St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

815- هل بلعام نبي الله الذي يتمسك بأقوال الله "لا أقدر أتجاوز قول الرب إلهي" (عد 22: 18) ويحل عليه روح الرب "وكان عليه روح الله" (عد 24: 2) وقد وضع الله على فمه نبوءات (عد 24) أم أنه كان عرافًا "وحلوان العرافة في أيديهم" (عد 22: 7)؟

 

ويقول عاطف عبد الغني عن بلعام " لم تكشف التوراة ولن تكشف عن هويته ومعتقده، هل هو نبي؟ أم رجل صالح، أم شيخ يُستأجر للعن ومنح البركة على درجة المتنبئين الذي كثروا في بني إسرائيل"(1).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: لم يكن بلعام بن بعور من شعب الله، ولكنه كان مستقرًا في المنطقة، ويبدو أنه كان مشهورًا حتى أن بالاق عندما استدعاه قال " لأني عرفتُ أن الذي تباركه مُبارك والذي تلعنه ملعون" (عد 22: 6) وقد دعاه بطرس الرسول " بلعام بن بصور" (2 بط 2: 15) فربما دُعي هكذا في اليونانية لأن حرف العين لا يوجد فيها فاستعاضوا عنه بحرف الصاد، فالفرق بين بعور وبصور هو الفرق في حرف واحد، وربما كان والد بلعام له اسمان، بعور وبصور، وقد اختلفت الآراء في شخصية بلعام، فهناك من قال عنه أنه ساحر عرَّاف، وهناك من قال عنه أنه نبي حقيقي للرب وله نبوءته، وفيما يلي نعرض للرأيين:

الرأي الأول: بلعام نبي كذاب وساحر وعرَّاف بدليل:

1- قال الكتاب عن رسل بالاق الذي أرسلهم لبلعام " وحلوان العرافة في أيديهم" (عد 22: 7) وقال موسى النبي " لا يدخل عموني ولا موآبي في جماعة الرب حتى الجيل العاشر.. لأنهم استأجروا عليك بلعام بن بعور من فتور آرام النهرين لكي يلعنك. ولكن لم يشأ الرب إلهك أن يسمع لبلعام فحوَّل لأجلك الرب إلهك اللعنة إلى بركة لأن الرب إلهك قد أحبك" (تث 23: 3 - 5).

 

2- قال يشوع بن نون " وبلعام بن بعور العرَّاف قتله بنو إسرائيل بالسيف مع قتلاهم" (يش 13: 22).

 

3- جاء عنه في سفر الرؤيا عندما عاتب الله ملاك كنيسة برغامس قائلًا " عندي عليك قليل. إن عندك هناك قومًا متمسكين بتعليم بلعام الذي كان يعلم بالاق أن يلقي معثرة أمام بني إسرائيل أن يأكلوا ما ذُبح للأوثان ويزنوا" (رؤ 2: 14).

 

4- بينما كان شعب الله يقدمون ذبائحهم على مذبح واحد هو مذبح المحرقة بخيمة الاجتماع، فإن بلعام أقام عدة مذابح وفي أماكن متفرقة " فقال بلعام لبالاق ابن لي ههنا سبعة مذابح وهيَّ لي ههنا سبعة ثيران وسبعة كباش" (عد 23: 1) فلو كان بلعام رجل الله لالتزم بمبادئ الشريعة.

 

5- أشرك بلعام الملك الوثني بالاق في إصعاد الذبائح " وأصعد بالاق وبلعام ثورًا وكبشًا على كل مذبح" (عد 23: 2).

 

6- لم يقتنع بلعام بكلام الله لا مرة ولا مرتين، بل ظل يكرّر محاولاته السمجة لعل الله يغير رأيه، حتى بعد أن أكد الله له أنه " ليس الله إنسانًا فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل. أو يتكلم ولا يفي" (عد 23: 19) عاد وطلب من بالاق أن يبني له سبعة مذابح (عد 23: 29).

 

7- ربط عرافوا الأمم الرؤى بالأماكن المرتفعة، وهكذا فعل بلعام " فقال بلعام قف عند محرقتك فأنطلق أنا لعل الرب يوافي للقائي.. ثم انطلق إلى رابية" (عد 23: 3).

 

8- قال بلعام " لتمت نفسي موت الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم" (عد 23: 10) ولم تتحقَّق طلبته إنما مات بسيف بني إسرائيل (يش 13: 22) بعد أن أعطى مشورته الشريرة لملك موآب، فدفع بالفتيات الموآبيات ليزنين مع شباب الإسرائيليين (عد 25: 1، 2) فوقع إسرائيل تحت اللعنة وبهذا وصل بلعام إلى هدفه الشرير، فصارا مثالًا للعثرة.

 

9- قال القس صموئيل يوسف عنه " بلعام بن بعور وهو ساحر بابلي من فتور التي على النهر (عد 22: 5).. لأن شعب إسرائيل شعب مميز خصصه الرب لذاته (تث 7: 6، 7، 8) فلا سحر ولا شعوذة أو إغراء مادي سخي يمنع بركات الرب عن هذا الشعب. وقد زعم كثيرون أن بلعام بن بعور كان نبيًا للرب. إلاَّ أن علماء الكتاب المقدَّس يرون بأنه كان رجلًا ساحرًا شريرًا أتى من بلاد ما بين النهرين حيث عبادة الأوثان (تث 23: 4 - 5) وقد أعطاه الله طبيعة مغايرة لطبيعته، كما أعطى للآتان طبيعة الكلام على غير طبيعتها (حيوان أعجم)"(2).

 

10- وماذا عن نبوءة بلعام عن مجيء السيد المسيح؟

هذه النبوءة وضعها الروح القدس على فم بلعام، مثلها مثل رسل شاول الذين أرسلهم للقبض على داود، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. " كان روح الله على رسل شاول فتنبأوا هم أيضًا. وأخبروا شاول فأرسل رسلًا آخرين فتنبأوا هم أيضًا. ثم عاد شاول فأرسل رسلًا ثالثة فتنبأوا هم أيضًا" (1صم 19: 20، 21) بل وعندما ذهب شاول نفسه " فكان عليه روح الرب.. وتنبأ هو أيضًا.. لذلك يقولون أشاول أيضًا بين الأنبياء" (1 صم 19: 23، 24) وبنفس المقياس نقول: أبلعام أيضًا بين الأنبياء..؟! لقد كانت نبوءة بلعام مثلها مثل نبوءة قيافا عن موت المسيح الكفاري عندما قال " أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها. ولم يقل هذا من نفسه بل إذ كان رئيسًا للكهنة من تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة.." (يو 11: 50 - 52).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: "So Balaam rose in the morning, saddled his donkey, and went with the princes of Moab" (Numbers 22: 21) - Numbers, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فقام بلعام صباحا وشد على أتانه وانطلق مع رؤساء موآب" (العدد 22: 21) - صور سفر العدد، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: "So Balaam rose in the morning, saddled his donkey, and went with the princes of Moab" (Numbers 22: 21) - Numbers, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فقام بلعام صباحا وشد على أتانه وانطلق مع رؤساء موآب" (العدد 22: 21) - صور سفر العدد، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

الرأي الثاني: بلعام نبي حقيقي للرب، وله نبوءته:

1- كان الله يتكلم معه:

- " فأتى الله إلى بلعام" (عد 22: 9).

- " فقال الله لبلعام" (عد 22: 11).

- " كشف الرب عن عيني بلعام فأبصر ملاك الرب" (عد 22: 31).

- قال بلعام " ولو أعطاني بالاق ملء بيته فضة وذهبًا لا أقدر أن أتجاوز قول الرب إلهي لأعمل صغيرًا أو كبيرًا" (عد 22: 18).

- " فوضع الرب كلامًا في فم بلعام" (عد 23: 5).

- " فوافى الرب بلعام ووضع كلامًا في فمه" (عد 33: 16).

 

2- نطق بلعام بخمس نبوءات قوية (عد 23، 24) كما قال أصحاب هذا الرأي أن نعمة الله تشمل الأممي الذي يتعبد بصدق وإخلاص لله، وتغافلوا أن بلعام لم يكن لديه هذا الصدق وذاك الإخلاص كما كان كرنيليوس قائد المئة الأممي، مما دفع نعمة الله لافتقاده.

 

3- لو كان بلعام نبيًا حقيقيًا، فكيف يخطئ في حق شعب الله، ويوصي بالاق بأن يلقي معثرة لبني إسرائيل..؟ أجاب أصحاب هذا الرأي قائلين بأن النبوءة ليست وظيفة دائمة تلازم الإنسان طوال حياته، لكن يمكن أن يُعطى الإنسان روح النبوءة في ظروف معينة ولفترة محددة، فمثلًا كان ناثان نبيًا، وعندما أراد داود أن يبني بيتًا لله قال له ناثان " أذهب أفعل كل ما بقلبك لأن الرب معك" (2 صم 7: 3) ولم تكن هذه إرادة الله، ففي تلك الليلة كان كلام الرب لناثان ليخبر داود قائلًا "متى كملت أيامك واضطجعت مع آبائك أُقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك وأثبت مملكته. هو يبني بيتًا لاسمي وأنا أُثبّت كرسي مملكته إلى الأبد" (2 صم 7: 12، 13) وكان أليشع نبيًا لله، وكان يعلم تحركات ملك آرام ويخبر الملك بها (2 مل 6) ومع هذا فإنه لم يعرف شيئًا عن موت ابن المرأة الشونمية وقال " الرب كتم الأمر عني ولم يخبرني" (2 مل 4: 27) إذًا النبوءة ليست وظيفة ملازمة للإنسان على طول الخط، إنما قد تأتي له أحيانًا، وقد تفارقه في أحيان أخرى.

ويظهر من العرض السابق أن الرأي الأول هو الأصح والأقوى.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) أساطير التوراة ص 102.

(2) المدخل إلى العهد القديم ص 167.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/815.html

تقصير الرابط:
tak.la/nk67bav