St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

816- كيف يأمر الله بلعام بعدم الذهاب إلى بالاق (عد 22: 12) ثم يغيّر رأيه فيأمره بالذهاب إليه، على أن يتبع أوامره (عد 22: 20) ثم يغيّر رأيه ثانية فيحمى غضبه ويرسل ملاكًا ليُهلك بلعام، ولا يهلكه..؟ ألا يدخل هذا في دائرة التخبط والمسخ؟!(1)

 

ويقول عاطف عبد الغني " لكن بلعام الرافض (عطايا الملك) يبيّت ضيوفه تلك الليلة أيضًا ليتنبأ أو يتصل بالرب ليشاوره مرة أخرى في الأمر... ويغير الإله موقفه فيأذن لبلعام في الذهاب مع رسل ملك الموآبيين على أن يتبع ما يأمره به فيما بعد، وبالفعل ينهض بلعام صباحًا وينطلق مع رؤساء موآب. وفجأة بلا أية مقدمات أو تبريرات تتغير إرادة الرب مرة ثانية... الرب يغضب من ذهاب بلعام مع رسل موآب ويرسل له ملاكًا يقاومه على الرغم من أنه هو الذي أمره بالذهاب... كيف؟!"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: "Then the Lord opened Balaam’s eyes, and he saw the Angel of the Lord standing in the way with His drawn sword in His hand; and he bowed his head and fell flat on his face" (Numbers 22: 31) - Numbers, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "ثم كشف الرب عن عيني بلعام، فأبصر ملاك الرب واقفا في الطريق وسيفه مسلول في يده، فخر ساجدا على وجهه" (العدد 22: 31) - صور سفر العدد، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: "Then the Lord opened Balaam’s eyes, and he saw the Angel of the Lord standing in the way with His drawn sword in His hand; and he bowed his head and fell flat on his face" (Numbers 22: 31) - Numbers, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "ثم كشف الرب عن عيني بلعام، فأبصر ملاك الرب واقفا في الطريق وسيفه مسلول في يده، فخر ساجدا على وجهه" (العدد 22: 31) - صور سفر العدد، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ج: 1- عندما أرسل بالاق رسله لبلعام في المرة الأولى، كان أمر الله لبلعام صريحًا وواضحًا " فقال الرب لبلعام لا تذهب معهم ولا تلعن الشعب لأنه مبارك" (عد 22: 12) فعاد بالاق وأرسل رؤساء أكثر وأعظم ليغري بلعام قائلًا " لأني أكرمك إكرامًا عظيمًا وكل ما تقول لي أفعله" (عد 22: 17) فمال قلب بلعام لفضة بالاق وذهبه، رغم أنه أظهر غير ما أبطن قائلًا " ولو أعطاني بالاق ملء بيته فضة وذهبًا لا أقدر أن أتجاوز قول الرب إلهي" (عد 22: 18) بينما كان قلبه مشغولًا بالذهب، ويشتاق لو أن الله يغير رأيه. بل حاول بلعام أن ينتزع موافقة الله على لعن الشعب، بدليل إقامته للمذابح وإصعاده للمحرقات عدة مرات لعل الله يلبي رغبته القلبية في لعن الشعب، وبهذا يحصل على مبتغاه من ذهب بالاق.

 

2- كان بلعام يعلم إرادة الله جيدًا منذ المرة الأولى، فكان يجب عليه أن يرفض طلب بالاق للمرة الثانية في الحال، ولكن بلعام قبِل إليه الرسل قائلًا " فالآن أمكثوا هنا أنتم أيضًا هذه الليلة لأعلم ماذا يعود الرب يكلمني به" (عد 22: 19) فهذا التصرف ينطوي على عدم الولاء الكامل لله، فأعطاه الرب بحسب قلبه، كقول المزمور " فأعطاهم سؤلهم وأرسل هزالًا في أنفسهم" (مز 106: 15) وقال له الرب " إن أتى الرجال ليدعوك فقم أذهب معهم. إنما تعمل الأمر الذي أكلمك به فقط" (عد 22: 20).

 

3- لقد طمع بلعام في هدايا بالاق " فحمى غضب الرب لأنه منطلق ووقف ملاك الرب في الطريق ليقاومه" (عد 22: 22) فذهاب بلعام إلى بالاق كان بسماح من الله، ولكنه ضد إرادة الله التي أعلنها واضحة منذ المرة الأولى، وهذا يشبه ابن يطلب من أبيه الذهاب إلى مكان معين، والأب يرفض هذا، فيظل الابن يلح ويلح حتى يحصل على موافقة أبيه ولو كان متضررًا من هذا، ويظن أنه قد حصل على رضى والده، والحقيقة أنه حصل فقط على موافقته ولم يحصل على رضاه.

وموافقة الله لبلعام هنا تشبه أيضًا موافقته فيما بعد لبني إسرائيل لإقامة ملكًا عليهم " فقال الرب لصموئيل اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك. لأنهم لم يرفضوك أنت بل إياي رفضوا حتى لا أملك عليهم" (1صم 8: 7) وهذا ما أكده الله في سفر هوشع قائلًا " أنا أعطيتك ملكًا بغضبي وأخذته بسخطي" (هو 13: 11) فعندما سمح الله لبلعام بالذهاب مع رسل بالاق لم يكن ذلك رغبة من الله، ولكن كان تلبية لرغبة دفينة في قلب بلعام، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وأراد الله أن يوضح هذه الحقيقة لذلك أرسل ملاكه ليقاوم النبي الطامع في ثروة بالاق، ويلقنه درسًا على لسان حمار أعجم، ومع هذا فإن بلعام لم يتعظ، بل أظهر نيته الحقيقية عندما أعطى بالاق نصيحته الشيطانية، فدفع ببنات موآب ليزنوا مع شباب إسرائيل " وابتدأ الشعب يزنون مع بنات موآب. فدعون الشعب إلى ذبائح آلهتهن فأكل الشعب وسجدوا لآلهتهنَّ. وتعلق إسرائيل ببعل فغور. فحمى غضب الرب على إسرائيل" (عد 25: 1 - 3) وسرى الوباء في بني إسرائيل فأكل منهم أربعة وعشرين ألفًا.

 

4- يقول نورمين جيسلر " أن تصرفات بلعام تكشف عن أنه فَرَّق بين إطاعة أمر الله، وإطاعة جشع قلبه للثروة التي وعده بها بالاق، وبالرغم من أن الله قد نهى بلعام بصراحة ألاَّ يذهب إلى بالاق (عد 22: 12) ولكن عرضْ بالاق الغنىَ والثروة على بلعام (عد 22: 17) أغرى بلعام، مما جعله يذهب ثانية لله ملتمسًا منه السماح بالذهاب إلى بالاق، وكان هذا بسبب نفس بلعام الشريرة وشهوة قلبه الطامعة في عطايا بالاق، ولذلك أرسل الله ملاكه ليقف في الطريق مقاومًا بلعام، ليس بقصد قتل بلعام، لأنه لو كان يريد قتله ما كان يسمح للحمار أن يرى الملاك ويميل عنه ليتحاشى السيف. إنما أرسل الله ملاكه إلى بلعام ليذكّره بأن يتكلم بالكلام الذي أملاه عليه الله فقط. وقد وضحت شهوة قلب بلعام جلية في أنه لم يلعن إسرائيل صراحة، إنما نصح بالاق أن يفسد إسرائيل، وذلك بأن يرسل نسائه ليتزوجن برجال بني إسرائيل ليقودهم إلى الوثنية (2 بط 2: 15، رؤ 2: 14) فنهم بلعام وجشعه قاده إلى تدبير وسيلة لمساعدة أعداء بني إسرائيل، دون أن يعصي أمر الله بصورة مباشرة (عد 31: 16)"(3)(4).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) البهريز جـ1 س214.

(2) أساطير التوراة ص 101.

(3) When Critics Ask , p 108.

(4) ترجمة خاصة بتصرف قام بها الأستاذ الباحث رمزي زكي، وأيضًا أحد الأحباء الإكليريكيين بالإسكندرية.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/816.html

تقصير الرابط:
tak.la/bxn926x