يقول عاطف عبد الغني " أن القصة السابقة نموذج لتلك القصص الخرافية البسيطة... ونحن لا نستطيع أن نجزم بأن شخصية بلعام شخصية خرافية اخْتُرِعَت من العدم، لكن نستطيع أن نكتشف تأثير الأسطورة على هذه الشخصية، وبلعام لا يعدو عن أن يكون رجل عرَّاف يتخذ من هويته تلك مجالًا للتكسب والاسترزاق، في الوقت الذي كان فيه بني إسرائيل يؤمنون بمثله ويسمونهم الأنبياء... نرى أيضًا من قِبَل المبالغة أن الحيوان الأعجم يرى ملاك الرب بينما يعمي الرجل الخارق الواصل إلى الإله عن ذلك، ثم ينطق الحيوان في حوار طويل عاقل مع صاحبه يحاوره!! ونأسف أشد الأسف حين نعرف في سفر آخر خبرًا سيئًا... أن جيش إسرائيل قتل بلعام في أحد غزواته البربرية على أرض فلسطين"(1)(2).
ج: 1- نُطقْ الأتان في هذه الحادثة ليس أسطورة ولا خرافة ولا حلم لبلعام ولا رؤية له، لكنها حقيقة، وعندما قال الكتاب " ففتح الرب فم الأتان فقال لبلعام" (عد 22: 28) نحن نصدق ذلك تمامًا، وهذه ليست المرة الأولى التي يتكلم فيها حيوان أعجم، فقد سبق للحيَّة أن تكلمت مع أمنا حواء " وكانت الحيَّة أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله. فقالت للمرأة.." (تك 3: 1) وحقيقة تكلُّم الأتان أكدها العهد الجديد عندما قال معلمنا بطرس الرسول عن المعلمين الكذبة " قد تركوا الطريق المستقيم فضلُّوا تابعين طريق بلعام بن بصور الذي أحب أجرة الإثم. ولكنه حصل على توبيخ تعديه إذ منع حماقة النبي حمار أعجم ناطقًا بصوت إنسان" (2بط 2: 15، 16) لقد أراد الله أن يُظهر لبلعام أنه قد أرتكب حماقة تستوجب تبكيت الحمار له.
2- لماذا لا يصدق الأستاذ عاطف عبد الغني أن الله أنطق حمار بلعام، مع أنه يصدق أن الطير كان يتكلم مع سليمان، وأن النملة تكلمت وأدرك سليمان ماذا تقول، فجاء في سورة النمل " قالت نملة يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون. فتبسم ضاحكًا من قولها" (سورة النمل 18، 19) وعندما آخذ سليمان الهدهد بشدة لغيابه وهدَّد بذبحه، جاء الهدهد يدافع عن نفسه ويحكي لسليمان قصة أهل سباء وملكتهم وسجودهم للشمس، فأرسل معه سليمان كتاب لملكة سباء (راجع سورة النمل 22 - 28) وإن كان الأستاذ عاطف عبد الغني لا يصدق أن الله أنطق الحمار، فكيف يصدق أن الدابة ستكلم الناس " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يُوقنون" (سورة النمل 82).
3- لقد خاطب الشيطان أتباعه ليس من خلال كائنات حيَّة، بل من خلال أصنام حجرية، وعندما كانت الكعبة بيتًا للأصنام كان يسمع صوت بسبسة بها ليلًا، فإن كان الشيطان يُنطِق الأحجار، فهل تستكثر أن يفتح الله فم الأتان لتتكلم، ولطالما يَنطِق الشيطان من خلال من يتلبسهم، فتسمع المرأة تتكلم بصوت الرجل، والرجل يتكلم بصوت الطفل وهلم جرا...
_____
(1) راجع أيضًا أحمد ديدات - عتاد الجهاد ص 14 تحت عنوان خرافات غير معقولة.
(2) أساطير التوراة ص 102 - 104.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/819.html
تقصير الرابط:
tak.la/s5hgdf3