ج: 1- توزيع الأرض بالقرعة بين الأسباط لم يكن من تأليف واختراع وفكر يشوع، لكنه كان تتميمًا لما أوصى به الله عبده موسى " إنما بالقرعة تُقسَم الأرض... حسب القرعة يُقسَم نصيبهم بين كثير وقليل" (عد 26: 55، 56) وأكد عليه هذا القول في عربات موآب على أردن أريحا " تملكون الأرض وتسكنون فيها لأني أعطيتكم الأرض لكي تملكوها. وتقتسمون الأرض بالقرعة حسب عشائركم. الكثير تكثرون له نصيبه والقليل تقللون له نصيبه. حيث خرجت له القرعة فهناك يكون له" (عد 33: 53، 54) وهكذا فعل يشوع، فجاء في السفر "أرض كنعان التي ملَّكهم إياها العازار الكاهن ويشوع بن نون... نصيبهم بالقرعة كما أمر الرب عن يد موسى" (يش 14: 1، 2).
بل عندما تقاعست الأسباط عن امتلاك الأرض " قال يشوع لبني إسرائيل حتى متى أنتم متراخون عن الدخول لامتلاك الأرض التي أعطاكم إياها الرب إله أبائكم" (يش 18: 3) وأوصى باختيار ثلاثة رجال من كل سبط وأوصاهم بمسح الأرض وتسجيل كل ما عليها من مدن وسهول وتلال، ثم رجعوا إلى يشوع في شيلوه فقسموا الأرض " فألقى لهم يشوع قرعة في شيلوه أمام الرب وهناك قسم يشوع الأرض لبني إسرائيل حسب فرقهم" (يش 18: 10). ومعنى " شيلوه " سلام أو أمان، وفيها كانت خيمة الاجتماع، ففي هذا المكان المقدَّس تم إلقاء القرعة لتحديد موقع كل سبط.
2- توزيع الأرض بالقرعة حقق عدَّة مزايا:
أ - أكد هذا التوزيع أن مالك الأرض وواهبها هو الله ذاته الذي وعد الآباء بهذه الأرض، فهو له الحق في التصرف " تملكون الأرض وتسكنون فيها لأني قد أعطيتكم الأرض لكي تملكوها" (عد 33: 53).
ب- التوزيع بهذه الطريقة قضى على أية شكوى أو تزمر ضد يشوع وأليعازار، فكل سبط تسلم الأرض كمن يتسلمها من يد الله.
جـ- الأمر العجيب أنه عندما تم توزيع الأرض بالقرعة، جاءت النتيجة متمشية مع نبوءات أبينا يعقوب عن الأسباط (تك 49) وأيضًا متوافقة مع نبوءات موسى رئيس الأنبياء عن الأسباط (تث 33).
3- جاء تقسيم الأرض غرب الأردن كالآتي(1):
أ - سبط يهوذا: امتدت تخومه إلى بنيامين ودان وهو إقليم التلال الوسطى، وقد أحاط به الموآبيون والأدوميون والعمالقة والفلسطينيين.
ب - سبط أفرايم: امتلك السهول الوسطى لنهر الأردن بما فيها أرض شيلو، وهي أرض خصبة ومنتجة وجميلة.
جـ- سبط منسى: امتلك نصفه في شرق الأردن بيد موسى، أما النصف الآخر فقد امتلك في غرب الأردن بيد يشوع، فامتلك الأرض التي تتاخم يساكر وزبولون وأشير بما فيها أرض شكيم، وهي أرض خصبة ومنتجة وجميلة، واتساع أملاك يوسف بسبطية أفرايم ومنسى يتوافق مع نبوءة أبينا يعقوب " يوسف غصن شجرة مثمرة غصن شجرة مثمرة على عين.." (تك 49: 22).
د - سبط بنيامين: امتلك الأرض بين يهوذا وأفرايم بما فيها أورشليم، وكانت الأرض عبارة عن جبال وأودية ليس بها مجال للزراعة، وهذا يتوافق مع نبوءة أبينا يعقوب عنه " بنيامين ذئب يفترس" (تك 49: 27) والذئب يسكن الجبال والأودية.
هـ- سبط شمعون: امتلك الأرض جنوب يهوذا، وأحاطت به شعوب كنعان، وكانت أرضه منبسطة ومعظمها صحراء.
و - سبط زبولون: امتلك سهل مجدُّو في حدود برية يساكر، وكانت أرضه عبارة عن سهل خصب منتج، ويمثل الطريق إلى البحر، وهذا يتوافق مع نبوءة أبينا يعقوب " زبولون عند ساحل البحر يسكن وهو عند ساحل السفن" (تك 49: 13).
ز - سبط يساكر: امتلك الأرض شرق زبولون وجنوب بحر الجليل بما فيها وادي عزازيل، وأرضه خصبة ومنتجة وجميلة.
ح - سبط أشير: امتلك الأرض التي تطل على البحر من جبل الكرمل إلى صيدون، فكان يُعتبر نقطة دفاعية في وجه الأعداء القادمين من الغرب، وأرضه عبارة عن سهل ساحل خصب مشهور بالزيتون.
ط - سبط نفتالي: امتلك الأرض شرق أشير وغرب بحر الجليل وبحيرة ميروم، واخترقت الجبال أرضه من الشمال إلى الجنوب، بينما كانت هناك أودية خصبة ومنتجة.
ى - سبط دان: سكن غرب بنيامين في وسط الفلسطينيين، وكان الجزء الخصب المنتج لا يقع في أيدي الدانيين، إنما كان يقع في أيدي الفلسطينيين.
4- عندما ألقى يشوع القرعة بين الأسباط، حدَّدت القرعة المكان الذي سيسكنه كل سبط. أما يشوع فقد حدَّد المساحة المتاحة لكل سبط بما يتمشى مع عدد أفراد هذا السبط، فالسبط الكبير أكثر له النصيب، والصغير قلل له النصيب من الأرض.
_____
(1) راجع القمص مكسيموس وصفي - المرشد الجغرافي التاريخي للعهد القديم ص 95.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/959.html
تقصير الرابط:
tak.la/g72cxa8