ويقول الأستاذ محمد قاسم " رغم اختلاف المؤرخين في موقع " برية فاران " هل هي في سيناء، أو بين سيناء وكنعان فقط، إذ هي ممتدة لتشمل جبال الحجاز، إلاَّ أنهم جميعًا يتفقون أنها جنوب كنعان على الأقل وليس شماله. وقول التوراة أصعدوا إلى الجنوب (للذهاب إلى كنعان) وهم في فاران يعتبر خطأ جغرافيًا خاصة إذا علمنا أنهم لم يقتصروا على جنوب كنعان بل وصلوا إلى حماة. أما لو علمنا أن كاتب التوراة لم يكن موسى، بل كُتبت أثناء سبي بابل (شمال شرق كنعان) لأصبح من السهل تقبُّل " أصعدوا من هناك إلى الجنوب " قاصدين كنعان"(2).
ج: 1- قال موسى النبي للجواسيس " أصعدوا من هنا إلى الجنوب وأطلعوا إلى الجبل" (عد 13: 17) فقوله أصعدوا أي اتجهوا شمالًا، وتكرَّر المعنى " فصعدوا وتجسَّسوا الأرض في بريَّة صين إلى رحوب في مدخل حماة، صعدوا إلى الجنوب وأتوا إلى حبرون" (عد 13: 21، 22) وكان موسى يعرف موقع حبرون جيدًا بل يعرف تاريخ إنشاءها لذلك قال " وأما حبرون فبُنيت قبل صوعن مصر بسبع سنين" (عد 13: 22).. إذًا ما هو المقصود بالجنوب؟ المقصود بالجنوب جنوب أرض كنعان، فمعنى القول: أصعدوا من هنا شمالًا إلى حبرون التي تقع جنوب أرض كنعان، وهذا ما أوضحه موسى النبي في نفس الإصحاح " العمالقة ساكنون في أرض الجنوب والحثيون واليبوسيون والأموريون ساكنون في الجبل والكنعانيون ساكنون عند البحر وعلى جانب الأردن" (عد 13: 29) وهذا ما أوضحه أيضًا في سفر التثنية عندما قال الله لشعبه " كفاكم قعودًا في هذا الجبل. تحوَّلوا وارتحلوا وأدخلوا جبل الأموريين وكل ما يليه في العَرَبة والجبل والسهل والجنوب وساحل البحر أرض الكنعاني" (تث 1: 6، 7).
2- جاء في كتاب السنن القويم " وفي العبرانية " إلي نجب" (النقب) وهو القسم الجنوبي من البلاد (قابل بهذا ع 22) وكان القسم الجنوبي من تلك الأرض يُعرف بهذا الاسم. وهو أعلى قسم تلك الأرض وتربته مناسبة للفلاحة وهي كثيرة الكلأ والمراعي. الجبل أي الأرض الجبلية وهي قسم فلسطين الجبلي الذي كان يسكنه الحثيون واليابوسيون والأموريون. وسُمي " جبل الأموريين" (تث 1: 7) لأن الأموريين كانوا أقوى القبائل الكنعانية (أنظر ع 29) والمرجح أن الإشارة هنا إلى جبل معين هو أقرب أجزاء تلك الأرض إلى محلة الإسرائيليين (أنظر ص 14: 40)"(3).
3- يقول أ. أ. مَكراي A. A. Mac Rae " كلمة جنوب بالعبرية (بالنقب) وأفضل {إلى الجنوب}0 النقب هو الجزء الجنوبي... في فلسطين، ولهذا قد صار استعمال الكلمة طبيعيًا الجهة الجنوبية. وفي الغالب تشير إلى إقليم " النقب " كما هو الحال هنا في عد 13: 22، وفي تك 13: 1، 24: 620 والكلمة تستعمل حاليًا للدلالة على هذه المنطقة. وفي يش 15: 19 تعني الكلمة إقليمًا جافًا {إلى الجبل} هذا هو الوصف العادي للبلاد المتميزة بتلالها والتي تكون الجزء الأوسط من فلسطين والتي ظهرت معظم حوادث التاريخ الكتابي على مسرحها"(4).
4- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس " كان الشعب وقتئذ في برية فاران (ص 12: 16) وقد أمر موسى الرجال أن يذهبوا أولًا (إلى الجنوب ويطلعوا على الجبل) والمقصود (بالجنوب) المناطق الواقعة جنوبي فلسطين مثل برية صين والأراضي المجاورة لها، والمقصود (بالجبل) إما الأرض الجبلية في تلك المناطق، أو جبل سعير الواقع بين خليج العقبة والبحر الميت (تث 1: 2) أو جبل آخر من جبال فلسطين كان معلومًا لديهم"(5).
5- القول بأن التوراة أخذت شكلها النهائي بعد العودة من السبي، سبق الرد عليه مرارًا وتكرارًا(6).
_____
(1) البهريز - مذكرة س313.
(2) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 177.
(3) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 2 ص 271.
(4) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 1 ص 373، 374.
(5) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر العدد ص 194.
(6) راجع مدارس النقد جـ 1 ص 79 - 226، جـ 3 س319.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/788.html
تقصير الرابط:
tak.la/668vgsw