St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

629- هل عبر بنو إسرائيل مياه ضحلة؟ وهل عوامل المد والجذر والرياح هي التي جفَّفت المياه؟

 

قال " حيوي البلخي " أحد النُقَّاد اليهود في القرن التاسع عشر " أن موسى عرف زمن انحسار المياه بهبوطها وزمن تزايد المياه في ارتفاعها واستمرارها، وقام بالعبور بالشعب أثناء انحسار المياه طبقًا لنظريته، وأما فرعون فلم يكن عارفًا بأسلوب المياه على طبيعتها"(1).

St-Takla.org Image: God drove the sea back with a strong east wind and turned it into dry land. (Exodus 14: 21) - "Moses: red sea crossing" images set (Exodus 13:7 - 15:21): image (14) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "ومد موسى يده على البحر، فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل، وجعل البحر يابسة وانشق الماء" (الخروج 14: 21) - مجموعة "موسى وعبور البحر الأحمر" (الخروج 13: 7 - 15: 21) - صورة (14) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: God drove the sea back with a strong east wind and turned it into dry land. (Exodus 14: 21) - "Moses: red sea crossing" images set (Exodus 13:7 - 15:21): image (14) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "ومد موسى يده على البحر، فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل، وجعل البحر يابسة وانشق الماء" (الخروج 14: 21) - مجموعة "موسى وعبور البحر الأحمر" (الخروج 13: 7 - 15: 21) - صورة (14) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ويتساءل الأب سهيل قاشا مستنكرًا فكرة شق البحر الأحمر ويقول " هل وُجِد موسى فعلًا؟ بلا شك. ولكن ما هو دوره ؟ هل نتصوَّره وقد شق البحر الأحمر بإشارة منه لكي يعبره شعبه بانتظام؟! وهل نتصوَّره وهو يتنقل خلال أربعين عامًا على رأس {ست مئة ألف وثلاثة آلاف وخمس مئة وخمسين شخصًا ما عدا اللاويين} (عد 1: 46) في صحراء لا تستطيع أن تقيت ألفًا منهم؟!"(2).

ويقول الخوري بولس الفغالي عن العبرانيين الخارجين من أرض مصر " شكَّل هربْ هذا الخليط من الناس خبرة تحرُّر لا مثيل لها. وقد تكون بعض مركبات الجيش الفرعوني الرابطة على الحدود قد غرقت في مستنقعات تقع شمال البحر الأحمر. فرأى الهاربون في هذا الوضع انتصارًا لإلههم الذي حارب لأجلهم. ونقلت إلينا التوراة ردة قد تكون قريبة من الأحداث أنشدها الهاربون {أرنم للرب فإنه قد تعظَّم الفرس وراكبه طرحهما في البحر} (خر 15: 1)"(3).

كما يقول الخوري بولس الفغالي أيضًا " نحن هنا أمام رواية ملحمية ضخَّم الكاتب فيها الأحداث ليدل على قدرة الله. بحر القصب صار البحر الأحمر المعروف بعمق مياهه. والبحيرات المرة، حيث تكثر المستنقعات، وحيث يستطيع الإنسان أن يمر، صارت عمق البحر، والمياه سور عن اليمين وعن اليسار (خر 14: 22، 29) وقبائل الفارين صار جيشًا منظمًا يعد ستمائة ألف رجل ماعدا النساء والأطفال، أي ما يوازي المليونين أو الثلاثة ملايين، والحامية المصرية المركزة في أحد حصون الحدود تحوَّلت إلى كل جيش فرعون. وغرق بعض الجنود صار غرق كل جنود فرعون الذين لم يبقَ منهم أحد (خر 14: 28).. إن هناك عملية تضخيم تظهر قدرة الله"(4).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- تُعبّر الآراء السابقة عن مفهوم اللاهوت الليبرالي الرافض للمعجزات الكتابية، وقد تم مناقشة هذا الموضوع باستفاضة(5) لقد حاول أصحاب هذا الرأي إثبات أن العبور قد تم بطريقة طبيعية تخلو من عنصر الإعجاز، مع أن عنصر الإعجاز كان واضحًا، حتى لو سايرنا أصحاب هذا الرأي بأن المياه كانت ضحلة وعوامل المد والجزر جففت المياه فيثور أمامنا سؤال قاتل لهذه القضية وهو: كيف إذًا غرق فرعون ومركباته وفرسانه كقول الكتاب (خر 14: 27، 28) وأنظر لقول الكتاب " لم يبقَ منهم ولا واحد" (خر 14: 28)؟! هل الكتاب يكذب؟!

 

2- يرد القائمقام "ترتن" من فرقة المهندسين على القائلين بأن الخروج المعجزي وهم وخيال، فيقول "إن التاريخ اللاحق (لبني إسرائيل) يؤيد قصة الخروج تأييدًا قاطعًا لأن هذه الحادثة كان لها وقع لا مثيل له على مشاعر وكتابات وديانة شعب إسرائيل فديانتهم كلها مبنية عليها وجاء ذلك صريحًا في فاتحة الوصايا العشر (خر 20: 2) وأهم فرائضهم وهي عيد الفصح مقترنة بها، ولا يُعقل أن تؤسَّس مثل هذه الفريضة على مجرد أوهام خيالية... حتى لو لم تُكْتبْ هذه الأسفار الخمسة (قصة الخروج) فلنا في كتابات وديانة إسرائيل اللاحقة دليل ساطع على خروجهم من مصر بطريقة معجزية"(6).

 

3- يقول الأستاذ سليم حسن " وقد جاء في التوراة أنها ريح شرقية عاتية ظلت تهب طوال الليل، وهذه هي المعجزة، فكان الريح يهب في الاتجاه الصحيح في الوقت المناسب، وكان هبوبه شديدًا حتى جفف الأرض، وبذلك سار موسى وقومه على اليابس"(7).

St-Takla.org         Image: The Bahir Dar start of the Nile, from St-Takla.org's journey to Ethiopia, 2008 صورة: منابع النيل في بحر دار، من صور رحلة موقع الأنبا تكلا لإثيوبيا 2008

St-Takla.org Image: The Bahir Dar start of the Nile, from St-Takla.org's journey to Ethiopia, 2008 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April-June 2008

صورة في موقع الأنبا تكلا: منابع النيل في بحر دار، من صور رحلة موقع الأنبا تكلا لإثيوبيا 2008 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا، إبريل - يونيو 2008

 

4- عبر بنو إسرائيل بحر سوف وهو ما دُعي بالعبرية "يم سوف"، وكلمة "سوف" في اللغة العبرية يمكن أن تترجم إلى " الأعشاب البحرية أو قصب البردي"، ولذلك يمكن أن يُدعى " يم سوف " بحر الأعشاب البرية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولكن ليس معنى هذا أن بني إسرائيل عبروا من مكان ضحل ملئ بنباتات البردي، لأن نبات البردي أساسًا لا ينمو في المياه المالحة، بل في المياه العذبة على ضفاف نهر النيل، وحافة الترع المنشقة منه. إذًا العبور تم من خلال بحر سوف الذي هو البحر الأحمر، ويقول أحد الآباء الرهبان بدير القديس أنبا مقار " يتضح من ذلك أن طريق برية بحر سوف لا بُد أن يكون مرتبطًا بالبحر الأحمر، ويؤدي إلى البرية التي يحصرها البحر الأحمر بين خليجيه المشهورين: خليج السويس وخليج العقبة، التي هي برية سيناء"(8).

 

5- يؤكد الأستاذ سليم حسن أن نبات البردي كان ينبت في الدلتا (حيث المياه العذبة) فيقول " يضاف إلى ذلك أن كلمة سوفي معناها باللغة المصرية القديمة (البردي) وهو نبات ينبت في الدلتا والحدائق وتصنع منه الحصير، وهذه الكلمة لم تظهر في اللغة المصرية القديمة إلاَّ في عهد الدولة الحديثة، ويُسمى كذلك بالعبرية "سوف".."(9) كما يقول الأستاذ سليم حسن أيضًا " وقد لحق المصريون بالإسرائيليين في معسكرهم بالقرب من "يام سوف" ومعناها العبري حرفيًا "بحيرة البوص" واليم بالعربية (البحر) وخصَّ نيل مصر كما جاء في لسان العرب(10)"(11).

 

6- بعد أن شكَّك الأب سهيل قاشا في أحداث الخروج عاد يقول "وأنا في موقفي هذا لست أدحض فكرة ولا أنقض نصًا ولا أنكر حقيقة وردت في العهد القديم. إنما العكس هو الصحيح، فغايتي هو إثبات النص والفكرة، والتوافق بين ما ورد من نصوص بالعهد القديم والألواح العراقية القديمة، فكلاهما يحقق الآخر ويبرهن على صحته مع اختلاف في الطرح. حيث الجوهر واحد، والهدف واحد، إن الله الواحد الأحد هو الخالق الأعظم ومدبر الكون بعنايته"(12).

 

7- يقول القمص تادرس يعقوب "ويذهب كثير من العلماء إلى أن الخليج (خليج السويس) كان ممتدًا أيام موسى إلى منطقة البحيرات المرة على هيئة مستنقع ماء، ويرى البعض أن العبور كان بالقرب من الإسماعيلية، وآخرون أنه بالقرب من السويس"(13).

 

St-Takla.org Image: The people crossed through the sea with a wall of water either side of them. (Exodus 14: 22) - "Moses: red sea crossing" images set (Exodus 13:7 - 15:21): image (15) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة، والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم" (الخروج 14: 22) - مجموعة "موسى وعبور البحر الأحمر" (الخروج 13: 7 - 15: 21) - صورة (15) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: The people crossed through the sea with a wall of water either side of them. (Exodus 14: 22) - "Moses: red sea crossing" images set (Exodus 13:7 - 15:21): image (15) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة، والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم" (الخروج 14: 22) - مجموعة "موسى وعبور البحر الأحمر" (الخروج 13: 7 - 15: 21) - صورة (15) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

8- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس " لم يكن انشقاق البحر ظاهرة جغرافية عادية كالمد والجذر، أو نتيجة انفجار بركاني كما يظن البعض، ولم يترقب موسى حركات المد والجذر كما يدَّعي بعض المؤرخين الوثنيين أيضًا بدليل (أ) أن موسى عبر بشعبه نتيجة خروج فرعون وجيشه في أثرهم وليس بترتيبه الخاص (ب) أن المياه انشقت بمجرد أن مدَّ موسى عصاه على البحر، وبعدما عبر الشعب رجعت إلى مكانها بمجرد أن مدَّ عصاه أيضًا (ع 21، 37) (جـ) صاحب نزول الشعبين إلى قاع البحر حلول عمود السحاب والنار بينهما إذ ألقى نورًا على موسى وشعبه، وألقى ظلمة على فرعون وجيشه (د) وصاحب المعجزة أيضًا حدوث ظهورات معجزية أخرى أزعجت المصريين وجعلتهم يفكرون في الهرب (ع 14، 15) (هـ) فضلًا عن هذا فإن هذا الحادث لم يكن إلاَّ معجزة من معجزات كثيرة بينة، أجراها الله على يد موسى"(14).

 

9- جاء في التفسير التطبيقي " يعتقد بعض العلماء أن العبرانيين لم يعبروا البحر الأحمر ذاته، بل عبروا إحدى البحيرات الضحلة أو المستنقعات التي إلى شماله، وهي كثيرًا ما تجف في بعض أوقات السنة، ولكن الكتاب المقدَّس يقرر بوضوح أن الرب جعل البحر يابسة... وانشق الماء... " والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم" (خر 14: 21، 22) أنظر أيضًا (يش 3: 15، 16، 2 مل 2: 13، 14) ويعتقد البعض الآخر أن العبرانيين عبروا بحر الحلفاء، وهو موقع به قليل من الماء يقع إلى الشمال من البحر الأحمر، حيث الماء من الضحالة بحيث يمكن خوضه. ويعتقد البعض أيضًا أن البحر الأحمر كان يمتد في العصور القديمة شمالًا إلى أبعد ما هو عليه الآن. وهذه البحيرات الموجودة الآن هي بقايا امتداد الذراع الغربية للبحر وتُسمى الآن خليج السويس، والخلاصة هي أن الله الذي خلق الأرض والماء، أجرى معجزة عظيمة في الوقت المعين تمامًا ليظهر قوته العظيمة ومحبته للشعب"(15).

 

10- يناقش زينون كوسيدوفسكي هذه القضية فيقول أن خليج السويس (كقول البعض) لم يكن منذ 3500 سنة ينتهي بالسويس مثل اليوم، إنما كان يمتد حتى البحيرات المرة، وأن بني إسرائيل عبروا هذه المستنقعات الضحلة دون أن تبتل أرجلهم، الأمر الذي لما شرع فيه المصريون تحت عوامل المد ازداد ارتفاع الماء فغرقوا في هذه المستنقعات، ولكن الإشكال في قبول هذه النظرية هو أنه من المفروض أن يكون المصريين عارفين بطبيعة هذه المسالك،  فكيف لا يحذروا المسلك الخطر حتى أنهم غرقوا؟!(16).

 

11- جاء في دائرة المعارف الكتابية " البحر الأحمر الذي اجتازه الإسرائيليين بقيادة موسى، هو بلا شك الامتداد الشمالي لهذا البحر حيث كان يصل في الأزمنة القديمة إلى المداخل أبعد مما يصل إليه خليج السويس الآن (أنظر كتاب فيثوم مدينة المخازن لإدوارد نافيل وطريق الخروج) ولهذا العلاَّمة شرف تحديد موقع " سكوت " -بناء على الآثار- على أنها " تل رماشوتا " الحديثة والتي هي " فيثوم".. ثم أُطلق على المدينة فيما بعد اسم "هيروبوليس".."(17).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) زالمان شازار - تاريخ نقد العهد القديم ص 48.

(2) التوراة البابلية ص 423.

(3) تعرَّف إلى العهد القديم مع الآباء والأنبياء ص 53.

(4) البدايات أو مسيرة الإنسان إلى الله ص 180، 181.

(5) راجع مدارس النقد والتشكيك جـ 2 إجابة الأسئلة س129، س132، س133.

(6) البراهين العقلية والعلمية في صحة الديانة المسيحية طبعة ثانية سنة 1925 ص 151.

(7) مصر القديمة جـ6 ص135.

(8) شرح سفر الخروج ص 276.

(9) مصر القديمة جـ 7 ص 129.

(10) جـ 5 ص 104.

(11) المرجع السابق ص 134.

(12) التوراة البابلية ص 426.

(13) تفسير سفر الخروج ص8.

(14) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الخروج ص 155.

(15) التفسير التطبيقي ص 160، 161.

(16) راجع الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 133.

(17) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 233.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/629.html

تقصير الرابط:
tak.la/sw8c86m