ج: 1- قال الكتاب " حينئذ بنى يشوع مذبحًا للرب إله إسرائيل في جبل عيبال" (يش 8: 30) وقصد الكتاب أن يعلم الإنسان ما يأتي:
أ - أن يتعلم الإنسان أن اللعنات الصادرة من جبل عيبال هي صادرة من فم الله ذاته، فهذه اللعنات هي كلمات إلهيَّة تُعبّر عن الحكم الإلهي.
ب - أن يتعلم الإنسان أن الخطية تستوجب اللعنة، وبالتالي فهي في حاجة للذبيحة لتُرفع عن كاهل الإنسان، ويرضى الله عنه.
ويقول " دكتور سليم إلياس": "أن حقيقة كون المذبح أُقيم على جبل عيبال الذي وُضعت عليه اللعنة كان لها مغزاها، وهي تدل على أنه لكون إسرائيل قد تعدوا شريعة الله فقد جلبوا على أنفسهم غضبه العادل، وكان يمكن أن يفتقدهم بغضبه حالًا، لولا كفارة المسيح التي يرمز إليها مذبح المحرقة"(1).
جـ- هنا إشارة للسيد المسيح الفادي الذي سيفدي البشرية من اللعنة، لأنه مكتوب " إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من عُلّق على خشبة" (غل 3: 13).
2- بنى يشوع مذبحًا للرب على جبل عيبال بحسب أمر موسى (يش 8: 31) فقد أوصى موسى الشعب قائلًا " حين تعبرون الأردن تقيمون هذه الحجارة التي أنا أوصيكم بها اليوم في جبل عيبال وتكلس بالكلس. وتبني هناك مذبحًا للرب إلهك مذبحًا من حجارة.." (تث 27: 4، 5) بل قد سبق الرب وأوصى بإقامة مذابح في كل الأماكن التي يختارها " مذبحًا من تراب تصنع... في كل الأماكن التي فيها أصنع لاسمي ذكرًا آتي إليك وأباركك" (خر 20: 24). ولا ننسى أن إيليا النبي عندما اضطر لبناء مذبح على جبل الكرمل (1 مل 18: 20) رغم أن هيكل سليمان كان قائمًا في أورشليم، فإن الرب قبل من إيليا ذبيحته التي قدمها إذ أرسل نارًا من السماء لحست المياه وأحرقت الذبيحة (1 مل 18: 31 - 38).
ويقول " دكتور سليم إلياس": "أن البقعة المختارة كانت من أجمل بقاع فلسطين كلها، وكانت تستحق أن تكون مسرحًا يُمثَل عليه ذلك المنظر المؤثر الجليل، فذلك الوادي الجميل بما فيه من حقول خضراء وتنتشر فيها أغراس الزيتون، وترويها جداول آتية من ينابيع مياه حيَّة، وتزينها الأزهار البرية قد بدأت أمامهم في شكل جذاب في وسط التلال القفراء. وكان جبل عيبال وجبل جرزيم على طرفي الوادي المتقابلين وكانا متقاربين، كما كانت سطوحهما تصلح لأنه تكون منصة طبيعية، وكان الواقفون على أحد ذينك الجبلين يسمعون كل كلمة يقولها الواقفون على الجبل الآخر، بينما كانت جوانب الجبلين المنبطحة تصلح لاجتماع جماهير غفيرة من الناس... وقد أوقف ستة من الأسباط كلهم من نسل ليئة وراحيل على جبل جرزيم، بينما أولئك الذين من نسل الجاريتين ومعهم سبط رأوبين وزبولون وقفوا على جبل عيبال، وكان الكهنة ومعهم التابوت في الوادي بين الجبلين. فلما ضُرب بالبوق سكت الجميع سكوتًا تامًا. ففي وسط ذلك السكون الشامل وعلى مشهد من ذلك الجمهور العظيم وقف يشوع إلى جوار التابوت المقدَّس وتلا البركات التي ستكون من نصيب من يطيعون شريعة الله. فكل الأسباط الواقفين على جبل جرزيم أجابوا بقولهم: آمين. وبعد ذلك نطق باللعنات فأجاب الواقفون على جبل عيبال بقولهم: آمين. وكانت ألوف ألوف الأصوات متحدة كما لو كانت صوت رجل واحد في التجاوب المهيب. وبعد ذلك قرئت شريعة الله مع كل الوصايا والأحكام التي قد سلمهم إياها موسى"(2).
3- ما جاء في سفر الملوك الأول يتحدث عن مذابح الأوثان " وعمل يربعام عيدًا... وأصعد على المذبح. وهكذا فعل في بيت إيل بذبحه للعجلين اللذين عملهما. وأوقف في بيت إيل كهنة المرتفعات التي عملها" (1 مل 12: 32) وقال سفر الملوك أيضًا عن يربعام " عاد فعمل من أطراف الشعب كهنة مرتفعات. من شاء ملأ يده فصار من كهنة المرتفعات" (1 مل 13: 33). إذًا مذابح المرتفعات التي حذر منها الكتاب المقدَّس هي المذابح الخاصة بتقديم ذبائح للأوثان والشياطين، فوراء كل وثن شيطان.
_____
(1) الموسوعة الكبرى للمذاهب والفرق والأديان - أصل الديانة اليهودية ونشأتها ص 184.
(2) الموسوعة الكبرى للمذاهب والفرق والأديان - أصل الديانة اليهودية ونشأتها ص 184، 185.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/940.html
تقصير الرابط:
tak.la/rh2bnmc