ج: من أهم سمات المعجزات أنها قوات، وعجائب، وآيات، وقد تجمعت هذه السمات الثلاث في معجزات السيد المسيح كقول معلمنا بطرس الرسول " يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضًا تعلمون" (أع 2: 22) ولا يمكن الاستغناء عن صفة من الصفات الثلاث، لأن كل منها يشير إلى جانب لا غنى عنه في توصيف المعجزة، ويقول " ترنش".. " إن كل لفظ (من الألفاظ الثلاث) يُجسّد صفة جوهرية واحدة لنفس الشيء، وليس من التأمل على حدة لأي لفظ بمفرده، ولكن بالتأمل فيها جميعًا يمكن التوصل لما نرغب أن نفهمه"(1).
1- قوات Dunamis: من سمات المعجزات أنها قوات، أي أنها تحتاج إلى قوة تفوق قدرة الإنسان، فالمعجزات الإلهيَّة لا يمكن أن تتم بمعزل عن قدرة الله الفائقة " فإنه هوذا الذي صنع الجبال وخلق الريح وأخبر الإنسان ما هو فكره الذي يجعل الفجر ظلامًا ويمشي على مشارف الأرض يهوه إله الجنود اسمه" (عا 4: 13).. " الذي صنع الثُريَّا والجبَّار ويحوْل ظل الموت صبحًا ويظلم النهار كالليل الذي يدعو مياه البحر ويصبُّها على وجه الأرض يهوه اسمه" (عا 5: 8).. " فإنه فيه خُلق الكل ما في السموات وما على الأرض. ما يُرى وما لا يُرى سواء كان عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خُلق" (كو 1: 16).
وقد وصف السيد المسيح المعجزات الإلهيَّة بالقوات قائلًا "وأنت يا كفر ناحوم المرتفعة إلى السماء ستهبطن إلى الهاوية. لأنه لو صًنعت في سدوم القوات المصنوعة فيك لبقيت إلى اليوم" (مت 11: 23).. " حينئذ ابتدأ يوبخ المدن التي صنعت فيها أكثر قواته لأنها لم تتب" (مت 11: 20) وقال عن الذين يصنعون المعجزات باسمه ويرتدون " كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة" (مت 7: 22) وقال عنه اليهود أهل وطنه " ولما جاء إلى وطنه كان يعلّمهم في مجمعهم حتى بهتوا وقالوا من أين لهذا هذه الحكمة والقوات" (مت 13: 54).
2- عجائب Terata: هذه السمة تنطبق على حالة المشاهدين وهم يشاهدون المعجزة، فتأخذهم الدهشة، كما تثير المعجزة فيهم العجب والانبهار والروعة والحيرة والخوف لعظمة ما حدث، وهذه بعض الآيات التي تصف مشاعر المشاهدين:
"وبهتوا إلى الغاية قائلين أنه عمل كل شيء حسنًا. جعل الصم يسمعون والخرس يتكلمون" (مر 7: 37).
"وعرفوه أنه هو الذي كان يجلس لأجل الصدقة على باب الهيكل الجميل. فامتلأوا دهشة وحيرة لما حدث له" (أع 3: 10).
وقد استخدم الكتاب المقدَّس كلمة عجائب إشارة للمعجزات، فقال الرب " فأمدُّ يدي وأضرب مصر بكل عجائبي التي أصنع فيها. وبعد ذلك يطلقكم" (خر 3: 20) ورنم موسى وبنو إسرائيل للرب إلههم " من مثلك بين الآلهة يا رب. من مثلك معتزًا في القداسة. مخوفًا بالتسابيح. صانعًا عجائب" (خر 15: 11) وقال الرب عن عمله مع شعبه " ها أنا قاطع عهدًا. قدام جميع شعبك أفعل عجائب لم تخلق في كل الأرض وفي جميع الأمم. فيرى جميع الشعب الذي أنت في وسطه فعل الرب. أن الذي أنا فاعله معك رهيب" (خر 34: 10).
وقال استفانوس أول الشهداء " هذا أخرجهم صانعًا عجائب وآيات في أرض مصر وفي البحر الأحمر وفي البرية أربعين سنة" (أع 7: 36) ووصف سفر الأعمال المعجزات التي كان الله يجريها على أيدي الآباء الرسل قائلًا " وكانت عجائب وآيات كثيرة تجرى على أيدي الرسل" (أع 2: 43) وقال بولس الرسول عن خدمته " بقوة آياتٍ وعجائب بقوة روح الله" (رو 15: 19).
3- آيات Semeion: لفظة " آيات " تدل على أن الله قد أجرى المعجزة ليؤكد حقيقة معينة، فكلمة " آيات " تشير للغرض النهائي من المعجزات، ويقول " هربرت لوكير".. " نجد هنا كلمة تحمل معها إشارة خاصة لأهمية المعجزات كأختام صدَّق بها الله على من قام بالمعجزة بنفسه"(2).
وقد دعى الرب المعجزات التي أجراها في مصر آيات قائلًا " أن جميع الرجال الذين رأوا مجدي وآياتي التي عملتها في مصر وفي البرية" (عد 14: 22) وقال نحميا لإلهه " ورأيتَ ذلَّ آبائنا في مصر وسمعت صراخهم عند بحر سوف. وأظهرت آيات وعجائب على فرعون وعلى جميع عبيده وعلى كل شعب أرضه" (نح 9: 10).
وطلب اليهود آية من السيد المسيح " حينئذ أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين يا معلم نريد أن نرى منك آية. فأجاب وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تُعطى له آية إلاَّ آية يونان النبي" (مت 12: 38، 39).. " وجاء إليه الفريسيون والصدوقيون ليجربوه فسألوه أن يريهم آية من السماء... جيل شرير فاسق يلتمس آية. ولا تُعطى له آية إلاَّ آية يونان النبي" (مت 16: 1، 4)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وطلب هيرودس أن يرى معجزة " وأما هيرودس فلما رأى يسوع فرح جدًا لأنه كان يريد من زمان طويل أن يراه... وترجى أن يرى آية تًصنع منه" (لو 23: 8) وقال الإنجيل عن أول معجزة أجراها السيد المسيح وأثرها في نفوس التلاميذ " هذه بداءة الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه" (يو 2: 11) وقال سفر الأعمال عن استفانوس " وأما استفانوس فإذ كان مملوءًا إيمانًا وقوة كان يصنع عجائب. وآيات عظيمة في الشعب" (أع 6: 8) وقال عن بولس وبرنابا " فأقاما زمانًا طويلًا يجاهران بالرب الذي كان يشهد لكلمة نعمته ويعطي أن تُجرى آيات وعجائب على أيديهما" (أع 14: 3) وقال بولس الرسول عن رجال الله الكارزين " شاهدًا الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب إرادته" (عب 2: 4).
_____
(1) هربرت لوكير - ترجمة ادوارد وديع عبد المسيح - كل المعجزات في الكتاب المقدَّس ص 13.
(2) كل المعجزات في الكتاب المقدَّس ص 14.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/65.html
تقصير الرابط:
tak.la/w7nzyhw