثة
وصل الإنجيل إلى بريطانيا في القرن السادس الميلادي بواسطة مبشرين من روما، وكان مع هؤلاء المبشرين ترجمة الفولجاتا اللاتينية، وكان مسيحيو إنجلترا في ذلك الوقت يعتمدون اعتمادًا كاملًا في تعاليمهم الدينية على الرهبان الذين يجيدون اللاتينية، فكان هناك احتياج شديد لإنجيل باللغة المحلية يستطيع الشعب أن يقرأه، وجاءت المحاولة الأولى للترجمة للغة الإنجليزية على يد الراهب "سيدمون" Caedmon في القرن السابع الميلادي، فترجم نسخة موزونة لبعض الأجزاء من العهدين القديم والجديد، كما قيل أن: "القس بيدي" ترجم الأناجيل الأربعة للإنجليزية، وكان هذا القس يترجم إنجيل يوحنا سنة 735م وهو على فراش الموت. ثم قام "ألفريد العظيم" الذي حكم إنجلترا (871 – 899 م) بترجمة أخرى للكتاب المقدَّس، وكان ملكًا متعلمًا ومتدينًا، وقد أدخل أجزاء من الوصايا العشر في شرائعه المدنية.
في القرن الرابع عشر قام "وايكليف" (1329 - 1384م) مع مساعديه بترجمة العهد الجديد من اللغة اللاتينية للإنجليزية سنة 1380م، كما ترجم العهد القديم سنة 1382م من اللاتينية أيضًا، لأنه لم يكن يعرف هو ولا مساعدوه اللغة اليونانية التي كُتب بها العهد الجديد، ولا العبرية التـي كُتــب بها العهد القديم. ويذكر التاريخ قول "جون وايكليف": "أود أن تُترجَم الكتب المقدَّسة لكل اللغات حتى يقرأها ويفهمها لا الاسكتلنديون والايرلنديون فقط بل الأتراك أيضًا... أتوق لأن يتغنى بكلمات الكتاب المقدَّس الفلاح وهو يسير خلف محراثه، والذي يغزل الصوف وهو يسمع طنين مغزله، والمسافر ليُسري عن نفسه تعب الرحلة وهو يتأمل الكتاب المقدَّس"(911). ثم قام العالِم "جون بورفي" (1353 - 1428م) بتنقيح ترجمة وايكليف سنة 1388م، وأتم عمله بنجاح بارع، فحلت نسخة بورفي المنقحة عوضًا عن ترجمة وايكليف.
تخرَّج "تيندال من جامعة أكسفورد سنة 1515م حيث درس الكتب المقدَّسة بلغاتها الأصلية، وكرَّس حياته لترجمة الكتاب المقدَّس بعهديه من اللغات الأصلية العبرية واليونانية، فذهب إلى لندن سنة 1523م ليجــد مكانًا يترجم فيه الكتاب المقدَّس، إلاَّ أنـه لم يجد ترحيبًا من أسقف لندن بهذا العمل، فقدم له "همفري مونمور" Humphrey onmourh وهو تاجر قماش مكانًا ليباشر عمل الترجمة فيه، وفي السنة التالية 1524م ترك "تيندال" لندن واتجه إلى ألمانيا، لأن الكنيسة الإنجليزية التابعة لروما، لم تشأ أن يُترجم الكتاب المقدَّس ويصل ليد العلمانيين، وتحدى "تيندال" القول بأن المؤهلين لترجمة الكتب المقدَّسة هم رجال الدين فقط، فقال موجهًا كلامه لرجل الدين: "إذا أضاف الله إلى عمري المزيد من السنوات، سأقود ولدًا يحرث بالمحراث (فلاحًا) لأن يعرف أكثر منك عن الكتاب المقدَّس"(912).
وفي سنة 1525م أنهى "تيندال" ترجمته للعهد الجديد من اليونانية للإنجليزية، وطُبِع ست مرات في ألمانيا، واُدخل منه خلسة إلى إنجلترا 15000 نسخة خلال الفترة من 1525م إلى 1530م، أما السلطات الكنسية في إنجلترا فعملت على جمع هذه النسخ والتخلص منها، وبالطبع منعت إنجلترا ترجمة الكتاب المقدَّس، حتى أن "تيندال" كان يخشى على نفسه العودة إلى إنجلترا، وظل يُنقّح في ترجمته حتى ظهر تنقيحه النهائي سنة 1535م. ثم اُعتقل ووضع في السجن لمدة عام وحُكِم عليه بالإعدام شنقًا، فأُعدم وأُحرقت جثته سنة 1536م، أما كلماته النهائية فكانت: "يا رب. افتح عيون ملك إنجلترا".
قطع الملك "هنري الثامن" علاقته بكنيسة روما، واعترف بترجمة "كوفردال" سنة 1537م، فظهرت ترجمة "توماس ماثيو" وهو اسم مستعار لجون روجرز (1500 - 1555م) صديق تيندال، وقد استعان بترجمة تيندال ولحق بمصيره، كما استعان بترجمة كوفردال، وفي سنة 1538م ظهرت الطبعة المنقحة، ودُعيت "الكتاب المقدَّس العظيم"، فكان أول كتاب مقدَّس باللغة الإنجليزية يُسمح بتداوله، وفي سنة 1540م طُبع منه أعداد كبيرة، إلاَّ أن تغيُّر موقف الملك هنري الثامن سنة 1543م قاد البرلمان الإنجليزي لإصدار قانونًا للحد من أي ترجمــة للإنجليزية، وزادت هذه الحملة في عصر "الملكة ماري" التي بذلت قصارى جهدها لرد إنجلترا إلى كنيسة روما، وفي سبيل ذلك أعدمت المعارضين لها، كما أُعدم "جون روجز" ولحق بصديقه تيندال، وبهذا دفع كل منهما حياته ثمنًا لنشر كلمة الله.
دعى الملك جيمس ملك إنجلترا رجال الدين البروتستانت والأنجليكان للتوفيق بينهــم، ولم ينتهي إلى شيء، غير أن "جون رينولدز" اقترح أن يقوم بترجمة جديدة للكتاب المقدَّس بالإنجليزية، فسُرَّ الملك جيمس بهذه الفكرة وشجّع أساتذة الجامعة للمشاركة في هذه الترجمة، وشدد على الالتزام بالنصوص الأصلية العبرية واليونانية، وأن تخلو الترجمة من أية ملاحظات هامشية، وفي سنة 1607م بدأ نحو خمسين عالِمًا ضليعين في اللغات العبرية واليونانية والإنجليزية عمل الترجمة، واستعانوا بالترجمات الإنجليزية السابقة، حتى انتهوا من ترجمتهم التي نُشِرت سنة 1611م، وشهدت هذه الترجمة للترجمات السابقة، وهذا رد على أن الترجمات الحديثة تُعدّ دليلًا على أخطاء الترجمات السابقة، فجاء في تمهيد هذه الترجمة: "حقًا أيها القارئ المسيحي. نحن لم نفكّر منذ البداية أننا قد نحتاج إلى صنع ترجمة جديدة أو حتى أن نحوّل الترجمة السيئة إلى ترجمة جيدة... ولكننا سعينا لتحسين الترجمة الجيدة. أو الخروج بترجمة رئيسية جيدة من بين العديد من الترجمات الأخرى الجيدة"(913).
ومما سبق يعتبر رد على النُقَّاد القائلين بأن كل مجموعة كانت تترجم الأسفار المقدَّسة بحسب هواها وبما يخدم أغراضها، وقد أضحت ترجمة الملك جيمس هذه أكثر الترجمات انتشارًا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، نظرًا لتأثر الكثيرين بها، ويقول "فيليب و. كومفرت": "في الواقع أصبحت نسخة الملك جيمس نصبًا تذكاريًا دائمًا من النثر الإنجليزي بسبب أسلوبه اللبق ولغته الفخمة وإيقاعاته الشعرية. ما من كتاب آخَر ترك تأثيرًا هائلًا على الأدب الإنجليزي مثل هذا الكتاب، وما من ترجمة أخرى عداها لمست حياة العديد من الناس الناطقين بالإنجليزية لقرون وقرون وحتى يومنا هذا"(914).
بعد أن تم اكتشاف مخطوطات عديدة قديمة مثل النسخة الإسكندرية والنسخة السينائية وغيرها، ظهرت الحاجة لإجراء تنقيحات على ترجمة الملك جيمس، فقام مجمع كانتربري الكنسي بالتنقيح بواسطة خمسة وستين عالِمًا بريطانيًا أجروا هذه التنقيحات، وهؤلاء العلماء أشادوا ببساطة وقوة ترجمة الملك جيمس، وهذا يوضح خطأ قول الناقد "علي زلماط" بأن التنقيحات تعني وجود أخطاء سابقة، وفي سنة 1885م عندما ظهرت هذه الترجمة المنقَّحة استقبلتها الجموع بحماس زائد، حتى أنه بيع ثلاثة ملايين نسخة فـي السنة الأولى من نشرها، ثم انخفضت الرغبة في هذه الترجمة لأن الكثيرين ظلوا على ولائهم وارتباطهم بترجمة الملك جيمس. وفي سنة 1971م تم تنقيح ترجمة الملك جيمس الجديدة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وكان سبب التنقيح تطوُّر اللغة، فمثلًا كان هناك ضمائر ونهايات لأفعال كانت مستخدمة من قبل ولم يعد لها الآن استخدام، كما استخدمت كلمات أثناء الترجمة الأولى سنة 1611م كانت تؤدي المعنى المطلوب أما الآن فقد تغيَّر معناها، ولهذا كان التنقيح ضرورة للوصول إلى روح النص.
قـام "جيمس موفات" وهو باحث اسكتلندي سنة 1913م بترجمــة العهد الجديد، وبالرغم من أنه دعاها "ترجمة جديـدة" إلاَّ أنهــا تعتبـر ترجمة للمرة الثانية للعهد الجديد، لأن الترجمة الأولى صدرت سنة 1910م تحت عنوان "العهد الجديد التاريخي" The Historical New testament، وكان هدف "موفات" أن يترجم العهد الجديد كما تترجم أي قطعة من النثر الهلنستي المعاصر.
ودُعيت بالنسخة الإنجليزية اليومية Today's English Version، وقام بترجمة العهد الجديد "روبرت براتشر" Robert Bratcher وهو باحث في قسم الترجمات في جمعية الكتاب المقدَّس الأمريكية، وهذه الجمعية نشرته سنة 1966م، وبيع منه 35 مليون نسخـة خلال ست سنوات من طباعته، ولنجاح هذه الترجمة طلبت جمعيات الكتاب المقدَّس من جمعية الكتاب المقدَّس الأمريكية أن تترجم العهد القديم بنفس الطريقة التي ترجمت بها العهد الجديد، فتُرجم فعلًا ونُشر سنة 1976م.
قام "كينيث تايلور" بإعادة صياغة العهد الجديد سنة 1962م بلغة شعبية حتى تصل كلمة الله للإنسان العادي ونشره سنة 1966م، وشرح تايلور المقصود بإعادة الصياغة، فقال: "أن تعيد صياغة نص هو أن تكتبه بكلمات تختلف عن تلك التي استخدمها المؤلف. وهيَ أن تفصح من جديد عن أفكار الكاتب، مستخدمًا تعبيرات مختلفة عن تلك التي استخدمها هو. وهذا الكتاب هو إعادة صياغة للعهدين القديم والجديد. والغرض منه هو قول ما عناه كتَّاب الأسفار المقدَّسة بالضبط وقوله ببساطة، والتوسع إن لزم الأمر ليفهم القارئ المعاصر المعنى بشكل أفضل"(915).
وإعادة الصياغة أمر له خطورته، لذلك قال "كينيث تايلـور" في مقدمة ترجمته: "فضلًا عن القيم. هناك مخاطر في إعادة الصياغة. لأنه إن لم يُترجَم كلام الكاتب بدقة من اللغات الأصلية، فهناك احتمال أن يُفهّم المترجم القارئ شيئًا في الإنجليزية لم يقصد الكاتب الأصلي أن يقوله"(916).
بعد استمرار طباعة كتاب الحياة لأكثر من ثلاثين سنة، طُبع خلالها أكثر من أربعين مليون نسخة، ونظرًا للانتقادات التي ظهرت خلال هـذه الفترة، فقام "كينيث تايلور" بتنقيح الكتاب، وشاركه في هذا العمل تسعين عالِمًا من خلفيات ومذاهب لاهوتية مختلفة تحت رعاية "تاندال للنشر"، واستمر العمل في التنقيح لمدة سبع سنوات، واستفاد المنقحون من مخطوطات قمران بمنطقة البحر الميت.
ويقول "فيليب و. كومفرت": "وصفت طريقة الترجمة في NLT بكونها "متكافئة ديناميًا" أو "متكافئة وظيفيًا". والهدف من هذا النوع من الترجمة هو إنتاج نص إنجليزي يقدم بطريقة طبيعية رسالة متكافئة ومعادلة للتي تقدمها النصوص العبرية واليونانية من ناحية المعنى والأسلوب. يجب على ترجمة مثل هذه أن تترك عند القرَّاء المعاصرين نفس التأثير الذي تركته النسخ الأصلية عند قراءتها. إن ترجمة الكتاب المقدَّس بهذه الطريقة يتطلب أن نترجم النص بدقة وبعد ذلك نضعه في لغة إنجليزية معاصرة ومفهومة. أثناء قيامهم بذلك، حاول المترجمون الدخول إلى نفس نمط تفكير المؤلف واستحضار نفس الفكرة، ونفس الدلالات. ونفس التأثير الذي نحصل عليه في اللغة المستقبلَة. ولأخذ الحيطة والحذر من النظرة الذاتية الشخصية ولضمان دقة الرسالة، عملت على إنتاج NLT مجموعة كبيرة من العلماء المتخصصين كل في مجال عمله. وذلك لضمان أن تكون الترجمة قابلة للقراءة ومفهومة جدًا. وقامت أيضًا مجموعة من المختصين بالأسلوب بتعديل ترتيب الكلمات لجعلها واضحة وسلسة. إن ترجمة الأفكار، فكرة وراء الأخرى من قِبل مجموعة من العلماء المقتدرين تستطيع أن تعبر عن المعنى المقصود في النص الأصلي بدرجة أدق من ترجمة الكلمات"(917).
في سنة 1946م دعت كنيسة اسكتلندا الكنائس البريطانية الأخرى لوضع ترجمة جديدة للكتاب المقدَّس، وطلبوا من المترجمين أن يضعوا في أنفسهم أن لا تكون ترجمتهم مجرد تنقيح لترجمة سابقة، وأن لا تكون ترجمة حرفية، بل طلبوا منهم إنتاج ترجمة جديدة تعتمد أولًا على اللغات الأصلية، وثانيًا أن يستخدموا التعبيرات الإنجليزية الحديثة، وقاد العمل "س. هـ. دود" C. H. Dodd، ولم يركزوا على بنية النص وترتيب الكلمات، ولم يعتمدوا على مجرد إحلال كلمات إنجليزية معاصرة بدلًا من الكلمات العبرية واليونانية، لأن لكل لغة سماتها، فمثلًا بعض الكلمات الخارجة عن القاعدة والتي تبدو مقبولة ومعتادة في اللغة اليونانية، تجدها غير مقبولة في الإنجليزية، بل تظهر أنهـا مصطنعة، وليست طبيعية، ولا هيَ مقبولة، وقد أوضح "س. و. دود" بأن ترجمتهم هذه لم تتبع الترجمة الحرفية، فقال في مقدمة الطبعة: "وهذه تعني نظرية وممارسة مختلفة للترجمة، وتضع عبئًا أثقل على كافة المترجمين. الإخلاص في الترجمة لم يكن ليعني أن نحافظ على سلامة الإطار العام للنص الأصلي عبر استبدال الكلمات اليونانية بكلمات أخرى إنجليزية مرادفة لها... لذلك لم نشعر أننا ملزمون بالاجتهاد لاستبدال الكلمة اليونانية أينما وجدت بنفس الكلمة الإنجليزية. وانطلاقًا من هذا المبدأ عدنا إلى الطريقة التي مارسها مترجموا الملك جيمس الذين (كما حددوا في مقدمة ترجمتهم) لم يشعروا بالتزام من هذا القبيل. لقد فهمنا مهمتنا التي تقوم على فهم النص الأصلي بأدق تفاصيله (مستخدمين كافة المساعدات المتاحة) ثم نعبرّ عما قاله الكاتب بلغتنا الخاصة"(918). ونشرت هذه الترجمة للكتاب المقدَّس بعهديه سنة 1970م، فنالت قبولًا كبيرًا في إنجلترا والولايات المتحدة، كما أنها لاقت من الجانب الآخر انتقادًا حادًا لتحرُّرها من حرفية النص.
بـدأت سنة 1965م، وانتهت سنة 1978م، ونُقّحت سنة 1983م، وقام بها أكثر من مائة عالِم من علماء الكتاب المقدَّس، واعتمدوا على أقدم المخطوطات بما فيها مخطوطات وادي قمران التي اُكتشفت سنة 1948م، وترجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وجاء في مقدمة هذه الترجمة قولهم: "استخدمنا من كل من العهد القديم النص العبري القياسي والنص الماسوري كما نُشِر في طباعته الأخيرة Billica Hebraica مع المراجعة على لفائف البحر الميت التي تحتوي على مادة تحمل نص عبري من مرحلة أقدم، وأيضًا بالمراجعة على التوراة السامرية والتقاليد القديمة الهامة: السبعينية وترجمات أكويلا وسيماخوس وثيؤدوثيون والفولجاتا والبشيتا السريانية والترجومات وترجمة جيروم للمزامير"(919).
وردًا على "علي زلماط" نقول: إن التنقيحات لا تعني أبدًا تصحيح أخطاء سابقة، إنما تعني السعي نحو فهم أفضل لكلمة الله، ولا سيما بعد اكتشاف مخطوطات أقدم وأكثر، وأيضًا يصبح التنقيح ضرورة بسبب تطوُّر اللغة، فاللغة ليست ساكنة لكنها متحركة يدخل إليها مفردات ويخرج منها مفردات أخرى، وقد سبق مناقشة هذا الموضوع، فيُرجى الرجوع إلى إجابة س 123.
ويقول "ريموند ل. إليوت" : "الترجمة والمراجعة: تشهد اللغات باستمرار عملية تغيير. من الناحية المثالية ينبغي مراجعة الترجمة في كل مرة تغيرت فيها أي كلمة أو بنية إلى حد أنها لم تعد دقيقة، ولم تعد تعكس نية أو مضمون الوثيقة المصدر على نحو كافٍ. من الناحية العملية ونظرًا لمصاريف العاملين في مجال التحرير، وإجراء التعديلات والطباعة والتوزيع، فمن غير الشائع إجراء تغييرات في الترجمة حتى يُجمع عدد كبير من التغييرات التي قدمت في وقت واحد. عاطفيًا يعتبر بعض الناس تلك التغييرات كما لو كانت "عبثًا بكلمة الله" بدلًا من أن تكون مصدر اهتمام وحرص على أن يستفيد القارئ من التعبير عن كلمة الله بأكثر دقة وملاءمة. كلمة الله لا تتغير بينما اللغات ومعاني الكلمات تتغيَّر. السبيل الوحيد لتستمر كلمة الله في التواصل كما يجب هيَ أن يتم تحديث الترجمة بشكل دوري"(920).
ويقول "الدكتور القس عبد المسيح أسطفانوس": "وكثيرًا ما يقف المترجمون في حيرة إزاء بعض النصوص، فلكل لغة تعبيراتها الخاصة التي ترتبط بمفردات خاصة، ولذلك فترجمة هذه المفردات ترجمة حرفية لا تقدم حاليًا المعنى أو المضمون الذي تنطوي عليه المفردات في اللغة الأصلية"(921).
ويقول "القمص عبد المسيح بسيط": "وهذه التنقيحات أو الترجمات لا تعني إحداث تغيير أو تبديل للكلمات الأصلية في لغاتها الأصلية بل هيَ ترجمات من العبرية واليونانية في أقدم مخطوطاتها المتاحة إلى اللغة المُترجَم إليها، سواء كانت الإنجليزية أو العربية أو غيرهما. وصياغتها في أدق كلماتها المعاصرة وفي أحسن صورها الأدبية مع مراعاة الترجمات المألوفة للناس واستخدام مفردات لغوية مفهومة من الجميع، مع ملاحظة أن النصوص العبرية واليونانية لا تُمس، وإنما التنقيح يحدث في الأسلوب اللغوي والأدبي للغة المُترجَم إليها، وهذه الترجمات يقوم بها علماء متخصصون في اللغات القديمة والحديثة واللاهوت والكتاب المقدَّس إلخ... ونتبين من مقدمة الترجمة الحديثة (NIV) والتي بدأت سنة 1965م، وانتهت سنة 1978م، ونُقِحت سنة 1983م، وهيَ أحدث ترجمة للإنجليزية، وهيَ تبين مدى الدقة والأمانة في الترجمة، فقد قام بهذه الترجمة أكثر من (100) عالِم استخدموا أحسن وأقدم المخطوطات المتاحة للعبرية والآرامية واليونانية، ويقولون في المقدمة: "كان النص اليوناني المُستخدَم في ترجمة العهد الجديد نصًا انتقائيًا، ولا توجد قطعة أخرى في الأدب القديم لها مثل هذه الوفرة من شهود المخطوطات مثلما للعهد الجديد، إذ توجد مخطوطات متنوعة وكان اختيار المترجمين للقراءات يرجع للمبادئ المقبولة للنقد النصي للعهد الجديد، وقد اُستخدمت أحسن النصوص المطبوعـة الحالية للعهد الجديد اليوناني".
وتقول المقدمة أيضًا أن هَمْ المترجمين الأول كان هو دقة الترجمة وأمانتها لفكرة كتَّاب الكتاب المقدَّس، وأنهم وزنوا مغزى التفصيلات للمفردات والنحو للنصوص العبرية والآرامية واليونانية وبذلوا جهدًا كبيرًا لإخراج ترجمة المعنى بكل دقة وأمانة"(922).
_____
(910) دراسة في إنجيل لوقا ص 112.
(911) أورده الدكتور القس عبد المسيح أسطفانوس - تقديم الكتاب المقدَّس - تاريخه / صحته / ترجماته ص 104.
(912) أورده فيليب و. كومفروت - قصة الكتاب المقدَّس ص 197.
(913) أورده فيليب و. كومفروت - قصة الكتاب المقدَّس ص 199.
(914) أورده فيليب و. كومفروت - قصة الكتاب المقدَّس 208.
(915) أورده فيليب و. كومفروت - قصة الكتاب المقدَّس ص 208.
(918) المرجع السابق ص 206.
(919) أورده القمص عبد المسيح بسيط - الكتاب المقدَّس هل هو كلمة الله؟ ص 47.
(920) قصة الكتاب المقدَّس ص 188.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/129.html
تقصير الرابط:
tak.la/bh6kvvr