St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

912- هل وصْف يشوع للمدن الكنعانية على أنها محصَّنة نوع من المبالغة؟ وما هو موقف الاكتشافات الأثرية من هذه المدن؟ وهل أسوار أريحا تهدَّمت قبل دخول بني إسرائيل إليها بزمن طويل؟

 

يقول " ناجح المعموري": "وتضخيم التوراة قوة وحصانة المدن الكنعانية التي تم احتلالها ولكن الآثار كشفت النقاب عن مواقع غير محصَّنة حيث وُجدت في أحيان كثيرة مباني قصر الحاكم وليس مدنًا حقيقية... تناقض المكتشفات الأثرية النصوص التوراتية، لأن مدن كنعان لم تكن ضخمة، ولم تكن محصَّنة، ولم تكن رؤوسها في السماء، كما ورد في التوراة"(1)(2).

ويقول " فولتير " عن أريحا " لم تكن محصَّنة في يوم من الأيام، فقد كانت عاصمة لشعب لا تجربة له في الميدان العسكري، وإلاَّ لما بنى عاصمته في وادٍ مفتوح، الأمر الذي أفقده إمكانية حمايتها"(3).

ويقول " زينون كوسيدوفسكي": "أن أريحا وعاي قد دُمّرتا وصارتا رمادًا قبل وقت طويل من التدخل الإسرائيلي في كنعان"(4) كما يرى " كوسيدوفسكي " أن هناك احتمالًا أن تكون أسوار أريحا قد سقطت على يد شخص آخر يُدعى يشوع قبل يشوع بن نون بمائة عام، فيقول " لم يكن يشوع بن نون هو الذي احتلها أبدًا، على ضوء هذا برزت فرضية تقول: أن أريحا هُدمت من قِبل قبائل عبرية قديمة تحت قيادة شخص عاش قبل يشوع بن نون التوراتي بكثير لكنه كان يحمل نفس الاسم، وجُمعت الشخصيتان في شخصية واحدة فيما بعد"(5).

وفي عام 1952م قامت عالمة الآثار " كاثلين كينون " Kathleen M. Kanyon بعمل حفريات على رابية مرتفعة في منطقة أريحا لمدة خمس سنوات متواصلة، ثم أكدت أن أسوار أريحا تهدَّمت في القرن 16 ق.م.(6).

ويقول " الخوري بولس الفغالي": "في زمن يشوع، كانت أريحا دمارًا، مع بقايا بيوت هنا وهناك"(7).

ويقول " ليوتاكسل " يقول اللورد بولينغبروك {لم يكن لليهود في أي حقبة من تاريخهم 48 مدينة محصَّنة، وبالكاد كان لدى هيرودس مثل هذا العدد من المدن، وهو الملك اليهودي الجبار الوحيد، ففي زمن داود كانت أورشليم هي المدينة الوحيدة التي سكنها اليهود... أما لائحة أسماء المدن التي جاءت في كتاب يشوع فهي كذب وتضليل"(8).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- قلنا من قبل نحن نثق في الكتاب المقدَّس ثقة كاملة تامة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فهو كلمة الله الصادقة الدقيقة المنزَّه عن أي خطأ كان، ولو كان هناك شخص آخر باسم يشوع هو الذي دمر مدينة أريحا غير يشوع بن نون لذكر الكتاب هذا صراحة، بل أن القول أن هذا الشخص عاش قبل يشوع بن نون بمائة عام وقاد القبائل العبرانية لتدمير أريحا قول مجافٍ للحقيقة لأنه قبل يشوع بن نون بمائة عام كان العبرانيون يرزحون في مصر تحت نير عبودية فرعون، ولم يكن هناك عبرانيين في أرض فلسطين، ولو عاش شخص من قبل وهدم مدينة أريحا فلماذا لم يذكره التاريخ قط. ولكن هذه هي تخبطات النُقَّاد الذين يعتمدون على الاحتمالات والظنون والتخيلات.

 

2- يقول " القس صموئيل يوسف": "تبرهن أبحاث علم الآثار والحفريات على صحة ما جاء في سفر يشوع، وقد جاءت هذه الأبحاث مؤكدة تدمير المدن الكثيرة في كنعان... ومن هذه المدن بيت إيل (بيتين حديثًا) ولاخيش (تل الدوير حديثًا) وعجلون (تل الحس حديثًا) وحاصور (تل الدارة حديثًا).. وبالدراسية التحليلية المدقّقة عن هذه المدن في ضوء الحقائق التاريخية التي يثبتها علم الآثار توصَّل العلماء إلى أن هذه المدن يرجع تاريخها إلى زمن قديم جدًا، ويرى ألبرايت Albright بأنه لم تؤسس مدينة واحدة من هذه المدن بعد عام 950 ق.م. ويتفق العالِم والباحث أ. رايت G. E. Wright وآخرون مع وليم ألبرايت في ذلك، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك ومنهم وايزمان Danald J. Wiseman الذي يرى أن حقائق الكتب المقدَّسة لا تعتمد على دعم أبحاث علماء الآثار، بل هو مؤسَّس على الله نفسه وليس على العلوم البشرية مهما كانت قيمتها وأهميتها"(9).

 

3- يشهد " زينون كوسيدوفسكي " نفسه لمدينة جبعون كمثال على الحضارة الكنعانية فيقول " أما في جبعون فلم تظهر آثار حريق أو دمار مما يؤكد صدق القصة التوراتية. فجبعون استسلمت ناجية بذلك من الدمار... اكتُشِفَت أنقاض جبعون في قرية الجيب الأردنية على مسافة حوالي ثمانية كيلومترات شمال غرب أورشليم. وقد تبين أنها كانت تحتوي على شوارع عديدة وساحات ومعابد وأبنية عامة، ويظهر من غناها وغنى أهلها... إن سكانها كانوا يمارسون التجارة الدولية... تدل الصهاريج الطبيعية المكتشفة هناك على أنهم كانوا يصنعون الخمر ويتاجرون به"(10).

 

4- يقول " القس مكسيموس وصفي " أن الاكتشافات الأثرية قد أيدت ما جاء في سفري يشوع والقضاة عن بعض المدن، فمثلًا:

أ - أريحا والآثار: في سنة 1930م، عثر عالِم الآثار جارستانج J.Garstang على عدة طبقات أثرية في موقع أريحا القديمة، فقد " أكتشف جدرانًا ساقطة في مكانها وبيوتًا مقامة ملاصقة للأسوار من الداخل، مثل بيت راحاب، وأكتشف مدخلًا واحدًا للمدينة، والمدينة محروقة بالنار، كما اكتشف مخزونًا من الغلال والبصل والبلح في صوامع من الطين، وفسَّر ذلك بأنه نتيجة دخول يشوع الأرض، ووجود الصوامع وبها هذا المخزون دليل على أن يشوع لم ينهب المدينة قبل حرقها (يش 2 - 6)"(11).

ففي سنة 1900 ق.م. اجتاح أريحا زلزال مُدمر، ثم أُعيد بناءها وازدهرت، ولكن في سنة 1550 ق.م. هاجمها الهكسوس وأحرقوها، وتم اكتشاف حصن أريحا الهكسوسي، وهو من أعظم الحصون، ثم أُعيد بناء المدينة وترميم أسوارها فعادت المدينة للازدهار قبل أن تسقط وتُحرق بيد يشوع بن نون، وقد أثبتت الآثار أنها بقيت عدة قرون خربة مهجورة من السكان وهذا يذكرنا بلعنة يشوع لمن يتجرأ ويعيد بناء المدينة ثانية (يش 6: 26) وهذا ما حدث في أيام أخاب الملك (1 مل 16: 34)(12).

ب - عاي والأثار: معنى عاي أي الأطلال، وتبعد نحو 21 كم. شمال غرب أريحا، وقد قامت بأعمال التنقيب سنة 1930م مدام " يهوديت ماركت كروز " Jodith Marquet Krause وأوضحت أن المدينة قديمة جدًا، فمثلًا في الألفية الثانية ق.م. وقبل يشوع بمئات السنين كانت المدينة عامرة بالسكان، وقد تم اكتشاف حصن عظيم للمدينة يرجع لذلك التاريخ، ثم دُمِرت، ثم أُعيد بناءها وتعميرها حتى تعرضت للخراب والحرق في زمن يشوع بن نون(13).

جـ- حاصور والآثار: تقع حاصور على بُعد نحو 14 كم. شمال بحر الجليل، وكانت تُعد المدينة الرئيسية في شمال أرض الموعد، وفي سنة 1938م قام " جون جارستانج " بمحاولة استكشاف المدينة، فحفر نفقًا في موقع المدينة فوجد منطقة جرداء مع عدد قليل من المساكن، ولكن في سنة 1950 م. بدأت دراسات " يجيل يادين " Yigael Yadin فأكتشف أن المدينة كانت عامرة بالسكان ومزدهرة، حتى أن عدد سكانها وصل إلى نحو 40 ألف نسمة، وكان بالمدينة معابد ومذابح كنعانية، مازالت قائمة للآن لم يدمرها بنو إسرائيل في هجومهم على هذه المدينة، وكانت المدينة تمثل مركزًا كبيرًا للحياة السياسية والعسكرية، وهذا ما قاله يشوع " لأن حاصور كانت قبلًا رأس جميع تلك الممالك" (يش 11: 10) ثم تعرضت المدينة للتخريب أيام يشوع بن نون(14).

د - شكيم والآثار: تقع مدينة شكيم على بُعد نحو 50 كم شمالي أورشليم، وعلى بُعد نحو 13 كم جنوب شرق السامرة، وعند مدخل الوادي الذي يشرف على جبل عيبال شمالًا وجبل جرزيم جنوبًا، فهي تحتل مكانًا متوسطًا في أرض الموعد، ومن هنا اكتسبت أهميتها الإستراتيجية، وجاءت نتائج التنقيب لتثبت قدم عهد المدينة حيث سكنها الأموريون، وقد تم اكتشاف حصن عظيم بها وكذلك معبد يرجعان إلى عصر الهكسوس، كما أثبتت الآثار أن المدينة قد تعرضت للخراب، ثم أعاد الكنعانيون بناؤها وحصنوا المعبد بجدران سميكة.

هـ- مدن أخرى والآثار: يقول " القس مكسيموس وصفي": "أظهرت أعمال التنقيب في أماكن متفرقة من فلسطين ذلك التوافق مع قصص يشوع والقضاة وأُكتشف أن بعض المدن قد دُمِرت وأُحرقت تمامًا... مثل ما أكتشفه ألبرايت سنة 1934م في بيت إيل، حيث كانت مدينة مزدهرة قبل أن يغزوها الإسرائيليون، وما أكتشفه سنة 1926م في دبير (تل بيت مرسيم) وهي تبعد 13 ميلًا (21 كم) جنوب غربي حبرون، وكانت مركزًا للحضارة الكنعانية قبل تدميرها. وفي لخيش (تل الدوير) أكتشف سناركي سنة 1923م قلعة عظيمة للكنعانيين وثلاث مذابح كنعانية... وفي سنة 1971م أكتشف مازر Mazor معبدًا للفلسطينيين في تل قزيل Qusile يرجع إلى عصر القضاة، ومما يلفت النظر أن المعبد مُقام على عمودين، وهو ما يجعلنا أن نتذكر ذلك المعبد الذي هدمه شمشون في غزة"(15).

 

St-Takla.org Image: The fall of Jericho (Joshua 6) - from "Mother Stories from the Old Testament" book صورة في موقع الأنبا تكلاسقوط أسوار أريحا (يشوع 6) - من صور كتاب قصص تحكيها الأم من العهد القديم:

5- إن كانت كاثلين كينون قد أكدت تهدُّم أسوار أريحا في القرن 16 ق. م. قبل دخول بني إسرائيل إليها، فيقول " القس صموئيل يوسف " أنه من جانب آخر " قام علماء آثار آخرون بمصاحبة ك. كينون بدراسة حفائز في جانب آخر في الطبقات العليا من هذه المنطقة، والتي لم تكن قد تأثرت كثيرًا بعوامل التعرية، وأكتشفوا أن هذه الحفائز يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر، أي زمن يشوع بن نون، بمعنى أن مدينة أريحا شُيدّت مرة أخرى على الأطلال والرُدم القديمة وبُنيت الأسوار التي سقطت أيام يشوع بن نون"(16).

 

6- يقول " القمص تادرس يعقوب": "بفضل عمليات التنقيب التي قام بها بروفيسور سيلين Prof. Sellin في منطقة أريحا وما حولها ظهر التطابق بين ما ورد في سفر يشوع والاكتشافات الأثرية. يرى أن أساسات الأسوار التي بناها الكنعانيون حول مدنهم بسهولة يمكن التعرف عليها، فقد استخدموا الحجارة المربعة الجوانب. لا تزال حطام أسوار أريحا محفوظة وبقايا منزل على السور ارتفاعه ستة أقدام قائمًا"(17).

 

7- يقول الخادم الدكتور " شنودة سمير القمص": "معظم الآراء التي تنادي بسقوط أسوار أريحا قبل عهد يشوع بن نون تعود بصورة أو بأخرى للباحثة كاثلين كينيون Kathleen Kenyon التي أكدت قبل موتها سنة 1978م أنه لا يوجد دليل على سقوط أريحا أيام يشوع بن نون، والحقيقة أن كاثلين قامت بأعمال حفر محدودة (26 قدم مربع) فلم تجد فيها الفخار المستورد من قبرص، بينما أكد التنقيب الأثري الأحدث الذي قام به " برايانت وود " Bryant G. Wood أن أريحا سقطت أيام يشوع، وأكد وود على الحقائق الآتية:

1) أن أريحا كانت مدينة قائمة ومُحصَّنة وقوية أيام يشوع، وهذا يطابق ما جاء في وصف المدينة (يش 2: 5، 7، 15، 6: 5، 20) وأن المدينة كانت مُحاطة بسور حجري بارتفاع 12 قدمًا، وبداخله سور من الطوب اللبن بارتفاع 18 قدم، وأن هناك بيوتًا كانت ملاصقة للسور.

2) هناك أدلة على أن المدينة سقطت في موسم الربيع بعد الحصاد، وهذا يطابق ما جاء في (يش 2: 6،، 3: 15، 5: 10) وأن الحصاد كان وفيرًا، فامتلأت المخازن من الحبوب وأن المدينة لم تُنهب وهذا يطابق ما جاء في (يش 6: 15 - 18).

3) سقطت أسوار المدينة فوق بعضها البعض ولم تسقط للداخل مما سهل العبور للمدينة، وهذا يطابق ما جاء في (يش 6: 20).

4) هناك أدلة تؤكد احتراق المدينة، وهذا يطابق ما جاء في (يش 6: 24).

وأن الباحث الأثري جون جارستنج John Garstang أكد أن أريحا سقطت نحو 1400 ق.م. بدليل العثور على جعارين مدوَّن عليها اسم فرعون مصر في ذلك الوقت بالإضافة للأدلة التي قدمها عن طريق الكربون المُشع 14 من مواد مدينة أريحا"(18).

 

8- بعد كل ما سبق إن كان أحد مازال يتساءل: لماذا لم يستدل الأثريون بصورة قوية على دمار يشوع للمدن؟ نقول أن خطة يشوع كانت تهدف للقضاء على جيوش الأعداء أكثر من احتلال المدن، ولاسيما أن جيشه لم يكن مُدربًا على اقتحام المُدن المُحصنة ذات الأسوار العالية، فكان يشوع يشتبك في معارك مع الجيوش، وكان الكثيرون من سكان المدن الكنعانية يهربون إلى التلال والكهوف، ثم يعودون بعد نهاية المعارك إلى قراهم ومدنهم. ولذلك من الصعب الحصول على أدلة أثرية قاطعة تثبت تدمير المدن في عصر يشوع بن نون، باستثناء مدينة أريحا، وكذلك عاي، وحاصور. تلك المدن التي أُحرقت بالنار(19).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) بروفيسور زئيف هيرتسوغ - علم الآثار يدحض الإدعاءات التوراتية حول تاريخ شعب إسرائيل، جريدة الزمان العدد 4731، 6 - 7 /11/1990م.

(2) أقنعة التوراة ص 162، 163.

(3) ليوتاكسل - التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 213.

(4) الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 186.

(5) المرجع السابق ص 195.

(6) راجع القس صموئيل يوسف - المدخل إلى العهد القديم ص 198.

(7) مسيرة الدخول - سفر يشوع والقضاة ص 32.

(8) ليوتاكسل - التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 219.

(9) المدخل إلى العهد القديم ص 195، 196.

(10) الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 188.

(11) المرشد الجغرافي التاريخي للعهد القديم ص 110.

(12) راجع المرشد الجغرافي التاريخي للعهد القديم ص 109، 110.

(13) راجع المرشد الجغرافي التاريخي للعهد القديم ص 110.

(14) راجع المُرشد الجغرافي التاريخي للعهد القديم ص 116.

(15) المُرشد الجغرافي التاريخي للعهد القديم ص 113.

(16) المدخل إلى العهد القديم ص 199.

(17) تفسير سفر يشوع ص 30، 31.

(18) من أبحاث النقد الكتابي.

(19) راجع دائرة المعارف الكتابية جـ8 ص 275.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/912.html

تقصير الرابط:
tak.la/n7s6w8g