ج: 1- يمثل سفر يشوع طليعة الأسفار التاريخية، ويتبعه سفر القضاة، وبينما مثَّل سفر يشوع حياة النصرة وتمام الوعد الإلهي بامتلاك أرض الموعد، فإن سفر القضاة يمثّل حالة الارتداد والتردي والارتباك التي سقط فيها بنو إسرائيل.
2- في سفر يشوع نرى شخصية يشوع رجل الله الأمين هي الظاهرة في السفر، ولا تظهر الأسباط إلاَّ في نهاية السفر عندما يجمعها يشوع في شكيم. أما في سفر القضاة فلا يوجد قائد أعلى لبني إسرائيل كيشوع وموسى، بل نرى الأسباط متفرقة، وكلٍ يفعل ما يحسن في عينيه، حتى أنهم تخالطوا مع شعوب الأرض وعبدوا آلهتهم مرارًا وتكرارًا، ويسطّر السفر جحود الشعب وتنكره للرب، وفي كل مرة كانوا يتعرضون للعبودية المرة كانوا يصرخون لله، وهو كان يخلصهم، فعدم أمانتهم لم يبطل أمانة الله، فالله لا يقدر إلاَّ أن يكون أمينًا تجاه شعبه " إن كنا غير أمناء فهو يبقى أمينا لن يقدر أن ينكر نفسه" (2 تي 2: 3).
3- ارتبط سفر يشوع بسفر التثنية، فقد رأينا مع نهاية سفر التثنية موسى الخادم الأمين يُسلّم عصا الرعاية والقيادة لتلميذه يشوع بن نون ويشجعه لاستكمال المسيرة وتقسيم الأرض (تث 31: 7، 8) وبدأ يشوع سفره بقوله " وكان بعد موت موسى عبد الرب" (يش 1: 1) ثم ينتهي سفر يشوع بأن يجمع الشعب ويوصيه ويشجعه للسلوك في وصايا الرب، ويحذره من الارتداد في العصر القادم عصر القضاة (يش 24: 1 - 28) وبدأ سفر القضاة بقول الكاتب " وكان بعد موت يشوع" (قض 1: 1) وهي بداية مماثلة لبداية سفر يشوع.
4- أكد سفر القضاة على بعض الأحداث التي جاء ذكرها في سفر يشوع، فمثلًا قصة زواج عكسه من عثنيئيل، وطلبها ينابيع ماء من أبيها (يش 15: 16 - 19) وردت في سفر القضاة (قض 1: 12 - 15) وسكنى الكنعانيين وسط أفرايم والتي جاء ذكرها في (يش 16: 10) أكدها سفر القضاة (قض 1: 29) وحتى موت يشوع الذي جاء ذكره في (يش 24: 30) أورده في سفر القضاة أيضًا (قض 2: 9)..
5- أما عن المدة التي استغرقها عصر القضاة، فيقول " القمص تادرس يعقوب": "يصعب جدًا تحديد مدة هذه الفترة من خلال السفر نفسه، لأنه لو جمعنا الفترات التي حكم فيها القضاة مع فترات الضيق أو العبودية للأمم حيث لم يكن يوجد قضاة لوجدناها 410 عامًا، غير أن الفترة الحقيقية لا تصل إلى هذا الرقم، لأن خلافة القضاة لم تكن متتالية بل عاصر بعضهم الآخر، إذ كان نفوذ البعض على مستوى محلي وليس على مستوى الشعب كله"(1)(2). وقد بلغت فترات الضيق والعبودية نحو ربع فترة القضاة، بينما بلغت فترات الراحة والسلام نحو ثلاثة أرباع المدة.
وعن مدة القضاة أيضًا جاء في كتاب السنن القويم على أنه إذا أضيفت إليها الفترة منذ الخروج من مصر إلى عالي الكاهن فإنها تبلغ 398 عامًا، وإذا أُضيفت لهذه المدة، مدة قضاء صموئيل النبي 19 سنة + مدة ملك شاول 20 سنة(3) + مدة قضاء داود 40 سنة + الفترة من جلوس سليمان لبدء بناء الهيكل (1 مل 6: 1) 3 سنوات = 480 سنة وهذا يتوافق مع ما جاء في سفر الملوك " وكان في سنة الأربع مئة والثمانين لخروج بني إسرائيل من أرض مصر في السنة الرابعة لملك سليمان على إسرائيل... أنه بنى البيت للرب" (1 مل 6: 1)(4).
6- جاء في التفسير التطبيقي أن تاريخ الخروج من مصر 1446 ق.م. وبالتالي فإن فترة التيه الأربعين سنة تنتهي سنة 1406 ق.م. وهو تاريخ دخول أرض كنعان بيد يشوع بن نون، وبدأ حكم القضاة بعد وفاة يشوع سنة 1375 ق.م. واستمر إلى موت شمشون سنة 1055 ق.م.، وبذلك تكون فترة القضاة الاثني عشر استغرقت 320 عامًا، بخلاف فترة عالي الكاهن أربعين عامًا، وصموئيل النبي آخر القضاة.
_____
(1) Jerome Bible Comm P150.
(2) تفسير سفر القضاة ص 10.
(3) جاء في سفر الأعمال أن شاول ملك 40 سنة، وهي المدة التي أمضاها مع صموئيل النبي 19 سنة + مدة ملكه 20 سنة وبضعة أشهر فقربت إلى 40 سنة.
(4) راجع السنن القويم في تفسير العهد القديم جـ 3 ص 183، 184.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/979.html
تقصير الرابط:
tak.la/y3jsbp6