ج: 1- عندما أرسل موسى اثني عشر رجلًا ليتجسسوا أرض الموعد " صعدوا إلى الجنوب وأتوا إلى حبرون. وكان هناك أخيمان وشيشاي وتلماي بنو عناق" (عد 13: 22) فكانوا مصدر رعب لمعظم الجواسيس، وكان من هؤلاء الجواسيس كالب بن يفنه، وبعد انتهاء زمن التيه في البرية دخل كالب مع يشوع أرض كنعان، وعند تقسيم الأرض وقع من نصيب كالب " قرية أربع " موطن عائلات بني عناق الثلاثة، فحاربهم كالب " وطرد كالب من هناك بني عناق الثلاثة شيشان وأخيمان وتلماي أولاد عناق" (يش 5: 14) وأخذ قريتهم، وهذا الخبر أُعيد ذكره في سفر القضاة " وسار يهوذا على الكنعانيين الساكنين في حبرون. وكان اسم حبرون قبلًا قرية أربع. وضربوا شيشاي وأخيمان وتلماي" (قض 1: 10) وحبرون (قرية أربع) هي الآن مدينة الخليل التي عاش فيها إبراهيم خليل الله، وكان يسكنها العناقيون العمالقة، فحاربهم سبط يهوذا بقيادة كالب.
2- ما ذُكر في سفر يشوع باختصار أُعيد ذكره هنا في سفر القضاة بشيء من التفصيل، وليس في هذه الحادثة فقط، بل أن هناك أحداثًا أخرى ذُكرت في سفر يشوع وتكررت في سفر القضاة، مثل موت يشوع الذي جاء ذكره في (يش 24: 39) أُعيد ذكره في (قض 2: 8، 9) وذلك لتذكرة الشعب به وبأمانته، فيحذون حذوه، وأيضًا حادثة امتلاك سبط دان لمدينة لايش والتي وردت باختصار في (يش 19: 47) أُعيد ذكرها بالتفصيل في سفر القضاة (قض 18). إذًا قول " هارسلي " بأن هذه الفقرة ملحقة بالسفر قول جانبه الصواب، ولماذا نتعجب؟! أليس سفري أخبار الأيام هما تكرار لمعظم ما سبق وورد في سفري صموئيل وسفري الملوك مع بعض التفصيلات، بل أن هناك إصحاحًا كاملًا ورد في سفر الملوك (2 مل 19) تكرر بذات المعنى وذات الألفاظ في سفر إشعياء (أش 37)، وذلك لأن إشعياء النبي قد عاصر حادثة جيش سنحاريب وحصاره لأورشليم بجيش جرار بلغ 184 ألفًا من الجنود الأشداء، وشارك الملك حزقيا بالمشورة والصلاة، فسجل إشعياء هذه الحادثة في سفره، وعندما شارك في كتابة سفر الملوك وجاء ذكر حزقيا الملك سجل حادثة جيش سنحاريب الذي ضربه ملاك الرب وأفناه، فذكر الحادثة كما هي بذات الألفاظ التي سجلها به في سفره.
3- يعلق " الأرشيدياكون نجيب جرجس " على ما ورد في سفر القضاة (قض 1: 10 - 15) قائلًا " وسبب تكرار هذه الأخبار هو ربط الأحداث بعضها ببعض، وقد قضت حكمة الله أن يُلهم كاتب سفر القضاة لإعادة ذكر هذا الخبر ليسهل على القارئ تتبع تسلسل الحوادث والوقوف على الانتصارات التي أحرزها سبط يهوذا بما فيه كالب بن يفنه الذي كان رئيسًا للسبط... بعد أن ذكر الوحي فتوحات يهوذا في الأعداد السابقة يعود بالقارئ فيضم إلى انتصارات يهوذا انتصارات كالب في حياة يشوع، وتفسير الكلام في هذا العدد هكذا: {وكان بنو يهوذا قد ساروا لمحاربة الكنعانيين الساكنين في حبرون..}.. ويذكر سفر يشوع أن كالب في محاربته لحبرون {طرد بني عناق الثلاثة شيشاي وأخيمان وتلماي} (يش 15: 14) والمعنى إما أنه طرد هؤلاء الرجال الثلاثة، إذ كانوا لا يزالون على قيد الحياة، أو طرد العشائر المنسوبة لهم، أو طردهم مع عشائرهم وهو الأرجح. ويعود الوحي هنا في سفر القضاة فيذكر في هذا العدد أن بني يهوذا (ضربوا شيشاي وأخيمان وتلماي) أي قتلوهم. وتفسير هذا واضح لأن كالب وجنوده الذين من سبط يهوذا دخلوا المدينة وطاردوا شعبها بما فيهم هؤلاء الجبابرة الثلاثة وعشائرهم"(1).
_____
(1) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر القضاة ص 21.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/983.html
تقصير الرابط:
tak.la/m47qafz