ج: 1- لم يعاقب الله شعبه لأنهم أكلوا من طيور السلوى التي منحهم إياها، إنما عاقبهم بسبب تذمرهم السابق " واللفيف الذي في وسطكم اشتهى شهوة. فعاد بنو إسرائيل أيضًا وبكوا وقالوا من يطعمنا لحمًا. قد تذكرنا السمك الذي كنا نأكله في مصر مجانًا... والآن قد يبست أنفسنا. ليس شيء غير أن أعيننا إلى هذا المن" (عد 11: 4 - 6) لقد تذمروا، وتذكَّروا السمك الذي كانوا يصطادونه من النيل، وتغافلوا المهانة والمذلة والعبودية التي عانوا منها في أرض العبودية. وأيضًا عاقبهم الله على التهامهم هذه الطيور بشراهة، دون أن يقدموا كلمة شكر لإلههم " وإذا كان اللحم بين أسنانهم قبل أن ينقطع حمى غضب الرب على الشعب وضرب الرب الشعب ضربة عظيمة. فدُعي اسم ذلك الموضع قبروت هتَّأوة لأنهم هناك دفنوا القوم الذين اشتهوا" (عد 11: 33، 34).
2- يقول نورمين جيسلر " من الضروري أن نرى عقاب الله في ضوء الأحداث التي أدت إلى ذلك، ففي (عد 11: 1 - 3) نجد أن شعب الله بدأ يتذمر... {وكان الشعب كأنهم يشتكون شرًا في أذني الرب وسمع الرب فحمى غضبه. فاشتعلت فيهم نار الرب وأحرقت في طرف المحلة..} هذا هو السبب المباشر في عقابهم الأول، ذلك لأنهم رفضوا عطايا الله السابقة لهم، ويبدو أنهم تناسوا نير العبودية وأن الله أنقذهم منها، وهذا التصرف أثار غضب الله، فحلت العقوبة بهم لتأديبهم.
وفي الآية (عد 11: 4) بدأ الناس يتذمرون ثانية لأنهم يريدون لحمًا بدلًا من المن الذي أمدهم الله به، ومن الواضح أنهم لم يستوعبوا الدرس. وهذا التصرف أثار أيضًا غضب الله ثانية، وفي (عد 11: 10) قال {ساء ذلك في عيني موسى} فعاقبهم الله ثانية، وأعطاهم ما كانوا يطلبونه تمامًا، وكرد فعل لموقفهم العاصي والجاحد أخبر الله موسى أن يبلغ شعبه {يعطيكم الرب لحمًا فتأكلونه... حتى يخرج من مناخريكم ويصير لكم كراهة لأنكم رفضتم الرب الذي في وسطكم وبكيتم أمامه قائلين لماذا أخرجنا من مصر} (عد 11: 18 - 20).
وحتى بعد هذا التحذير لم يفهموا، فعندما منحهم الله السلوى في (عد 11: 32) يقول {فقام الشعب كل ذلك النهار وكل الليل وكل يوم الغد وجمعوا السلوى} وهذا التصرف الجاحد غير النادم جعل عقاب الله يحل بهم، وفي (عد 11: 34) {فدُعي اسم ذلك الموضع قبروت هتَّاوة لأنهم هناك دفنوا القوم الذي اشتهوا} وبهذا ندرك أن الله لم يعاقبهم بسبب أكلهم السلوى بل بسبب فهمهم وشهوة قلوبهم الغير شاكرة لله"(1)(2).
3- يقول الشماس الدكتور حمدي صادق " فقام الشعب وجمع خلال ذلك النهار وكل الليل وكل يوم الغد، بطريقة شرهة نسوا فيها استطاعة الرب أن يعطيهم هذا في أي وقت، فلم يهتموا حتى بشكر الله وحمده، بل نسوا أنفسهم. وواضح أن الله حفظ اللحم في ثاني يوم حتى لا ينتن... فسطَّح الشعب اللحم كي يجف ولا يفسد... استخدموا حكمتهم لأجل بطونهم ولم يستخدمونها لأجل أرواحهم، فتركهم الرب لشهوة قلوبهم لكي يتذوقوا نتيجة الشهوة. فكانت لهم ضربة جسدية عظيمة... فكان الألم الذي هو عصا التأديب الخالدة منذ سقوط آدم بشهوته، علاجًا للشهوة الجسدية"(3).
_____
(1) When Critics Ask, P 102.
(2) ترجمة خاصة بتصرف قام بها الباحث الأستاذ رمزي زكي، وأيضًا أحد الأحباء الإكليريكيين بالإسكندرية.
(3) تفسير سفر العدد ص 87، 88.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/783.html
تقصير الرابط:
tak.la/8skh6k4